د. مجدي العفيفي

د.مجدي العفيفي يكتب… إلا نقابة صاحبة الجلالة.. الصحافة ! (1)

(1)
جئنا نحن الصحفيين إلي أجواء نقابة صاحبة الجلالة« 9259 صحفيا» وفي دماغ كل منا أفكار.. وفي قلمه أحبار.. وفي أمله أخبار.. وفي ألمه نيران.. وفي كلمته أنوار.. وفي عينيه عدسة واسعة المجال، وفي عدسته حاسته الصحفية التي تستشعر ولا ترتعش، ولا يجوز، ولا ينبغي.
حشرنا أنفسنا وما أجمله من حشر، في مثل هذا اليوم المختار للانتخابات الصحفية، الذي انعقدت فيه أول جمعية عمومية للصحفيين، بعد ظهر يوم الجمعة الخامس من ديسمبر 1941 ومنذ ذلك الحين تتحول نقابة الصحفيين فيه إلى خلايا نابضة بالحياة، ناهضة بالحيوية، راكضة للإقلاع نحو المستقبل، والأهم أنها متشبثة بالحريات في الشكل والمحتوى، وهل نقتطف العسل من النحل إلا إذا امتص رحيقا ؟ ويصبح الرحيق في المنظور الصحفي، هو الحريق الذي ينشب أظافره في كيان أعداء الحرية.
أجيال تتلاقى وتتقابل.. وإطياف تتحاور وتتجادل، تاريخ نقابي عريق من الكفاح المسلح بالفكر والشجاعة، أسماء صحفية تشكل جدارا لا ينقض، ولاينبغي له، محطات وفواصل انتظمت منظومة النقابة، وهي في مكانها العريق والعتيق والمتجدد، ولهذا المكان عبقريته ورمزيته، وما يحيط به، في قلب القاهرة، نقابة المحاميين على اليمين، ونادي القضاة على اليسار، ودار القضاء العالي في الظهر، وعلى مرمي البصر تشمخ المؤسسات الصحفية الكبرى: الأهرام، أخبار اليوم، الجمهورية، ومن شارع النقابة ـ عبد الخالق ثروت – تتدفق كل الشوارع في شرايين القاهرة.
(2)
عندما تتحدث الصحافة فالجميع يتحدث بالحق وصولا إلى الحقيقة، وإن ينعقد لسانها تتعقد أمور المجتمع، إذ منها الانبثاقة القوية لكل وسائل الإخبار والإعلام، وأدوات التعبير والتصوير، وثنائيات العذاب والعذوبة، فهي الأصل وهي الجذر، ولا نمو بدون جذور، ولكي تتطاول الأشجار في العلو تلزمها الرعاية والعناية، ذاتية وموضوعية معا، وفي الحالتين فإن عشاق صاحبة الجلالة هم أولى بها، مثلما هم أولى بالمجتمع من نفسه،
ويا أيها المجتمع.. سلم الأمر تجدنا نحن أولى بك منك..! فالمشاهد دالة والشواهد ماثلة.
وأشير مجددا إلى أنه مهما كانت غواية الصورة وجبروتها، ووشاية الميديا وإغراءاتها، يظل القلم وما يسطرون – وحسبا تشريفا أنه محل القسم الإلهي – هو الصاروخ المضاد لأي اعتداء على المجتمع، وهو في الوقت ذاته الموجِّه للرأي العام، ثم هو موضع التحسس لصناع القرار، إن أرادوا صناعة قرار إيجابي يصب في صالح المجمتع حتي لا يظل مغلوبا على أمره.
(3)
أرجع البصر كرتين وثلاثا وعسرا ..فإذا هو يلتقط – بدون عناء – تشكيلات صحفية متنوعة.. وجوه رابضة متحمسة .. نفوس عاشقة لصاحبة الجلالة.. إلي نقابتها حاضنة.. إلى غايتها ساعية.. باحثة عن النقيب الذي يدثر ذاته الصحفية بأصواتها.. أجيال يتخلق بعضها من بعض.. تتسلسل في عقد ذهبي موشى بالحرية والصمود..
والشباب هو القاسم المشترك، هو الأمل إذا تشكل وهو الألم إذا تعطل، وما بين الأمل والألم تتحقق أحلام الشعوب، وتكبر آمال الأمم وتصاغ أوراق المستقبل، ومصير كل أمة يتوقف على الشباب، فهو الطاقة والإنطلاقة.. يتداخل مع ما سبقه من أجيال.. لتتجسد مقولة فيلسوفنا العظيم زكي نجيب محمود:«أوَّاه لو عرف الشباب وأه لو قدر المشيب».. لا تصنيفات مذهبية ضيقة.. الطريق يتسع للجميع.. لا حكر على فكر.. ولا قيد على رأى.. ولا غشاوة على رؤية.. الكل في واحد.. والواحد هو بلاط صاحبة الجلالة..!.
(4)
القانون ينبغي أن يكون مثل الموت لا يستثنىمنه أحد.. راودتني هذه الكلمة للفيلسوف الفرنسي«شارل مونتسكيو»وأنا أتجادل مع المستشار «أحمد مرسي»أمين عام المجلس الأعلى للنيابة الإدارية، رئيس اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات في الانتخابات، بعد انتظار ساعة أمام اللجنة الانتخابية، وقد فوجئت بمشروطية وجود البطاقة الشخصية مع البطاقة النقابية لصحة الصوت.. سألته:
لماذا تشترطون هذه الثنائية؟
قال: لا توجد أية استثناءات في هذه الانتخابات، لابد من بطاقة الرقم القومي أولا لأن بطاقة الدولة أهم.. (!!).
كتمت غيظي منه، وسعادتي به في آن واحد، الغيظ لأن المستشار في رحاب نقابتنا التي تتخذ من الصدق «مانشيت» صفحتها الأولى، والسعادة لأنه يبدو أنه يقيم الوزن بالقسط ولا يخسر الميزان.
تحملت تعب مشوار الذهاب والإياب، الى دار «أخبار اليوم» لإحضار بطاقتي من سيارتي، وعدت لأدلي بصوتي الحر، وتحركت كثيرا بين الجموع الحاشدة، زحام، وكتل بشرية مبتسمة، تتجمل بالصبر، و«طولة البال»..!.
المرشحون لمجلس النقابة يترقبون ويتجملون.. والمرشحان لمنصب النقيب، الخالدان:«خالد ميري»و«خالد البلشي»يلتحمان بالأطياف الصحفية بمودة في القربى الصحفية، فأما خالد ميري.. فهو زميلي في دار أخبار اليوم، ومن الجيل التالي لجيلي، رئيس تحرير «الأخبار» وانتخب وكيلا للنقابة، وأيضا امينا عاما لاتحاد الصحفيين العرب، أعرفه عن كثب، نقابي متمرس، مثقل بهموم وعذابات صاحبة الجلالة، وأما الزميل خالد البلشي، فهو ابن مدرسة روزا اليوسف، شعل منصب وكيل نقابة الصحفيين الأسبق ورئيس لجنة الحريات، لديه طموحات تشي بتجديد الدورة الدموية للنقابة، لعلها تعوضنا عما أصابها من تصلب في شرايينها.. إلا قليلا !( الاثنان جديران بالفوز فالفارق التصويتي بسيط 220 صوتا فقط، وله دلالته التي سنكشفها فبما بعد).
(5)
ومع أنه في الزحام لا أحد يسمع أحدا، إلا أننا كنا نستمع ونتسمع، ونتحاور ونتجاور، وننفعل ونتفاعل.. فالغاية نبيلة، والنبل مفتاح العلاقة، لتظل نقابة الصحفيين دائما وأبدا هي قلم المجتمع، وألمه، وأمله، مهما يقف لها بالمرصاد من يقف – هذا إن استطاع الوقوف – ومهما تتربص بها الدوائر.. وهل يستطيعون أن يخدشوا الهرم ؟!.
كم من أنظمة سياسية جاءت عليها وذهبت وراحت،.. وبقي هذا الهرم الصحفي شامخا..
وكم من معارك خاضتها النقابة نيابة عن المجتمع..
وكم من قوى حاولت أن تسيِّل دموع صاحبة الجلالة, فإذا بهذه الدموع تتحول إلى حرائق، تصهل بها شعلة حرية الصحافة والصحفيين، لتتوهج صيرورة صاحبة الجلالة. ويتحول الفاعل السلبي في بلاطها هباء منثورا.!
وكم.. وكم …لتبقى قلعة الرأى الحر، إحدى الثوابت التي ترتفع عليها قواعد الاستراتيجة المصرية معنى ومبنى.. تشكيلا ودلالة.. رؤية وأداة.
من أجل ذلك..وأكثر من ذلك.. تتسامى نقابة الصحفيين لتظل.. المعادل الموضوعي للمجتمع.
،،،،،،،،،،
وإلى لقاء قادم مع سطور من سردية بلاط صاحبة الجلالة..
إن كان في العمر بقية..
 
@@@@@@@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *