هذه رؤيتي…
العالم كله شرقه وغربه شماله و جنوبه يعيش حالة من الترقب والقلق, بعد ما فعله هذا “الفيروس” الضعيف وما سببه من أزمات وتصدعات في بنيانه لم تحدثها الزلازل والأعاصير والبراكين, وكل تلك الكوارث الطبيعية التي ضربته من قبل, أزمات وتصدعات زلزلت كيان أعتي عتاة هذا الكون الذين غرتهم قوتهم وسطوتهم فحكموا وتحكموا, وبعد أن غرتهم الدنيا و ظنوا أنهم قادرون عليها أتي أمر من يقول للشيء كن فيكون, وكأنه سبحانه وتعالي يذكرنا بقوله “لمن الملك اليوم”…
هل سيغير كورونا في ميزان القوي القوي العالمية..؟؟ّ!!!
هذا التساؤل بات الشغل الشاغل للمراقبين والمحللين وحتي العوام, وبعيدا عن جدلية هل “كورونا” فيروس طبيعي أم “بيولوجي”, وعن تلك التلاسنات والاتهامات المتبادلة بين الصين وأمريكا في هذا الشأن, وان كنت أميل شخصيا لأنه كان سلاح معد لتعزيز سطوة ونفوذ “بلطجي العالم” ولكن انقلب السحر علي الساحر, وما يهمنا هنا ما أحدثه وسيحدثه هذا الفيروس من تأثير, فحينما ضرب الصين, وكانت مدينة “ووهان” أحد أهم القلاع الصناعية والاقتصادية الصينية هدفه الأول, ومع امتداد تأثيره وانتشاره, وأرقامه المفزعة في أعداد الاصابات والوفيات ظن الجميع أنها نهاية هذا المارد الذي لطالما هدد الهيمنة الأمريكية وبات قوة اقتصادية لا يمكن السيطرة عليها, فَإِذَا بالتنين ينتفض من جديد ليعلن انتصاره علي “الفيروس” ويؤكد أنه قادم لا محالة, ليتابع “كورونا” رحلته حول العالم فيضربه شرقا وغربا, فتغلق الحدود وتعطل الأساطيل التجارية وتلزم الطائرات حظائرها, وتعلن الطواريء وتجيش الجيوش لا فرق هنا بين دول عظمي و دول نامية, فحظر التجوال طال الجميع, أغلقت الكنائس والمساجد حول العالم, لتظهر شوارع العالم وميادينه خالية خاوية وكأنها النهاية.
وهنا ينكشف الجميع أمام الجميع لتنهار اسطورة القوي العظمي, وتظهر هشاشة هذا النظام العالمي الذي أسست قواعده علي الظلم والفساد والاستبداد والانتهازية والأحادية الرأسمالية التي تتنافي مع أدني حدود الانسانية, واذ بالنظام “الترمبي” الذي يتربع علي عرش العالم يعلن عجزه وفشله وانهيار منظومته الصحية أمام ذلك “الفيروس” الذي يستمر في حصد أرواح الألاف يوميا وبصيب مئات الألاف, رغم رصد المليارات, واستنفار الجيش الأمريكي بأسلحته وأساطيله وطائراته وعتاده العسكري, نفس الأمر يحدث في أوروبا لدرجة أنه بات يهدد كيان الاتحاد الأوروبي, بعدما تنصلت الدول الأوروبية من بعضها البعض وبات الكل يبحث عن طوق نجاته, فوصل الأمر أن يتم ما يسمي بـ”قرصنة المساعدات” ولكنها هذه المرة ليست قرصنة عصابات ولكنها قرصنة دول كما حدث مؤخرا من “النظام الأردوغاني” الذي قام بقرصنة مساعدات طبية مرسلة من الصين لأسبانيا, كل هذا يؤكد بما لايدع مجالا للشك أن خللا ما سيحدث في ميزان القوي وأنه من الصعب ترميم التصدعات التي أحدثها “كورونا” في النظام العالمي الحالي بعد حالة الهشاشة الواضحة.
كيف يكون «كورونا» منحة من الله لـ«مصر» نحو نظام عالمي جديد..؟؟
أعلم أنه ستكون هناك الكثير من علامات التعجب والاستفهام حول كيف يكون هذا “الفيروس” الذي ضرب العالم وتسبب في ملايين الاصابات والوفيات, منحة من الله لمصر, وهنا لابد أن نعود الي ما قبل “كورونا”, حيث كانت حالة الاستهداف لمصر في ذروتها, فبعد أن فشل مخطط “حكم الاخوان” كأداة لتنفيذ ما يسمي بـ”الشرق الأوسط الجديد” من خلال الفوضي الخلاقة التي ضربت معظم الأنظمة والجيوش العربية في مقتل, لتبقي مصر حجر العثرة أمام تنفيذ هذا المخطط الشيطاني, ويبقي جيشها هو “عمود الخيمة” للمنطقة بأسرها, والذي عزز حالة الاستهداف هذه ما حققه الرئيس السيسي من انجاز يصل لحد الاعجاز داخليا وخارجيا, فلم يكتفي بالملحمة الشعبية التي أسقطت حكم الاخوان في 30يونيو, لكنه وبعد تولي مقاليد الأمور ورغم حالة الفوضي والسيولة والتركة المثقلة بالأزمات والتحديات داخليا وخارجيا الا أنه أثبت للجميع أنه مولد زعيم جديد يمتلك من الرؤية والصلابة المقترنة بالاخلاص لتراب هذا الوطن والايمان بالله, ما يؤهله لآن يعبر بسفينة الوطن وسط هذه الأمواج المتلاطمة والرياح العاتية الي شاطيء العزة والكرامة.
فالي جانب ما حققته خطط التنمية المستدامة, والمشروعات القومية وشبكة الطرق, والأنفاق, والمناطق الاقتصادية بقناة السويس…الخ, من نجاحات وانجازات, استطاع أيضا احداث نقلة نوعية في السياسة الخارجية المصرية, لينقلها من سياسة التبعية الي سياسة الندية والمصالح المشتركة, فقد جاب العالم شرقا وغربا, وقام بتنويع مصادر السلاح, وجذب العديد من الفرص الاستثمارية, وفتح منافذ اقتصادية لمصر حول العالم, وقبل كل ذلك استطاع استعادة العلاقات مع العمق الافريقي بعد اهمال دام لسنوات, واستعاد بحكمة وحنكة الريادة العربية, كل هذا عزز من حالة الاستهداف لايقاف المارد المصري الذي توقع له المحللين والمراقبين حول العالم لأن يكون ضمن أحد أهم 10 اقتصاديات عالمية في 2030.
وهنا بدأ المتأمرين والعملاء والخونة في تنفيذ الخطط البديلة, من خلال اشعال الحدود المصرية علي جميع اتجاهاتها, حيث تصاعدت وتيرة الارهاب في سيناء, وتم نقل التنظيمات الارهابية والمرتزقة من سوريا الي ليبيا لاشعال الحدود الغربية, واطلاق يد العميل التركي “أردوغان” والمقاول القطري “تميم” لاشعال الحدود الجنوبية من خلال تأجيج الفتن مع النظام السوداني, ويتم احكام قبضة الكماشة بإعلان أثيوبيا المريب والعجيب عن تنصلها من كل الاتفاقات والتعهدات لتعلن أنها ستعمل منفردة عليء تشغيل “سد النهضة” وملؤه, ساعدها علي ذلك ميوعة الموقف السوداني, والدعم “الصهيو أمريكي” الغير معلن, للضغط علي النظام المصري واجباره علي القبول والانخراط فيما يسمي بـ”صفقة القرن” التي كانت قيد التنفيذ.
وهنا تتجلي قدرة الخالق لتؤكد أن “مصر محروسة” بارادته وعنايته, وأن انجاز القيادة السياسية واخلاصها لن يذهب هباءا منثورا, ليأتي هذا الفيروس, وكأنه جند من جنود الله, ليبدد به تلكم المخططات والمؤامرات, ويضرب النظام العالمي الحالي في مقتل, ليتكون نظام عالمي جديد, وأيا كان شكل هذا النظام ومن سيقوده, الا أنه لن يعود نظام القطب الواحد الذي يحكم ويتحكم في مقدرات الجميع, ومن المؤكد أيضا أن التنين الصيني ستكون له الغلبة, وأيا كان فإن أي نظام عالمي جديد ستكون منظقة الشرق الأوسط هي أولي وجهاته واهتماماته لما تحويه من فرص وما تمثله من قوة, وهنا ستبدأ مصر في حصد ما زرعته خلال السنوات الماضية, اضافة الي ما أظهره الرئيس السيسي من حنكة ودهاء سياسي, خلال أزمة كورونا, التي جعلت كل دولة تبحث عن طوق نجاتها حتي لو علي حساب جيرانها, بما في ذلك أوروبا وأمريكا, مما أحدث خلافات عميقة بين الحلفاء بعد أن تحققت الأية الكريمة “لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْن يغنيهٌ” فكانت المبادرة فور حدوث الأزمة بارسال قافلة مساعدات مصرية للصين بعد أن تخلي العالم كله عنهم, ثم يتكرر نفس الأمر مع ايطاليا, ليرفع العلم المصري في ميادينها, في الوقت الذي تهدد فيه بالخروج من الاتحاد الأوروبي المهدد بالتفكيك, كل هذا يؤكد أن مصر ستكون القبلة والمقصد لما تمتلكه من قوة وثقل لقيادة المنطقة نحو نظام عالمي جديد.
جريدة أحوال مصر
