أخبار عاجلة

رسائل عالم اجتماع من العالم الآخر.. للراحل د.سيد عويس

 الرسالة الآولي…
كتب عالم الاجتماع الراحل الدكتور سيد عويس هذه الدراسة بعنوان “من العوامل التي أدت إلي ظهور الجماعات الدينية المتطرفة” 1982.
ورأينا في “أحوال مصر” أن نعيد نشر رسائل العالم الجليل, في عدة مقالات لما لها من ارتباط بواقعنا وما تحتوية من فائدة وحقائق يمكن الاسترشاد بها.
إن هذه الورقة تحاول أن تجيب عن سؤالين ؟ 
الأول : ما هي العوامل التي أدت إلي ظهور الجماعات الدينية المتطرفة ؟ 
الثاني : ما هو العمل والحل ؟ 
ويلاحظ أن أهم المصادر التي تستند عليها الورقة الخبرة الذاتية للكاتب منذ عام 1930 وحتى الآن(عام 1982) . أي منذ خمسين عام أو يزيد . وتتضمن هذه الخبرة ما هو واقعي واجهه الكاتب في المجتمع المصري بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، وتتضمن أيضا ما استقاه الكاتب من مصادر نظرية تتصل اتصالا مباشرا بالموضوع الذي تتضمنه الورقة ، وتتضمن كذلك بعض ما وصل اليه الكاتب من نتائج هو وحده مسئول عنها ، فهي  مبنية علي ما وعاه من الواقع الحي وما تمثله من المصادر النظرية التي صادفته وصادفها وهو يواجه معركة الحياة التي عاشها في خلال فترة المجال الزمني التي يكتب عنها . 
والملاحظ أن مفهوم ” التطرف ” لغويا يعني ” تجاوز حد الاعتدال ” وهو في ضوء العلم ليس مطلقا . ونجده في المجتمع الإنساني كما نجده في الطبيعة . وصوره في المجتمع الإنساني تمثلها جماعات الأغلبية كما تمثلها جماعات الأقلية . فقد نجد في بعض المجتمعات أن جماعات الأغلبية هي التي تتطرف ( جماعات الأغلبية البيض مثلا في مجتمع الولايات المتحدة ) ، وقد نجد في   بعض المجتمعات أن جماعات الأقلية هي التي تتطرف ( جماعات الأقلية البيض في مجتمع جنوب أفريقيا ، ومنها أيضا جماعات الأقلية في السجون ) . وفي الطبيعة نجد التطرف الذي يمثله كل ما هو سالب وكل ما هو موجب .
والملاحظ أيضا أن ما يوجد في  المجتمع الإنساني وفي الطبيعة من تطرف هو في حقيقة الأمر نوع من التباين والتفاوت ، وهو يعني في واقع الأمر إثراء في المعرفة الإنسانية ، اذا وجد المناخ الثقافي الاجتماعي الذي يعترف فيما يتعلق بالمجتمع الإنساني بالرأي الآخر وييسر في هذا المجال الحوار ، والذي يعترف فيما يتعلق بالطبيعة بحق  الملايين من البشر علي تباين أنواعهم ومكاناتهم الاجتماعية ومستويات تعليمهم في الافادة من هذا الاثراء المعرفي . وقد يصبح التطرف ضارا اذا لم يتيسر هذا المناخ الثقافي الاجتماعي . فنجد أنه بدلا من أن يتسلط الانسان علي الطبيعة لمصلحة الملايين من البشر ، قد تتسلط أقلية لمصلحتها علي حساب هؤلاء الملايين من البشر ، وبدلا من أن يسود الحوار بين ممثلي الرأي وممثلي الرأي الآخر يسود التعصب أي التطرف في الرأي وتجاوز حد الاعتدال فيه وما قد يترتب علي ذلك من ألوان من السلوك الإنساني العنيف أحيانا أخري . 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *