بعد قليل يعود أيلولْ
من سفر ربيعٍ بعيدٍ
خلف أطياف الجبال توحّدْ
ينادي البيادرَ
يوقظ السّنابلَ
ويشعل في الأرض حصاداً
لأيّام قارسة
خلف الشّتاءِ تتشوّقْ
للفحة نار الموقدِ
وضمّة ثلج أبيضْ.
بعد قليل يعود أيلولْ
من حنين أشجارٍ
وريقاتها ترتحل وتتفتّتْ
يرسم في الفضاء وداعاً
يبكي نسيمات التّغريدِ
من سطوح القرميد تنبعثُ وتتأهّبْ.
أسرابٌ تتواعد وتتعانقُ
في رحلة نحو المجهول تتغرّبْ
وأنا وأنتْ
عند أطراف أيلولَ نقف ونتنسّمْ
عبير الرّذاذ الأوّلِ
كماء الحياة في عمق قلبنا يتدفّقْ
ويطيب لنا المكوث في عطرهِ
ننعم شذا القمحِ
ورحيق الزّيتون نتلمّسْ
كَوْنُ أيلولَ يودّع شمساً تبتسمْ
يهيّئ للقمر مسكناً خلف سحاب يترنّحْ.
قريباً يغلق الخريف أبواب قريتنا
وتبكي السّماء وحدتها
وأنا وأنت
في قرية بعيدة
نضمّ أيلول عمراً جديداً
وفي أحضانه نتنسّك ونتعبّدْ.