أخبار عاجلة

محمد يوسف العزيزي يكتب… “اختزال وطن..!”

عمار يا مصر
كل شيء قابل للاختزال — كان وما زال وسيظل — حتى نفيق مما نحن فيه وندرك أننا لكي نغير واقعنا علينا أن نغير أولاً ما في عقولنا ، إذ ليس من المقبول عقلا ومنطقاً أن تسير أقدامنا إلي الأمام وعقولنا تسير إلي الخلف .. ثم نقول لماذا لا يحدث أي تقدم ملموس بعد أن قمنا بثورتين.. تم اختطاف الأولي وصححتها الثانية بحالة اصطفاف وطني مشهود باستثناء الجماعة التي اختطفت الثورة وكادت أن تبيع الوطن وتضيعه ؟
قبل يناير كان هناك اختزالا لقضايا كبيرة منها علي سبيل المثال أن مؤشر الرخاء للشعب المصري هو أن 250 ألف من المواطنين اشتروا سيارات خاصة ، وأن استهلاك الكهرباء زاد بما يعني أن المواطنين اقتنوا أجهزة كهربائية متعددة نتيجة لزيادة دخولهم المالية ( اختزال مخل وفاضح يدل علي استهانة النظام قبل الثورة بالشعب المصري ) .. وبعد يناير 2011 ظهر علي السطح نوع جديد وخطير من الاختزال الذي وصل إلي اختزال الوطن ذاته !! فهل من المنطق أن نختزل الثورة في بعض الوجوه ونترك الملايين من الشعب ونختزل الشباب الذي يسمي نفسه شباب الثورة فقط ونترك باقي شباب مصر ، ونختزل الشهداء في ( شهداء ) محمد محمود ومجلس الوزراء وبعض الميادين وأمام أقسام ومديريات الأمن ونترك شهداء الواجب من الجيش والشرطة والأبرياء الذين تطالهم رصاصات وقنابل الغدر في الشوارع والقطارات والعربات ومحطات الكهرباء ، ونختزل حقوق الإنسان في حقوق المسجونين المحكومين بأحكام قضائية وحقوق من يمارسون العنف والحرق بالمولوتوف ونترك حق باقي الشعب في أن يعيش حياة آمنة وحق أصحاب السيارات التي تحترق بنار أدعياء الثورة والحرية ، ونختزل الحرية في قانون تنظيم التظاهر ونقيم الدنيا من أجل إلغائه ، ونختزل أهالي الشهداء والمصابين في أهالي شهداء ومصابي الثورة ونترك أهالي شهداء الواجب ومعظمهم من رقيقي الحال ولم يطالبوا في مظاهرة أو في وسائل الإعلام بحقوقهم !!
هل من المنطق أن يخرج علينا شخص بين الحين والآخر ليختزل الشعب المصري كله في شخصه ويتحدث باسمه ، أو تخرج علينا ضيفه في برنامج فضائي واسع الانتشار لتقول لنا أن الثورة لم تحكم بعد لأن زملاء لها كانوا في الميدان خلف القضبان وتختزل بكل بساطة وسذاجة وسطحية 4 سنوات من عمر الوطن قاوم السقوط وما زال يقاوم بسبب هذه العشوائية السياسية وهذه المراهقة الفكرية ، وهل من المنطق أن يختزل البعض إرادة الشعب المصري في التغيير ليضع مكانها الخوف والفزع من عودة نظام مبارك بسبب شخص أو بعض أشخاص !! وهل يمكن اختزال وطن في شارع أو شارعين أو في ميدان أو ميدانين أو في حي أو حيين أو مدينة أو مدينتين .. هل يمكن اختزال وطن في محافظة أو محافظتين ؟ للأسف الشديد لدينا في الوطن من يعتقد ذلك ويروج له ويصوره للداخل وللخارج ويسعى بكل قوة لنقل صورة مغلوطة بهدف التشويش علي ما يحدث من حركة وعمل دءوب لتحقيق أهداف الشعب المصري التي خرج من أجلها وليس من أجل أجندات خارجية مدفوعة مقدما .
الأوطان تضيع عندما يتم اختزال القضايا الكبري في قضايا صغيرة تحمل داخلها مصالح خاصة .. العراق ضاع بسبب اختزال الوطن في سنة وشيعة وتركمان وأكراد كل منهم يبحث عن نصيبه من كعكة الوطن ، وليبيا تضيع بسبب اختزال الوطن في مجموعات من الميليشيات والقبائل التي تمتلك السلاح والمال ، وسوريا علي الطريق تقاوم من يسعون لاختزالها في ثلاث أو أربع كيانات صغيرة لن يقوي أحدهم علي الحياة بمفرده ، واليمن التعيس – الذي كان في الأزمنة الخوالي سعيدا – صار مقسما بين شمال وجنوب وفي كل منهما ينقسم المقسم وينشطر المشطور ، و فلسطين تضيع بسبب اختزالها في غزة ، وغزة تضيع باختزالها في حماس
لم يبق غير مصر المحروسة بجيشها القوي ورباط أهلها إلي يوم الدين.. وعد من الله أن تظل محروسة وآمنة وأن نفيق ونطلق جميعا نوبة صحيان أن تظل مصر عصية علي الفتنة والتقسيم والاختزال وأن تظل مقبرة للغزاة من الخارج والداخل ويبقي السؤال هل يمكن اختزال مصر في شيء أقل منها ؟ والإجابة.. قول واحد..لا .. اللهم احفظ مصر فأنت ولي ذلك والقادر عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *