أخبار عاجلة
الدكتور أحمد عثمان - أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب - جامعة المنصورة

د.أحمد عثمان يكتب… حتي أنت يا بروتس..!

 

مسار القهوة…

الطعنة التى تم تصنيفها من أبشع الطعنات وأقبح عملية اغتيال فى التاريخ.. إنها لحظة اغتيال القيصر يوليوس إمبراطور روما فى مسرحية «يوليوس قيصر» للأديب الإنجليزى ويليام شكسبير؛ حين طُعن يوليوس قيصر، وقال جملته الشهيرة: «حتى أنت يا بروتس.. إذًا فليمت قيصر»! وسقط قيصر ميتا.

إن اغتيال يوليوس قيصر كان نتيجة مؤامرة عديد من أعضاء مجلس الشيوخ الروماني؛ إذ قاموا بطعن يوليوس قيصر حتى الموت فى مكان بجانب مسرح «بومبى»  فى مارس عام ٤٤ قبل الميلاد، ظنا منهم أن قيصر سيطيح بمجلس الشيوخ، إلا أن المتآمرين لم يتمكنوا من استعادة الجمهورية الرومانية؛ إذ أدى الاغتيال إلى نشوب حرب المحررين الأهلية، وفى نهاية المطاف، إلى عهد زعامة الإمبراطورية الرومانية.

وقد اختلف الباحثون والمؤرخون حول الكلمات الأخيرة ليوليوس قيصر؛ إذ يرى فريق منهم أنه لم يقل شيئًا، بينما يذكر آخرون أن كلمات قيصر الأخيرة كانت العبارة اليونانية التى تُرجمت إلى الإنجليزية «أنت أيضًا أيها الطفل؟!»، ويرى فريق ثالث أن قيصر لم ينطق بأية كلمة، وسحب ملابسه التى يرتديها ليغطى وجهه عندما رأى بروتوس بين المتآمرين. ورغم أن النسخة الأكثر شهرة فى العالم «حتى أنت، يا بروتس؟» ليس لها أساس فى الواقع التاريخى، بل كانت مستمدة من رواية ويليام شكسبير؛ فإن لحظة اغتيال يوليوس كانت لحظة عصيبة؛ إذ خانه كل من وثق بهم يومًا، بل اجتمعوا، واتفقوا، وانهالوا عليه بالطعنات، وهو لا يزال واقفًا لم يسقط رغم ما تلقاه من طعنات، حتى رأى صديق عمره بروتس.

فكانت طعنة بروتس هى الطعنة القاتلة، بخلاف الطعنات الأخرى؛ لم تكن مجرد طعنة فى جسده فحسب؛ وإنما طُعنت روحه،  وإرادته، وآماله، وثقته بذاته وكل من آمن بهم، هنا، فقط، خرّ قيصر راضيا بالسقوط معلنا انهزامه.

فليس كل من يتعرف عليه الإنسان يعد صديقا، فقد تقابل فى حياتك كثيرا يمكن عدهم زملاء عمل أو دراسة، ولكن يظل الصديق هو الأقرب، وهو محل الثقة، وهو الشخص الذى يمكن الاعتماد عليه فى جميع المواقف. تظهر الصداقة الحقيقية فى الشدائد والمحن، ويظهر الصديق الحقيقى فى هذه الأوقات العصيبة يعاون صديقه ويؤازره ولا يتخلى عنه، وقد يكون لدى الفرد دائرة كبيرة من الأصدقاء فى المدرسة أو الكلية أو العمل، لكنه يعلم أنه لا يمكن الاعتماد إلا على شخص واحد أو شخصين فقط، إنها الصداقة الحقيقية، فوجود صديق حقيقى يجعل حياة المرء أسهل بحيث يتمكن  من أن يكون على طبيعته تمامًا دون خوف من حكم الطرف الآخر عليه، فهو يتقبله، ويجعله يشعر بالحب والقبول، ومتى لم تجد هذا الشخص فمن الأفضل لك أن تبتعد.

والسؤال هنا: كم من بروتس فى حياتنا نُحسن فيه الظن فيخيب أملنا؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *