أخبار عاجلة

التربية السياسية ودورها في الأوضاع السياسية الحالية في مصر

ومما لا شك فيه أن انتشار التعليم وسيلة من أقوم الوسائل وأقواها لتحقيق الديموقراطية الصالحة ولإعداد الشعب لمباشرة حقوقه السياسية كما ينبغي أن يباشرها. وما أشك فى أن من واجب المصريين بل من أخطر الواجبات على المصريين أن يبذلوا قصارى جهدهم ليعلموا الشعب ويثقفوه فى أقصر وقت ممكن، وعلى أحسن وجه ممكن. ولكنه التعليم ليس وحده الوسيلة القويمة لتحقيق الديموقراطية وإيصالها إلى قلوب الشعب وإجرائها فى عروقه. بل أعتقد أن هناك وسائل أخرى ليست أقل من التعليم أثراً فى تربية الشعب، ولعلها تكون أقوى منه أثراً وأعظم خطراً، لأنها لا تتصل بالحياة النظرية، وإنما تتصل بالحياة العملية اليومية التي يباشرها الناس حين يصبحون وحين يمسون.
فلابد من الاهتمام بالتنشئة السياسية السليمة للأبناء علي القواعد والمبادئ الإسلامية وترسيخ عدد من المفاهيم ذات الأولوية مثل مفهوم الشورى :
وهو العمود الفقري للتربية السياسية فلابد أن يفهم الطفل معنى الشورى وكيف أنها أمر إلهي من قبل أن يتطور العقل البشري ويدرك أهميتها ومحوريتها في العمران البشري تلك الشورى التي أمر الله عز وجل نبيه بتحقيقها داخل الجماعة المؤمنة وهي ركيزة من ركائز المؤمنين (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) الشورى: 38 .
و ينبغي أن يفهم الطفل مفهوم العدل و أنه لا يمكن للحياة أن تقوم بدون العدل فبه قامت السماوات والأرض وما البعث والنشور والحساب والجنة والنار إلا من أجل تحقيق هذا العدل ولذلك أمر به الله تعالى (إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) وبالتالي يفهم الطفل أن العدل هو سر نهضة الأمم ويطمح للحياة في ظلال دولة العدل.
كما يجب ان يدرك مفهوم الحرية وانه لا شئ أجمل من الحرية المسئولة وليس هناك ما هو أسوء من الحياة في سجن كبير ..ينبغي للطفل أن يعرف كيف كانت درجة الحرية التي يتمتع بها الصحابة وكيف كانوا يتحدثون مع النبي صلى الله عليه وسلم بكل حرية وبكل أدب وذلك في كافة المجالات فزوجاته يراجعنه في أمر البيت، والصحابة يتناقشون معه في الأمور العامة، فلا حرية عندما يتعلق الأمر بأمر أو نهي من الله عز وجل أما في أمور الحياة الأخرى فالأمر واسع ..مثلا تفهم الابنة ان ارتداء ملابس ضيقة أو شفافة ليس من الحرية الشخصية في شيء لأنه ضد الدين ثم لا مانع من التعرف على بعض الأسباب التي حرمت على الفتاة هذه النوعية من الملابس حتى تشمئز من هذا الفعل وتشعر أنه مناف للذوق السليم . ويكفي في هذا السياق أن يعرف الطفل أن الإسلام قد كفل حرية العقيدة وأنه لا إكراه في الدين وأنه لم يحدث على الإطلاق أن أجبر إنسان على اعتناق الإسلام.
وان يعرف النشء سلمية المعارضة : فلابد أن نربي أطفالنا على نبذ العنف والتنابز بالألقاب، وأن ندربهم على أسس الحوار الفعال بحيث يفهم الطفل أن العنف حتى لو كان لأخذ الحق مرفوض وغير مقبول ويعد تخريبا وتقويضا للنظام.
لا يمكن للطفل إدراك هذه المعاني المجردة دون أن يعايشها في حياته الأسرية فمهما تحدث الوالدان عن مفهوم الشورى وأهميته لن يشعر به الطفل إلا إذا كان بيته يعلي من شأن الشورى فيرى بعينيه والديه يتناقشان ويتشاوران ويتحاوران بهدوء ويطلبان رأيه فيما يخصه ويستمعان له باهتمام ثم يتناقشان معه باحترام قبل أن يصدر القرار. ولا مانع من الاستمتاع معه وإشباع تطلعاته السياسية الصغيرة عن طريق اللعب فمثلا من الممكن أن نلعب مع الطفل لعبة البرلمان ونطرح موضوع يخص الطفل ونجري تصويت عليه في قالب مرح وممتع ولكنه مؤثر.
والطفل إذا لم يشعر بالعدالة فلا جدوى من حديثا عن العدل معه وقد يكون الموقف واضح في نظر الوالدين ولكنه ليس كذلك في عقل الطفل الذي يحتاج لإيضاح حتى يشعر بتحقق العدالة.
وفي البيت بتعلم الطفل المفهوم الصحيح للحرية وكيف أن تعاليم الدين هي خط أحمر وماهية الحرية المسئولة فنقول للطفل عندما تأخذ لعبة أخيك دون إذنه أن هذه ليست حرية وإنما اعتداء وهو أمر غير مسموح به .
وفي البيت يتعلم الطفل أن من حقه الاعتراض ولكن بأدب وقواعد فلا يستخدم ألفاظ وإيماءات سيئة ولا يخرب وهكذا فإن بذور التربية السياسية للأبناء تبدأ من المنزل.
إن الذين يسألون عن مصدر هذا الشقاء الذي يثقل الحياة المصرية ويحول بينها وبين الاستقرار، ويجعل حياتها النيابية شيئاً يشبه أن يكون عبثاً ألا يتكلفوا كثيراً من البحث. فمصدر هذا الشقاء قريب جداً هو أننا لم نغرس شجرة الديموقراطيه الصحيحة فى كل قرية من قرى مصر، وفى كل مدينه من مدن مصر. ولو قد فعلنا منذ ثلاثين عاما لكانت لنا حال غير هذه الحال، ولكان من العسير جداً أن تتعرض مصر لما تتعرض له الآن من هذا الاضطراب والتخبط السياسي .
ويقول المثل الفرنسى: رب عمل متأخر خير من لا شئ، وقد أضعنا السنوات العديدة ، فهل من سبيل إلى أن نستدرك ما فات، ونبدأ الطريق من حيث ينبغى أن نبدأ، ونجعل سلطان الشعب وسيادته حقيقية واقعه لا كلاماً تمضى به الريح !
التربية السياسية ودورها في الاوضاع السياسية الحالية في مصر دكتور / هيثم عاطف حسن ومما لا شك فيه أن انتشار التعليم وسيلة من أقوم الوسائل وأقواها لتحقيق الديموقراطية الصالحة ولإعداد الشعب لمباشرة حقوقه السياسية كما ينبغي أن يباشرها. وما أشك فى أن من واجب المصريين بل من أخطر الواجبات على المصريين أن يبذلوا قصارى جهدهم ليعلموا الشعب ويثقفوه فى أقصر وقت ممكن، وعلى أحسن وجه ممكن. ولكنه التعليم ليس وحده الوسيلة القويمة لتحقيق الديموقراطية وإيصالها إلى قلوب الشعب وإجرائها فى عروقه. بل أعتقد أن هناك وسائل أخرى ليست أقل من التعليم أثراً فى تربية الشعب، ولعلها تكون أقوى منه أثراً وأعظم خطراً، لأنها لا تتصل بالحياة النظرية، وإنما تتصل بالحياة العملية اليومية التي يباشرها الناس حين يصبحون وحين يمسون. فلابد من الاهتمام بالتنشئة السياسية السليمة للأبناء علي القواعد والمبادئ الإسلامية وترسيخ عدد من المفاهيم ذات الأولوية مثل مفهوم الشورى : وهو العمود الفقري للتربية السياسية فلابد أن يفهم الطفل معنى الشورى وكيف أنها أمر إلهي من قبل أن يتطور العقل البشري ويدرك أهميتها ومحوريتها في العمران البشري تلك الشورى التي أمر الله عز وجل نبيه بتحقيقها داخل الجماعة المؤمنة وهي ركيزة من ركائز المؤمنين (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) الشورى: 38 . و ينبغي أن يفهم الطفل مفهوم العدل و أنه لا يمكن للحياة أن تقوم بدون العدل فبه قامت السماوات والأرض وما البعث والنشور والحساب والجنة والنار إلا من أجل تحقيق هذا العدل ولذلك أمر به الله تعالى (إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) وبالتالي يفهم الطفل أن العدل هو سر نهضة الأمم ويطمح للحياة في ظلال دولة العدل. كما يجب ان يدرك مفهوم الحرية وانه لا شئ أجمل من الحرية المسئولة وليس هناك ما هو أسوء من الحياة في سجن كبير ..ينبغي للطفل أن يعرف كيف كانت درجة الحرية التي يتمتع بها الصحابة وكيف كانوا يتحدثون مع النبي صلى الله عليه وسلم بكل حرية وبكل أدب وذلك في كافة المجالات فزوجاته يراجعنه في أمر البيت، والصحابة يتناقشون معه في الأمور العامة، فلا حرية عندما يتعلق الأمر بأمر أو نهي من الله عز وجل أما في أمور الحياة الأخرى فالأمر واسع ..مثلا تفهم الابنة ان ارتداء ملابس ضيقة أو شفافة ليس من الحرية الشخصية في شيء لأنه ضد الدين ثم لا مانع من التعرف على بعض الأسباب التي حرمت على الفتاة هذه النوعية من الملابس حتى تشمئز من هذا الفعل وتشعر أنه مناف للذوق السليم . ويكفي في هذا السياق أن يعرف الطفل أن الإسلام قد كفل حرية العقيدة وأنه لا إكراه في الدين وأنه لم يحدث على الإطلاق أن أجبر إنسان على اعتناق الإسلام. وان يعرف النشء سلمية المعارضة : فلابد أن نربي أطفالنا على نبذ العنف والتنابز بالألقاب، وأن ندربهم على أسس الحوار الفعال بحيث يفهم الطفل أن العنف حتى لو كان لأخذ الحق مرفوض وغير مقبول ويعد تخريبا وتقويضا للنظام. لا يمكن للطفل إدراك هذه المعاني المجردة دون أن يعايشها في حياته الأسرية فمهما تحدث الوالدان عن مفهوم الشورى وأهميته لن يشعر به الطفل إلا إذا كان بيته يعلي من شأن الشورى فيرى بعينيه والديه يتناقشان ويتشاوران ويتحاوران بهدوء ويطلبان رأيه فيما يخصه ويستمعان له باهتمام ثم يتناقشان معه باحترام قبل أن يصدر القرار. ولا مانع من الاستمتاع معه وإشباع تطلعاته السياسية الصغيرة عن طريق اللعب فمثلا من الممكن أن نلعب مع الطفل لعبة البرلمان ونطرح موضوع يخص الطفل ونجري تصويت عليه في قالب مرح وممتع ولكنه مؤثر. والطفل إذا لم يشعر بالعدالة فلا جدوى من حديثا عن العدل معه وقد يكون الموقف واضح في نظر الوالدين ولكنه ليس كذلك في عقل الطفل الذي يحتاج لإيضاح حتى يشعر بتحقق العدالة. وفي البيت بتعلم الطفل المفهوم الصحيح للحرية وكيف أن تعاليم الدين هي خط أحمر وماهية الحرية المسئولة فنقول للطفل عندما تأخذ لعبة أخيك دون إذنه أن هذه ليست حرية وإنما اعتداء وهو أمر غير مسموح به . وفي البيت يتعلم الطفل أن من حقه الاعتراض ولكن بأدب وقواعد فلا يستخدم ألفاظ وإيماءات سيئة ولا يخرب وهكذا فإن بذور التربية السياسية للأبناء تبدأ من المنزل. إن الذين يسألون عن مصدر هذا الشقاء الذي يثقل الحياة المصرية ويحول بينها وبين الاستقرار، ويجعل حياتها النيابية شيئاً يشبه أن يكون عبثاً ألا يتكلفوا كثيراً من البحث. فمصدر هذا الشقاء قريب جداً هو أننا لم نغرس شجرة الديموقراطيه الصحيحة فى كل قرية من قرى مصر، وفى كل مدينه من مدن مصر. ولو قد فعلنا منذ ثلاثين عاما لكانت لنا حال غير هذه الحال، ولكان من العسير جداً أن تتعرض مصر لما تتعرض له الآن من هذا الاضطراب والتخبط السياسي . ويقول المثل الفرنسى: رب عمل متأخر خير من لا شئ، وقد أضعنا السنوات العديدة ، فهل من سبيل إلى أن نستدرك ما فات، ونبدأ الطريق من حيث ينبغى أن نبدأ، ونجعل سلطان الشعب وسيادته حقيقية واقعه لا كلاماً تمضى به الريح !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *