أخبار عاجلة

د.أحمد عبدالله يكتب.. مشاهد كارثية على هامش الازمه التيرانيه !!

١ – ان ادارة الملف افتقدت اى نوع من الحنكة والحرفية السياسية وتفتقد للشفافية واختيار التوقيت والتمهيد وغيرها من حسابات تقدير الموقف تماما ، فمن غير المعقول ان تكون هناك بقعة على وطن لاتملكه ولا يعرف المواطنون ذلك ليفاجئوا به ذات صباح وانا اتحدى عدد البشر الذين كانوا يعرفون موضوع الجزر من قبل ، ولا اعتقد ان القائمين على الحكم كانوا يريدون احداث صدمة للمواطنين لكنهم فعلوها ، وكان الأسوأ عدم استيعاب تلك الصدمة وتفهمها والفشل الاكبر كان التعامل مع هذه الصدمة بشكل يفتقد للمرونة السياسية والاقناع وبطريقة ” محدش يتكلم فى الموضوع ده ” فأضاف ذلك مزيد من الغموض وفتح الباب لسوء التأويل والتشكك والمزايدة من المتربصين وخاصة الاخوان وبمزيد من الصلف وباسلوب التخويف والتهديد وبسط القوة مما زاد علامات الاستفهام ومساحات سوء النيه . بشكل عام أداء سيئ بامتياز .
٢ – ان النظام يتعامل مع العامة على انهم جهلة وصغار لايمكنهم الفهم والتمييز ( وللاسف هذا واقع الى حد كبير لكنه لايصح أن يكون مبررا لعدم الاحترام ) ، ومع النخبة ( ان استحقوا هذا اللقب ) على انهم خونة مأجورون مغرضون ، مالم تكن من الموافقين على كل ما يفعله النظام فانت المواطن النموذجى بغض النظر عن كونك مسلم او مسيحى او ملحد او يسارى او راسمالى او عسكرى او مدنى او زملكاوى او اهلاوى . أهلية المواطن عندنا فى أن يكون مؤيدا – لانهائيا – للنظام .
٣ – أن المعارضه خيانة بلا تمييز !!!
من علامات النضوج النفسى القدرة على تقبل النقد هذا فى علم النفس ، وانا اقول ان الانظمة القويه الناضجة لا ترتعد وتصرخ من النقد حتى النقد الغير بناء وحتى السخرية والتهكم لا تهتز لها الانظمة الناضجة الواقفة على اساس قوى ولا تشعر أن أرجاء الحكم تهتز وان البلاد فى خطر لوجود من يعارض او حتى يقل أدبه على النظام . الحكم الغير رشيد يضطر لاستخدام القوة عندما يعجز عن الاقناع بالمنطق والحجة ، وتهدده نكتة . متى نعرف أن النقد هو الباب الوحيد للتطوير والتعديل والتهذيب وهذا يدعم النظام لايهدمه ، وأن السمع والطاعة وتحريم الجدل مبادئ تدهورية ظلامية .
٤ – غياب البدائل
أن أى حركة لها متسلقيها هذا شيئ طبيعى فهناك من تسلق على يناير 2011 وهناك من تسلق على يونيو 2013 وهناك من تسلق على نقابة الاطباء وهذا شيئ طبيعى لكنه الآن اصبح واضحا وكلها كروت محروقة معروفة بوضوح ومرفوضة ولا اهمية حقيقية لها على الأرض من أول كل من ترشح للرئاسة سابقا أو الوجوه المحسوبة على المعارضة ، نحن ( للأسف ) لا نملك أى وجه يتمتع بشعبية وزعامة أو كاريزما تلتف حولها جموع المواطنين ، فلماذا يرتعد النظام ؟!!! . أظن أنه يعلم بما يملك من أجهزة معلوماتية أن هناك غضب حقيقى واعتراضات وأستياءات حقيقية من جموع لاهى اجندات ولا قابضة ولا تطمح للسلطة هى فقط تطمح لحياة كالحياة على رأى عمنا محمود درويش ، الخوف الحقيقى من الحرافيش .
٥ – أحلى م الشرف مفيش
تظل الجماعة ( انا اتحفظ تماما على لقب الاخوان ولقب المسلمين الذين منحوهم لنفسهم ) ، تظل نموذجا للانتهازية واللاوطنية الفجة , اسمعوا هذا الحوار الذى حدث بالفعل ايام حكمهم :
– سمعت ان مرسى هايسكن الفلسطينيين سيناء تصور ؟!!
= ايه يعنى يا سيدى مش مسلمين
– طب وسمعت انه وعد البشير انه ياخد حلايب وشلاتين !!
= اصلا احنا مش مقتنعين بمسألة الحدود دى كلها بلاد المسلمين
– طب حيث كده اناعايز اروح دبى طالما كلها بلاد المسلمين
وقهقه من الضحك وغير الموضوع .
تصورت وأنا أقول للرجل ذلك انى باغلس عليه وهو طبعا هاينفى ويقوللى دى اشاعات لكن رده أذهلنى : ” وماله “
هؤلاء الآن ينتفضوا من أجل الجزيرتين !!!!!! ويولولوا على الأرض .
٦ –الجميع خونة
ان من وافق على الاتفاقيه خائن ومن عارضها خائن والجماعات خائنة والعسكريين خونة والمسيحيين خونة والمسلمين خونة والملحدين خونة والمثقفين خونة ومن عارض النظام خائن ومن أيده خائن وعبد الناصر خائن والسادات خائن وسعادتك خائن/خائنة وأنا خائن و ..و..و..و..و.. بالعربى كده احنا اكثر من تسعين مليون خاين عايشين مع بعض . يا جماعة والله فيه شيئ اسمه سوء تقدير مش لازم يبقى سوء نية … نحن بشر والله .
٧ – التفكير حرام حرمة الخمر لتطابق علة التحريم ( الاتنين بيغيروا الوعى )
استكمالا لحالة المراهقة الحضارية وعدم النضوج الذى ننعم به تغيب الموضوعية تماما ، فنحن لا نحب الا حبا أعمى ولا نكره الا كراهية عمياء وكلاهما كارثى ، فاذا كنت مع النظام فهذا يعنى انه لا يمكن ان يخطأ وأنه كامل الأوصاف (مهما عملنا حوادث ، الركاب هما اللى مش عارفين يركبوا ) ، واذا كنت تعارض النظام فلا بد انه يكون بدون أى حسنات وأى حاجة عملها لازم تبقى فاشلة يا اما وراها مصيبة مع سبق الاصرار والترصد . الحب الأعمى كارثة لأنه لايقوم الأخطاء فتستفحل حتى تدمر صاحبها ومن حوله ، والكره الأعمى كارثة لأنه قد يصل لدرجة أن تدمر وطن عشان اللى انت بتكرهه يختفى وخلاص . كلما كنت أكثر نضجا كلما استعطت أن ترى عيوب من تحب ومميزات من لا تحب وترى المشهد كاملا .
وعلى هذا كان توجه الكثيرين ليس السعى للحقيقة ومصلحة الوطن بقدر ما كانت القضية اثبات هل الرئيس وطنى أم خائن ؟ وطبعا كل معسكر حكم الأول وبعدين قعد يدور على اللى يدعم حكمه المسبق .
٨ – الشتيمة والاباحة والصوت العالى
هذا الشعب المؤمن المتدين بطبيعته الذى قال رسوله الكريم : ” انما بعثت لكى أتمم مكارم الاخلاق ” ، من الصعب أن تقرأ رأى يخلو من الشتيمة ولاحظ انى اتحدث عن اطباء ومهندسين وغيرهم من طبقة الفيس بوك فما بالك بالطبقات المتدنيه تعليميا وتربويا وثقافيا . وهذا من علامات اهتزاز المنطق والعجز عن الاقناع والخوف من الهزيمة الفكرية فيكون اللجوء للاهانة والشخصنة والعدوان اللفظى وندخل فى دائرة من العدوان والعدوان المضاد وهات ياشتيمة على اتهامات فنبتعد عن القضية الاصلية الى مهاترات صبيانية غير مجدية .
٩ – المغالطات الكلامية الكثيرة والتى تحيد أيضا عن جوهر القضية موضع النقاش ، فمثلا يتسائل شخص : ما فائدة هذا القرار فيكون الرد : أنا أثق فى جيش مصر .!! هذا ليس ردا على سؤال استفهامى هذا توريط لاستنتاج مالم يقال وتحويل لمسار النقاش لعدم وجود اجابة وقفل للنقاش . التعميم من اهم الحيل فمثلا لو اعترضت على قرار سياسى وهذا حق انسانى حتى لو أخطأت يكون الرد ان جيش مصر عظيم وبيادة الجندى اشرف من اهلك . مغالطة عظيمة لأنه لم يتطرق للجيش المصرى بل لقرار سياسى ولا اعتقد ان هناك من لا يقدر الجندى المحارب فى سيناء الذي يواجه الموت دفاعا عن الوطن ، لكنه نوع من الاستقواء والهروب من وضع أجابات مقنعة
١٠ – المستقبل للأمهات
حلوة قوى حكاية ” ابقى خللى امك تدافع عن الحدود ” عجبتنى جدا ولهذا اى حد هاينتقد الأطباء هانقوله ” ابقى خللى امك تعالج العيانين ” ، ولو حد انتقد السواقين هايقولولهم ابقوا خلوا امكوا يسوقوا الاتوبيسات ، ولو حد انتقد السباكين هايقولوا ابقى خلى امك تصلح المجارى . وهكذا تسيطر الأمهات . وعظيمة يا مصر يا أرض اللعب
١١– أزمة الثقة
هناك حالة عدم ثقة فى الحكومة ومجلس النواب بشكل شبه عام . فى حين أن هناك تناقض كبير تجاه الرئيس ومؤسسة الرئاسة مابين ثقة عمياء (كثيرا ما تكون مدفوعة بالخوف العميق من البدائل المرعبة ) ، أو فقدان كامل للثقة (غالبا بسبب عدم الوضوح والشفافية وتاخر رد الفعل فى الازمات وتجريم الاختلاف ) .
اذا ظل النظام ينكر مسئوليته عن تناقص الثقة أو غيابها عن قطاع كبير من المواطنين سوف تزداد للاسف ، الحب لا تُسأل عنه فهو ليس مسئوليتك ، لكن الثقة انت الذى تفرضها على الآخر .
١٢– فُصام ( شيزوفرينيا ) المجتمع
لم يعد هناك ما يمكن ان تقول عليه ” الشعب المصرى ” بشكل عام ، صرنا عدة تجمعات متخالفة متناحرة لا بوصلة لها داخل هذا الوطن ، تفسخ الوعى الجمعى وصار جزراً متناثرة من حالات ومستويات وعي عديدة لارابط بينها ( كمريض الفصام ) , وهذا أخطر ما فى الموضوع بل أنه أخطر من أى عدو خارجى فنحن فى حالة تسمح لنا بتدمير أنفسنا بالنيابة عن أعدائنا , ونوفر لهم بيئة خصبة يسهل عليهم النفاذ من خلالها ، ويصعب علينا أن نتقدم بلا اتجاه ” عام ” .
١٣ – كنت سابقا كتبت أربعة مقالات بعنوان ” حديث المؤامرة ” أثبت فيها وجود مؤامرة حقيقية على المنطقة بكاملها لصالح عدونا الحقيقى والابدى ، وتشرفت بأن نشرتها مجلة ” انترناشيونال ” الصادرة فى لندن ، وأنا أرى أننا جميعا (مصريين وعرب ، حكومات وشعوب) بحماقة منقطعة النظير نمهد الارض تماما لانجاح تلك المؤامرة . مانفعله بانفسنا يفوق بكثير ما يمكن أن يفعله عدونا بنا .
لك الله يا مصر
ولا حول ولا قوة الا بالله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *