الكاتب الصحفي - عبدالسلام بدر

عبدالسلام بدر يكتب… التسول . ظاهرة سلبية تشين المجتمع . !!

يزداد التَّسول بشكلٍ سريع مع زيادة أعباء المعيشة وارتفاع الأسعار ويبدو أكثر انتشاراً في شهر رمضان إذ يعتبره المتسولون ( مَوسِماً ) إقتداءً ببائعي الفوانيس وصانعي الكُنافة والقطائف ، و من المتسولين مرضىَ ومصابونَ بعاهاتٍ ومنهم من يتظاهرونَ بالمرض وبعضهم يلجأون إلى إحداثِ عاهاتٍ ظاهرةٍ بأجسادِهم يَستعطفون بها المارَّة طالبينَ (حسنة لله) ويصلُ الأمر إلى الملاحقةِ والاصرار بأسلوبٍ قبيح فتكونُ حصيلةُ المُتَسوِّل أكثر من أربعمائة جنيه ( يومياً ) ، وفي الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى مساعدة الأرامل والعَجَزَة ومحدودي الدَّخل بصرف معاشاتٍ إستثنائية مثل ( تكافلٍ وكرامة) وما تقدمه الجمعيات الخيرية من إعانات ماديَّة وعَينيَّة نَجِدُ بعض البرامج التليفزيونية تُفْسِحُ المَجالَ لمن يطلبون آلاف الجنيهات لسداد ديونٍ أو قروضٍ بنكيِّة أو لإجراء عملياتٍ جراحيِّة رافضين العلاج بالمستشفيات
الحكومية ، وإحدى الأمهات تتصل بأحد برامج الطَّهي تطلب المساعدة في تجهيز إبنتها للزواج فتقول : ” ناقصنا الدِّيبْ فريزر والميكرويف وشاشة ٤٠ بوصة ” وكأن زواجَ ابنتها لن يتم إلا بهذه الأشياء . وفتاةُ في برنامج آخر عبر الهاتف تستعطف القلوب فتقول باكيةً : ” أنا نفسي أفرح زي كل البنات ” وتطلب عدم التَّعليق بما يحرِجها أو يؤذيها نفسياً وكأن تسوُّلها من خلال التليفزيون لا يحرجها . فأي فرحةٍ تلك التي تأتي من تسوٌّل . أليست الفرحةُ الحقيقية ما كان مصدرها الكسب من العمل أو من عَطاءٍ يأتي من الله بعفةٍ وتَعففٍ وصبرٍ والاستغناء التام أو المؤقت عن الأشياء غير الضرورية .
فالتسول ظاهرةُ تُشينُ مجتمعِنا شكلاً وموضوعاً وتُظهِرَهُ بالفقر المدقع رغم ما لدينا من ثرواتٍ لا مجالَ لحصرِها . كما يُظهِرُ التسول حالةً من قسوةِ القلوب وفقدان التَّراحُمِ بين الناس وهذا أيضا غيرُ صحيح عندنا كمصريين تغْلٌبُ علينا عواطفنا بالفِطرَةِ وتَرِقُ قلوبُنا على المسكينِ والضعيفِ واتباعاٌ لدِينِنَا الذي يأمُرُنا بالتعاون على البِّرِ والتقوى والإحسان الى الفقراء والمساكين ولكن في إطارٍ من الفِطنَةِ وعدم الوقوع في حَبائلِ النَّصبِ والخداع لتصل الصَدَقة والمساعدة إلى مستحقيها الذين تَحسبُهم أغنياءَ من التَّعففِ ولا يسألون الناس إلحافاً في سِرِّية وعدم المَن علي آخذها بعد التأكد من طرْقِهِ كلَ أبواب العمل الشريف
المناسب لقدرته الجِسمانيِّة و مهارته الفنية فإن فعل ذلك ولم يحصل على ما يحفظ عليه حياته وجَبَتْ مساعدته بصورةٍ مناسبةٍ لا يتْبُعُها مَنّْاً ولا أذىً .
ومن الأهمية بمكان أن نناشد المجتمع بتعظيم دَورَهُ في مواجهة هذه الظاهرة بتكاتفِ كل الجُهود رَسميِّةً كانت أو غير رسميه من جمعياتٍ أهليةٍ وافراد
بأن تُطبِّق الحكمةِ القائلة ” إذا أعطيت رجلا سمكة فإنك تُطعمه يوماً واحداً أما إذا عَلَمْتَه كيف يصطاد فأنت تُطعِمهُ مدى الحياة “(مثل صيني) . وتلك الحكمة نَصَحَنا بها رسُولُنا الكريم بشكلٍ عملي عندما أتاهُ (متسول) أعطي أحد الصحابة دِرهَمين ليشتري ( قَدوماً أو فأساً ) فأعطاه للمتسول وقال له ” إذهب واحتطب ” أي اجمع حطباً وبِعهُ . فما أكلَ أحدٌ طعاما قط خيرُ من أن يأكل من عمل يده .. فليكن هدفُ الدولة الأول بناءَ المصانع واستصلاح الارض للزراعة وإقامة المشروعات الصغيرة أيضا وبذلك تُتَاح فرص العمل لملايين المتسولين بعد تأهيلهم لتجَنبِ خطورتهم إذا ما انحرف بعضهم وسلك طريقاً للجريمة ، وللاستفادة من طاقاتهم المُعَطَلةِ في مشاركة البناء والتقدم وتنمية شعورهم بالإنتماء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *