أخبار عاجلة

هبه عبد العزيز تكتب… “وسلاما على روحك وفكرك,,”

إنكم تتحدثون كثيراً عن الثورة وتكتبون عن ضرورة الثورة ولكنكم لا تعرفون ولا تتقنون فن العمل الثورى… ما أحوجكم إلى دراسة التكتيك الثورى والاستراتيجية الثورية؟
– التعليم حق لكل مواطن ويأتى فى منزلة الماء والهواء.
– ما أكثر ما أعجب من نفسى، وما أسرع ما يستحيل هذا العجب إلى سخرية منها أول الأمر ثم إلى رثاء وعطف عليها، لا يعرض لى شىء غريب أو مألوف إلا وحاولت أن أتبين أصله وأرده إلى علته، وقد أبلغ من ذلك ما أريد فأرضى، وهذا نادر، وقد أعجز عن التعليل والتأويل فأسخط، وهذا كثير. وأنا على كل ساخرة من نفسى لهذا المرض الذى لا أجد منه برءاً، مرض التماس العلة والانتهاء إلى المصادر.
– بدونك أشعر أنى أعمى حقاً. أما وأنا معك، فإنى أتوصل إلى الشعور بكل شىء، وإنى أمتزج بكل الأشياء التى تحيط بى.
كلمات خطها وقالها الدكتور «طه حسين» منذ أكثر من 70 عاماً تقريباً.. وكم توقفت كثيراً وأنا أقرأ له واقرأ عنه.. فما هذا المنجم الإنسانى؟ وما هذه الطاقة الابداعية! مفكر سياسى هو أم شاعر.. فيلسوف أم عاشق!! ويبقى فى وجدانى أنه قاهر الظلام كما يطلقون عليه والذى تغلب على ذل العمى لينير لنا طريقا فى الحياة، أتأمله فأجد ثلاثية غريبة تجمع ما بين الإنسانية والفكر والأدب، فهو الباحث ذو النظرة العميقة جداً والأفكار التى تحلق فى سماء التنوير.
وأعلم تماماً أعزائى القراء أن الحديث عن «طه حسين» سواء المفكر أو العالم أو الشاعر أو الأديب أو الوزير أو العميد.. يحتاج لبحث ومساحة ووقت طويل لا يحتملها هذا المقال السريع. لذا اخترت إحدى روائع كتبه لنمر فى عجالة على بعض من نسماته الثقافية ونتنفس الحرية من منظوره العميق فى الأسطر المتبقية القادمة، إنه كتاب (مستقبل الثقافة فى مصر) والذى أعده فى وجهة نظرى الشخصية تجسيداً للملامح الفكرية لدكتور طه حسين بشكل عام، فهو يعبر فيه عن فكره فى التخطيط العملى والتطبيق أو التنفيذ المباشر لهذا الفكر.
وقد كان تأليف هذا الكتاب للرد على سؤال وجهه إليه بعض الشباب بعد توقيع معاهدة 1936م، وكتبه ليجيب فيه عن هذا السؤال الكبير: ما هو واجبنا الثقافى بعد تحقيق استقلالنا السياسى؟!
وقد أجاب دكتور طه حسين إجابة جادة للغاية, عميقة للغاية, عملية للغاية كذلك.. حيث أكد فى بداية الكتاب على أن الاستقلال والحرية مهمان جداً، إلا أنهما ليسوا على قدر أهمية ما يتضمنانه من تبعات, فالمهم من وجهة نظره هو تثبيت الديمقراطية. لذا يدعو بشكل حاسم أن «نبتعد عن الكلمات التى تغنى عن الأعمال التى تغنى». ويؤكد فى صفحاته على أن الحرية لا ولن تستقيم مع الجهل, ولذا ربط ما بين الثقافة والحرية، وما بين التعليم والثورة على الظلم.. كما يعرض فيه أيضا لقضية المعلم (حقوقه وواجباته).
إن كتاب «مستقبل الثقافة فى مصر» وثيقة لحقيقة فكر هذا الرجل العظيم الذى زاوج ما بين فكره العملى وواقعه المعاش وخاض لأجل ذلك معاركه الفكرية تلك المعارك الثقافية والسياسية، فقد كان يضع تفكيره دائما موضع التنفيذ وجعل من عقله وسيلة لتغيير الحياة من حوله.
ستظل حياة وفكر «طه حسين» منارة ملهمة وهادية لنا ولأجيال من بعدنا.. وختاماً أدعوكم جميعا أيها الكرام لقراءة الكتاب العميق بعمق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *