الكاتبة الصحفية - دينا شرف الدين

‏دينا شرف الدين تكتب… مصر على مر العصور.. مصر الإخشيدية 2

سقوط الدولة الإخشيدية

أدَّت الحالة الاقتصاديَّة المُتدهورة إلى تراجُع قُوى للدولة، فقد شهدت مصر مُنذ سنة 352 هـ حالاتٍ من الجفاف استمرَّت تسعة أعوام، سببها نقصٌ فى فيضان النيل، والتى نتج عنها اختفاء القمح واضطراب الأسعار، وتزايد أثمان الحُبوب والأقوات.

واقترن بِذلك وباءٌ عظيم، وهلك الضعفاء من النَّاس، وأكلوا الميتة والجيف، وكانوا يسقطون موتى من الجوع، وزاد الوباء وكثُر الموت، ولم يُكن هناك حتى مجالاً لدفن الموتى، فكانت تحفرُ لهم حُفرًا ويُرمى فيها عدَّد كبير، ويُردم عليهم التُراب.

وثقُلت وطأة الضرائب على السُكَّان، وقد أفقدت المجاعة والأوبئة واضطراب الأمن الحُكومة هيبتها واستقرارها، حتى أنها عجزت عن دفع رواتب الجُند، وعن جمع الضرائب، ولم يكن لِلخليفة المُطيع فى بغداد من القُوَّة ما يُمكِّنه أن يولى على حكم مصر من يشاء من الرجال الأقوياء القادرين على النُهوض بها وحل جميع المشاكل التى ضربتها، فتفاقمت الثورات، وتمنَّى الناس الخلاص ممَّا هُم فيه، فكانت الفُرصة الذهبية التى انتظرها الفاطميُّون طويلًا لِضم مصر إلى ممالكهم، فأخذ الخليفة الفاطمى المعز لدين الله يعُد العُدَّة لِغزو مصر واستخلاصها من يد العبَّاسيين.

ظلت الدوله الإخشيدية قائمة حتى دخل الفاطميون بقيادة جوهر الصقلى مصر سنة 969 م لتصبح مصر بعد ذلك دولة الخلافة الفاطمية.

الحكام الإخشيديين فى مصر:
الإخشيد محمد بن طغچ بن جف (935 – 946).

أبو القاسم انوجور ابن الإخشيد (946 – 961).

أبو الحسن على بن الإخشيد (961 – 966).

أبو المسك كافور – كان عبد الإخشيد – (966 – 968).

أبو الفوارس أحمد بن على بن الإخشيد (968 – 969).

بعض مظاهر حضارة الدولة الإخشيدية فى مصر
رغم قصر عصر الدولة الإخشيدية فى مصر؛ فقد شهدت نشاطًا حضاريًا مزدهرًا فى ميادين الفنون والآداب والعلوم، ولكن لم يصل إلينا من آثارها إلا القليل بسبب تقادم الزمن من ناحية، ومجيء العصر الفاطمى بعدها من ناحية أخرى والتى طغت آثارها على ما كان فى مصر قبلها من الآثار الإسلامية.

– فى العمارة والبناء:
وعلى الرغم من أن الإخشيديين اهتموا بالبناء وتشييد القصور إلا أنهم لم يهتموا ببناء مدينة جديدة فى مصر ترتبط بهم على غرار مدينة الفسطاط والعساكر؛ ولم تذكر المصادر إلا اهتمام محمد بن طغج الإخشيد بتجديد بناء كثير من المساجد.

وكان للإخشيد دار أطلق عليها اسم المختار فى جزيرة الروضة، كما أن كافورًا الإخشيدى شيد مسجدًا فى سفح المقطم أطلق عليه اسم مسجد الفقاعى، وكان بوسطه محراب من الطوب، والذى يعد أول محراب بنى فى مصر .

كما أنشأ محمد الإخشيد بن طغج جيشًا على غرار الجيش الطولونى حتى أضحى من أكبر القوى فى العالم الإسلامي.

– فى الزراعة:
اهتم الإخشيديون بانتعاش الأحوال الاقتصادية فى مصر وأولوا عنايتهم بالزراعة والصناعة والتجارة. حيث كانت الزراعة الحرفة الأساسية لمعظم السكان وتمثل المورد الرئيسى لدخل الدولة، ولم يكن إيجار الأرض الزراعية مرتفعًا فى العصر الإخشيدى إذ كان يتراوح بين دينار واحد، ودينارين ونصف دينار للفدان فى السنة، حسب جودة الأرض. وقد بذل كافور الإخشيدى جهده لتنمية الزراعة حتى زاد خراج مصر على أربعة ملايين كل سنة .

– فى الصناعة والتجارة:
كانت مصر بلدًا صناعيًّا هامًّا فى العصر الإخشيدى فاشتهرت بصناعة النسيج الرقيق فى تنيس ودمياط وشطا ودبيق، وامتازت بصفة خاصة بالأقمشة ذات الخيوط الذهبية التى كانت تصدر إلى العراق.

وقد ظل الخلفاء العباسيون فى العصر الإخشيدى يستمدون من مصر أكثر ما يلزمهم من المنسوجات النفيسة المحلاة بالكتابات الكوفية.

كما ظهرت صناعة الورق التى حلَّت محل البردى، إذ ترجع أول وثيقة حكومية من الورق إلى عام 912م، كما ترجع آخر وثيقة حكومية من ورق البردى إلى عام 935م.

كذلك اشتهرت مصر آنذاك بصناعة الأسلحة والتحف الدقيقة المطعمة بالذهب والفضة والجواهر الثمينة. وأنشأ محمد بن طغج الإخشيد دارًا لصناعة السفن بالفسطاط سنة 325هـ – 936م.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *