أخبار عاجلة

الرابطة العالمية لإنقاد أفريقيا الوسطى : طالبنا العالم المتحضر أن يوقف مايجري أمام عينه في أفريقيا الوسطى من عودة للقرون الوسطى!!

قال عضو الرابطة العالمية الدكتور إبراهيم الهدبان استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت:
منذ شهور والمسلمون في جمهورية أفريقيا الوسطى يتعرضون لإبادة بشرية منظمة وممنهجة على يد الميليشيات المسيحية المسلحة في هذه الدولة. قتل بدم بارد وتهجير لحوالي نصف مليون مسلم من مواطني هذه الدولة وفظائع ضد المدنيين والنساء والأطفال ودور العبادة شبيهة بمذابح راواندا بين التوتسي والهوتو والعالم “الحر” لا يحرك ساكنا ولا يفعل سوى التنديد والاستنكار!!

وأضاف الدكتور الهدبان بأن منظمة هيومان رايت واتش وصفت ما يحدث من فظائع ضد المسلمين في أفريقيا الوسطى تحت سمع وبصر القوات الفرنسية المتواجدة هناك والعالم أجمع يشاهد فصول الإبادة البشرية ولا يفعل شيئا!!

وأبدى الهدبان تعجبه ومجيبا عن سبب تحول بعض شباب المسلمين إلى الإرهاب وحمل السلاح ان الإجابة ظاهرة وواضحة أمام أعينكم حيث أن التقاعس الدولي عن حماية العزل هو من يدفعهم إلى حمل السلاح وحماية أنفسهم ومجتمعاتهم.

وختم الدكتور الهدبان تصريحه بأن الكارثة البشرية التي يعيشها المسلمون في أفريقيا الوسطى ستتسبب في نشوء جيل من المسلمين المتطرفين الذين فقدوا بيوتهم وأهلهم ظلما والظلم أيها السادة هو الوقود الذي يتغذى عليه التطرف والإرهاب.

وفي كلمة لعضو الرابطة السيد جاسم العون الوزير والعضو السابق في البرلمان الكويتي قال فيها:
لقد كانت الخلافة اﻻسلامية في اﻻستانة اسطنبول هي المظلة والخيمة التي يستظل تحتها العالم اﻻسلامي. وقد استمات الإستعمار الغربي بقيادة الكنيسة إلى اسقاط هذه الخلافة ، فتشرذم بعدها العالم الإسلامي وأصبح كيانات ودول .. ونجح الغرب بزرع بذور الشقاق والخلاف بينها .. وبعدها تقاسم الاستعمار هذه الدول فحظيت فرنسا بنصيب الأسد في افريقيا وظلت لعقود من الزمن تستعبد شعوبها وتستغل خيرات بلادهم .. وشاءت حكمة الله تبارك وتعالى ان يهيء لهذه الشعوب رجالا صدقوا الله فهبوا وتصدوا لهذا الإستعمار بكل الوسائل وقدموا النفس والنفيس حتى مكنهم الله من تحرير بلادهم ..

وأضاف الوزير العون : ان الاستعمار الفرنسي عاد الى افريقيا ولكن بطريقة اخرى فهو اليوم دخل الى افريقيا ليس بالمواجهة المباشرة ولكن كالحامي لحقوق الانسان وفض النزاعات وها هو اليوم في افريقيا الوسطى يدخل من خلال أيدي مرتزقة بالاكا الإرهابية فوجدوا في هذه الجماعه المتطرفة ضالتهم لتنفيذ مخططهم الأجرامي بإبادة جماعية للمسلمين العزل من قتل وتنكيل وتهجير وشتى صنوف العذاب .. كل ذلك تحت سمع وبصر مايسمى جمعيات حقوق الإنسان والهيئات والمنظمات العالميه التى مازالت تتفرج على هذه الأعمال الأجراميه التي تقوم بها هذه العصابات بمباركة ودعم الجيش الفرنسي في دولة أفريقيا الوسطى !!!

وطالب السيد جاسم العون فرنسا التي تدعي انها بلد الحريات والقانون ان تعود لرشدها وتثبت للعالم الذي لاتخفى عليه افعالها انها فعلا بلد للحريات والقانون وحقوق الإنسان ، و انها فعلا من دول العالم الحديث لا العصور الوسطى وان عليها ان تطبق القانون وتوقف مرتزقة بالاكا وتجبرهم فعلا على تسليم اسلحتهم، ولتتذكر فرنسا ان العالم العربي والإسلامي يراقبها ولكل فعل ردة فعل .. وليحذر الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون.

اما عضو الرابطة المحامي الدكتور محمد رشدي الوصيف فقال : (( إن العملة المزيفة لا تساوي ثمن الأكياس التي وضعت فيها )) إن اغتيال الاسلام والإنسان و ما يحدث في إفريقيا الوسطي من عمليات نازية عنصرية ما هو إلا ترجمة بربرية لفقدان الضمير الإنساني العالمي لدي المؤسسات الدولية القائمة على تحقيق الأمن والسلم الدوليين .. وورقية تلك المؤسسات وزيفها وسيطرة شريعة الغاب علي الساحة الدولية بالشكل والكيف الذي أدار بها الفكر النازي جرائمه التي سطرها على دماء البشرية في القرن الماضي .. وساعد علي ذلك ضعف و هشاشة التشريعات الدولية التي تدير تنظيم الحقوق والعلاقات الدولية من ناحية وعلاقتها بالشعوب أركان الدول من ناحية أخرى .. فدل ذلك على ان تلك التشريعات تم صنعها لتخدم الغرب ليستمروا في استعمارهم السابق لدول الاسلام ولكن بشكل جديد !!! و أنها تدار بالفكر الاستعماري الذي جعلها تخدم فقط أهدافه حتي أصبحت تلك التشريعات والزيف سواء ..

و أضاف الدكتور الوصيف : فبدلا من ان يكونوا حماة قاعدة الامن والسلم استعمروا تلك القواعد وزحفوا عليها متناسين ان العالم اليوم اصبح قرية صغيرة مكشوفة يرى الجميع ما يجري فيها .. فعلى الغرب ان يحترم المسلمين ليكسب احترامهم ، وعليهم التدخل فورا لوقف ما يحصل لإخواننا في افريقيا الوسطى وان تقوم المنظمات الحقوقية الدولية بدورها الحقيقي في محاسبة كل من مارس التعدي والقتل ضد مسلمي افريقيا الوسطى ومحاسبة مجرمي الحرب الذين تسببوا في القتل والتعذيب والتهجير القسري لهم.

وقال عضو الرابطة المحامي بدر ندا الديحاني :
انطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) تم إنشاء الرابطة العالمية لتسليط الضوء على معاناة إخواننا المسلمين في أفريقيا الوسطى ومدى الإبادة الجماعية التي يتعرضون لها من قبل الميليشيات المسيحية وبمساندة القوات الفرنسية التي تدعي تطبيق القانون وهي عنه بعيدة وتوجيه أنظار العالم لهذه الكارثة الكبرى والتي نتج عنها نزوح أكثر من مليون مسلم من أفريقيا الوسطى للهروب من هذه المعاناة التي يتعرضون لها في ظل تخاذل المنظمات الاسلامية والعالمية والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان المزيفة !!
لذلك أسسنا الرابطة للوقوف مع اخواننا المسلمين هناك ولوقف هذه الجرائم التي تتعارض مع القانون والمواثيق والأعراف الدولية.

وماذا بعد تمديد مهمة القوات الفرنسية في إفريقيا الوسطى ؟!

استمراراً للعملية العسكرية الفرنسية في إفريقياً الوسطى المسماة “سانجاريس” وافق نواب الجمعية الوطنية يوم الثلاثاء (25/2/2014) على تمديد العملية العسكرية الفرنسية فى جمهورية إفريقيا الوسطى، وحصل قرار التمديد على موافقة (428) صوتًا مقابل (14) صوتا معارضا فقط ، وامتناع (21) ، ويسري هذا القرار اعتبارًا من الأول من أبريل 2014 . كما تناولت وسائل الإعلام المختلفة تدشين الرئيس فرانسوا هولاند يوم الثلاثاء (18/2/2014) لنصب تذكارية لجنود مسلمين ضحوا من أجل فرنسا في الحربين العالميتين ، وغطت الحدث معظم وسائل الإعلام العالمية .

وفي قراءة لتوقيت الحدثين يدرك المرء أن فرنسا ماضية في سياستها المعادية للمسلمين في إفريقيا، وأن الساسة البرلمانيين قد وافقوا على الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية في إفريقيا الوسطى ، ففي الوقت الذين تضع نصبا تذكارية لمسلمين ماتوا قبل قرن من الزمان تقريبا يتم قتل مسلمين آخرين وتحت أعين القوات الفرنسية في إفريقيا الوسطى!! وبتواطئ فرنسي حسب شهود العيان، والوثائق المسرّبة عن جمعية الأبواب المفتوحة (Open doors) المسيحية!! وسط تعتيم إعلامي كبير، وتغييب للحقائق ، وفرض رأي واحد على مجريات الأحداث التي امتدت لأشهر منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة التي حاولت فرنسا تنفيذها بتنسيق مع رئيس الوزراء السابق ” نيكولا تينقاي” في عهد أول رئيس مسلم وهو “ميشيل دوجوتيا”، وذلك في الخامس من ديسمبر 2013، وما صاحب هذا التدخل من احتقان في بلد عاشت في معظم أحواله سلماً اجتماعياً بين المكونات الدينية منذ الاستقلال.

أفريقيا الوسطى لم تعرف حرباً أهلية أو طائفية إلا بعد التدخل الفرنسي تحت مظلة الأمم المتحدة!!

هذه الدولة عرفت حالات التمرد بشكل مستمر منذ الاستقلال (1960)، ولكنها لم تعرف حرباً أهلية أو طائفية إلا بعد التدخل الفرنسي تحت مظلة الأمم المتحدة وفقاً للقرار رقم (2127 ) الصادر بعد يوم من التدخل الفرنسي الميداني في دولة إفريقيا الوسطى ، فمع وصول الأفواج الأولى من القوات الفرنسية إلى منطقتي “بوار” و “بوانسجوا” الغنيتين بالألماس والمعادن الثمينة ، بدأت أولى عمليات التطهير العرقي ضد المجموعات العربية والفلاتا والهوسا من قبل مجموعة ” بيا” الإثنية ، ومن ثمّ امتد النزاع ليدخل الجانب التطهير الديني في هذه الدولة التي لم تشهد أحداثاً بهذا الحجم منذ نشأتها الأولى.

ووفقاً لفحوى هذه التسريبات فالقضية لن تقف عند إفريقيا الوسطى ، بل هي ممتدة إلى دول الجوار وفق سياسة تم وضعها من قبل مجلس الكنائس العالمي، وخاصة تشاد المستهدف الرئيسي من هذه الحملة، خصوصا بعد تعيين قس مشهور في السودان ساهم بشكل كبير في تقسيم السودان ، يدير حالياً الكنيسة الكاثوليكية في تشاد بعد وفاة رأس الكنيسة الكاثوليكية في تشاد وهو القس “متياس انقارتيري ميادي” الدي توفي في ليون الفرنسية في (19/11/2013).

هل فعلا فرنسا في عملية إنسانية في إفريقيا الوسطى!

سوّغت تدخلها الأخير في إفريقيا الوسطى في الخامس من ديسمبر 2013م بتحقيق الأمن والاستقرار، والقيام بأعمال إنسانية في مجتمع يشهد احتراباً أهلياً، إلا أنَّ كل الحقائق الميدانية والتصريحات التي أدلى بها المسؤولون الفرنسيون وعلى رأسهم الرئيس ” هولاند ” والعرف التاريخي لفرنسا تدل على أنها لم تشارك في أية عملية إنسانية في تاريخها ، بل أثبتت الوقائع التاريخية أن العقيدة الرأسمالية لم تعرف العمل الإنساني إلا وفقاً لقاعدة تحقيق المصالح الخاصة للدولة الغربية، وعندما يكون سبيلاً لتحقيق أهدافها الاقتصادية ، وهذا ما صرّح به قديماً نابليون بونابرت حين قال: ” تنطلق الحملة العسكرية لتدافع عن الدين الغربي المسيحي، وبعد مرورها يفسح المجال للتاجر، فالصورة واضحة، أولاً المبشر، وبعده الجندي، وأخيراً التاجر”.
وبهذا يتحدد الثالوث في العقلية الغربية، ثالوث الدين والقوة العسكرية والاستغلال الاقتصادي.

إذاً ماذا تفعل فرنسا في إفريقيا الوسطى؟!

​تعود الأزمات المتلاحقة في دولة إفريقيا الوسطى إلى النشأة الأولى للدولة الحديثة، فقد أنشئت هذه الدولة بعد فك الارتباط بينها وبين بعض دول الجوار، وخاصة تشاد، والكونغو الديمقراطية (زائير)، فعرفت تاريخياً بـ “أوبانقي ـ شاري” فجمعت بين أجزائها الجزء الجنوبي من تشاد، والجزء الشمالي من دولة “زائير”، وبعد الاتفاقية التي تمت بين بلجيكا و فرنسا، إبان انعقاد مؤتمر برلين لتقسيم مناطق النفوذ في إفريقيا (1884م)، تم الاتفاق بين الدولتين على الحدود الحالية بينهما، التي تحدها من الشمال منطقة “زنقو” ومن الجنوب بالنسبة لإفريقيا الوسطى منطقة “بانقي”، ولتقوم هذه الدولة الناشئة فقد ضمت إليها فرنسا أجزاء من مملكتي “باقرمي” في الشمال الغربي من إفريقيا الوسطى، و “وداي” في الجزء الشمالي الشرقي، كما تمَّ تحديد حدودها مع الكاميرون بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، وهيمنة كل من فرنسا وبريطانيا على ما يعرف اليوم بدولة الكاميرون ، فبنيت الدولة الحديثة لتحقيق المصالح الاقتصادية لفرنسا.

وبناء على الحدود التي نالت بها الاستقلال في (13/8/1960)، فقد جمعت إفريقيا الوسطى التي لا تتجاوز مساحتها (622,984كلم) عدداً من القبائل والإثنيات المختلفة، بالإضافة إلى التعدد في الديانات والمعتقدات، ومن أهمها الإسلام في شمال البلاد حيث الممالك الإسلامية، والوثنية في الجنوب، ولم تنتشر النصرانية في إفريقيا الوسطى حتى عام(1846م ) حين أنشأ “جريجوري السادس عشر” دائرة إفريقيا الوسطى في الفاتيكان، في إطار التسابق المحموم بين المجموعات التنصيرية الكاثوليكية و البروتستانتية، وتعززت أنشطة هذه الدائرة بجهود هذه المجموعة عندما انشأ المنصر “دانيال كمبوني” المعهد العالي للتدريب في مدينة ” فيرونا ” الإيطالية، وهو معهد متخصص في إعداد القساوسة والمنصّرين في عدد من الدول الإفريقية ومن بينها دولة إفريقيا الوسطى، وذلك في عام (1867م)، فانتشرت أول مجموعة تنصيرية في المنطقة المعروفة اليوم بـ “بانقي”، وهي العاصمة، فقد كانت نقطة انطلاق البعثات التنصيرية في أرجاء إفريقيا الوسطى، وخاصة الأجزاء الوسطى من البلاد.

هيمنة الكنيسة على إدارة الدولة

أنشئت الدولة الحديثة في أرض ما يعرف بإفريقيا الوسطى بناء على توجهات المستعمر وليست المكونات الاثنية والدينية في البلاد ، ومنذ ذلك التاريخ هيمنت الكنيسة وقبائل معينة تساندها على إدارة الدولة ، بل إن كثيراً من القساوسة الذين تولوا سدة الحكم لم يكونوا من المجموعات المحلية ، بل مجموعات تمّ إعداد وتدريبها لأداء المهمة في هذه الدولة كما كان الحال مع كل من “بوكاسا” و”باتاسي” و”بوزيزي” وأخيراً “كاثرين سامبا” الرئيسة الحالية المؤقتة، فالناظر إلى هذه المجموعات السياسية الكنسية أن مرجعيتها إما جنوب تشاد أو الكاميرون، وترتبط بعلاقات وصلات قبلية مع القبائل التي على الحدود، وحينما يتولى ابن القبيلة سدة الحكم في إفريقيا الوسطى فإنَّ أفراد القبيلة يكوّنون عماد السلطة السياسية على غرار ماهو معروف في إفريقيا.

وهذا ما جعل الأحداث الأخيرة تنحو منحى مختلفاً ، بحكم عاملين أساسين، وهما:
الأول : العامل الاستعماري الديني فجاء التدخل الفرنسي بناء على عدد من المسوّغات من بينها دعوات راعي الكنيسة الكاثوليكية “ديودونيه نزابالاينغا” منذ وصول ثوار سيليكا إلى الحكم بأن الخطر الإسلامي قادم، وبصلاة رئيس الجمهورية في الجامع المركزي في عيد الفطر الماضي أصبح الخطر محققاً، وهو ما عبر عنه بقوله: “إننا في مواجهة قنبلة، يمكن لأيّ مشعوذ شرير أن يفجر المنزل، لا أريد التقليل من المشكلة”، قاصداً أن الوضع خطير، والمشعوذ يعني به “المسلم”، فلا بدّ من دعم “المسيحيين” بالسلاح، قبل أن يتفاقم الوضع!!

كما انَّ القس “نيكولا غيري كويامي” الذي يترأس تحالف الإنجيليين في إفريقيا الوسطى صرح في أكثر من وسيلة إعلامية فرنسية، أنَّ ثمة “ابتزازاً” يجب تلافيه ومقاومته مع هذا المسلم الذي يتولى الحكم، والذي يقول سـ “نؤسلم البلاد”. مع أنَّ رئيس الجمهورية وفي أكثر من موقف أكّد أن جمهورية إفريقيا الوسطى دولة علمانية، يعيش المسيحيون والمسلمون في دولة علمانية، وقال في احدى المرات: “صحيح أنني مسلم لكن من واجبي خدمة وطني، وجميع مواطني إفريقيا الوسطى”

وشدد في أكثر من مرة على القول: “لم آت من أجل المسلمين، ولم آت فقط من أجل المسيحيين، جئت من أجل الجميع”. فلم تشفع له هذه الكلمات، ولم يحصل على اعتراف فرنسا والكنيسة به.
​بل ذهبت منظمة الأبواب المفتوحة “Open doors” المدافعة عن المسيحيين في العالم في نشراتها وتقاريرها الدورية بالقول “أن المسلمين يقتلون المسيحيين فعلى دول العالم وقف حملات المليشيات المسلمة ضدهم”!!

الإعلام الغربي صور سيلكا على أنها حركة اسلامية متعطشة لدماء المسيحيين ليعطي مبررا للتدخل الدولي!

بناء على هذه الحملات والنداءات المتكررة من المنظمات المسيحية والكنائس الغربية والمحلية بدأت عمليات تسليح وتدريب أفراد الجيش السابق للرئيس “بوزيزي”، وبمساندة الرئيس الكاميروني لعاملين مهمين؛ العامل القبلي ، والعامل السياسي خوفاً على منصبه ، بأن تتكرر الصورة في بلاده ويحكم المسلمون البلاد من جديد بعد سنوات من الإقصاء والتهميش ، وهنا تمَّ تكوين التحالف الدولي برئاسة فرنسا وعضوية مجلس الكنائس العالمية والمنظمات المسيحية المختلفة ، وعضوية كل من الكاميرون، و الكونغو، و مسؤولين في الحكومة التشادية، والكنيسة الكاثوليكية في تشاد ضمن هذا التحالف لإسقاط حكومة “سيلكا” ، وإبراز هذه الحركة للعالم بأنها حركة إسلامية متطرفة متعطشة لدماء المسيحيين ، وهو ما تمَّ في الإعلام الغربي وبلورته في بيانات صحفية، صاحبتها قرارات دولية بضرورة التدخل الدولي وبدعم من كل الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، فلم يكن التدخل الفرنسي إلا بناء على إدراكها أن مصالحها الاقتصادية في خطر ، لذا كان تحريك العامل الديني لتسويغ ذلك ، ومن ثمَّ تحريك العناصر المؤيدة لها في دول الجوار لتحقيق الهدف المنشود.

وبناء على هذه الرؤية فقد أصدرت مجموعة الأزمات الدولية تقريراً عن الحالة التي تمر بها دولة إفريقيا الوسطى، طارحة بعض الحلول للخروج من هذه الأزمة المستمرة منذ عام تقريباً منحياً باللائمة على مجموعة “السيلكا”، باعتبارها السبب الأساسي في الأزمة الحالية. إلا أن الذي نسيته أو تناسته هذه المجموعة في تشخيصها للإشكاليات التي تمر بها دولة إفريقيا الوسطى، قوة العامل الخارجي القبلي أو السياسي في الأزمة الأخيرة وخاصة من قبل فرنسا والكاميرون وجنوب إفريقيا، فكل الحقائق تدل على أن طريقة القتل الممنهج الذي تمارسه المليشيات المسيحية هذه لا يعرفها المجتمع في أفريقيا الوسطى بل طريقة مستوردة من العصابات المسلحة في تشاد والكاميرون وجنوب إفريقيا ، وهي طريقة تدل على الحقد الدفين وهو ما يتنافى مع ما عرف عن مجتمع أفريقيا الوسطى من حيث سلمية التعايش الاجتماعي .

العامل الإقتصادي هو العامل الأساسي فيما يحصل من جرائم ضد الإنسانية في أفريقيا الوسطى

العامل الثاني وهو الاقتصادي ، ولعله العامل الأساسي في الأزمة الأخيرة كلها، حيث إن رؤية الشركات الفرنسية مع الحكومة المؤقتة برئاسة “ميشيل” لم تتوافق كثيراً وخاصة في الامتيازات التي طالبتها كل من مجموعة “فرانس تليكوم” أريفا ، ومجموعة “كاستل” ومجموعة “سوفو”، وبضغوط من رجال الأعمال منهم: “جان كريستوف ميتران”، و”ريتشارد أتياس” ، و”كلود غيان” ، و”لوران فوش”، وغيرهم ، وتحريك الصحافة والإعلام الفرنسي لتشويه سمعة المسلمين و “حركة سيلكا” وإن كان المسلمون يشكلون الأغلبية تمهيداً للقضاء على هذه الحركة وتلقين المسلمين درساً لا ينسوه في جرأتهم على عدم الخضوع لإملاءات هذه الشركات، فكانت حركة تمويل التدخل الفرنسي مادياً وإعلامياً تتم من قبل رجال الأعمال وهذه الشركات الاحتكارية .

لذا فإنَّ لفرنسا سوابق في الانقلابات العسكرية في إفريقيا، ومساندة الأنظمة الديكتاتورية ضد التوجهات المعادية لسياساتها التي تنص بنودها الأولى على أن الاقتصاد أساس السياسة الفرنسية مع مستعمراتها، فلذا لم تكن إفريقيا الوسطى بدعاً من تلك الدول التي نفذت فيها فرنسا مباشرة أو عبر مرتزقتها عمليات انقلابية، فقد كانت فرنسا وشركاتُها الاستثمارية تدير كلَّ العمليات الانقلابية في دولة جزر القمر منذ استقلالها عبر المرتزق “بوب دينار”، وكذا الحال في المستعمرة البلجيكية “كونغو الديمقراطية” أو زائير.

أما في إفريقيا الوسطى فقد وقعت أولى العمليات الانقلابية من قبل الفرنسيين على الرئيس “بوكاسا” حين كان في زيارة لليبيا، ولم يكن “بوكاسا” على توافق في سنواته الأخيرة مع فرنسا والغرب عموماً، وهو ما جعل الغرب يصوره وكأنه “آكل للحوم البشر”، وشاركت فرنسا بدعم غير مباشر في العمليات الأخرى.

فلم تكن المهمة بأي شكل كان لإيقاف الدم النازف ، ولو كان الأمر كذلك لتوقفت تدفق دماء السوريين منذ ثلاث سنوات ، ولكنها المصالح هي التي تحدد آليات التحرك والتدخل وإن كانت تحت مسوّغات إنسانية.

الوضع الإنساني الراهن في العاصمة بانقي والمدن الأخرى

مع تزايد الحملات التي تنفذها المليشيات المسيحية ضد المسلمين، وتحت حماية القوات الإفريقية و القوات الفرنسية، فإنه تم قتل حوالي عشرين مسلماً يوم الجمعة الموافق 28/ مارس 2014 ، كما قتل يوم السبت 22 مارس أربعة من خيرة الشبان المسلمين في الدفاع عن المسجد المركزي وبعض أحياء المسلمين ، حيث تصر المليشيات مدعومة من القوات الفرنسية على اقتحام هذا الحي أكثر من مرة، وكل مرة يقتل عدد من المسلمين ومن المليشيات المسيحية بل وصل الأمر في يوم الأحد 23 مارس 2014، إلى إصابة مسؤول مالي وممرضة تابعين للبعثة الإفريقية بجروح بليغة ، عندما هاجم مسلحون مجهولون سيارتهم في العاصمة بانغي ، وهذا ما أدى إلى خلافات بين المليشيات المسيحية “أنتي بلاكا” حالياً.

وهذه الحملات المنظمة ضد الحي الأخير للمسلمين في العاصمة والجامع الكبير الذي يعود عمره إلى أكثر من مائتي سنة هي المحاولات الأخيرة لهذه المليشيات والجهات الداعمة لها في تحقيق انتصار ولو شكلي على المسلمين بعد ورود أنباء قوية على عودة المسلمين بقوة وسيطرتهم على المدن الشمالية ، وتزامنت هذه الحركات لاقتحام المسجد الكبير مع ما قامت به القوات الفرنسية في شمال البلاد عندما حاولت تسليح النصارى هناك ، حيث رفضوا بقوة المشروع الفرنسي بتسليحهم، وقالوا إننا نعيش مع المسلمين منذ سنوات عديدة ولم نر منهم شيء يسوؤنا. فما كان من القوات الفرنسية سوى أن حاولت تجريد قوات حركة “سيلكا” المرابطين في المدن الشمالية وأدى ذلك إلى قتل أربعة من عناصر “سيلكا” وحاولت السيلكا أن تتفادى الصدام المباشر مع القوات الفرنسية ، ولكن الفرنسيين يسعون قدر المستطاع لجرهم إلى ذلك.​

أما الوضع الإنساني الإغاثي فقد وصلت قوافل الإغاثة من عدد من المنظمات الإسلامية للاجئين في تشاد والكاميرون ، ولكن لم تصل حتى الآن أية معونة إغاثية للمحاصرين في حي كيلو خمسة في العاصمة بانقي والنازحون في المدن الشمالية ، حتى تلك الوعود التي قطعتها منظمة التعاون الإسلامي و رابطة العالم الإسلامي وغيرها من الجهات الإسلامية بإيفاد وفود إلى العاصمة بانقي لم ينفذ منها شيء حتى الآن .
​ولذا ستبقى هذه الأرقام قابلة للزيادة :
• إجمالي القتلى من المسلمين تجاوز الخمسة آلاف مسلم (5.000) منذ التدخل الفرنسي في 5/12/2013.
• إجمالي اللاجئين (470.000) أربعمائة وسبعين ألف مسلم بما فيهم مواطني عدد من الدول الإفريقية المجاورة.
• إجمالي المهجرين، تهجير قسري (290.000) مائتين وتسعين ألف مسلم.
• إجمالي المساجد المدمرة (65) مسجداً وزاوية ( مصلى صغير).

فتلك صورة الوضع الإنساني للمسلمين في أفريقيا الوسطى وجرائم ضد الإنسانية التي تمارس في حقهم بوجود وتواطؤ القوات الفرنسية والقوات الإفريقية ، وما زال القتل مستمرا ، ولكن هل سيتوقف الأمر في إفريقيا الوسطى أم سيمتد إلى دول الجوار ؟

فهل سيعي المجتمع الدول هول المصيبة ويتدخل لوقف حركة القتل الجماعي للمسلمين في هذه الدولة أم أنه ينتظر أن يباد مئات الآلاف من المسلمين ثم يتدخل كما حصل في البوسنة والهرسك وكوسوفا ، وكما يجري أيضا من سنتين حتى اليوم في بورما .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *