مجمد يوسف العزيزي

محمد يوسف العزيزي يكتب… حرب عالمية بالوكالة

عمار يا مصر
احتفلت روسيا بعيد النصر علي النازية في 9 مايو – وكذلك فعلت بيلاروسيا – وخلا خطاب فلاديمير بوتين من أي إشارة إلي توقف آلة الحرب او انتهاء العملية العسكرية في أوكرانيا أو إعلان الحرب بشكل رسمي علي أوكرانيا بدلا من مصطلح العملية العسكرية ، وخابت توقعات كل من أشار تصريحا أو تلميحا إلي احتمال من تلك الاحتمالات ، والعكس هو ما حدث حيث أكد بوتين علي استمرار العملية العسكرية حتي تحقيق أهدافها كاملة كما أعلنها في بداية العملية في 24 فبراير الماضي
الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا تحولت إلي حرب عالمية بالوكالة علي المستوي العسكري والسياسي ، وإلي حرب عالمية اقتصادية بشكل واضح وصريح طالت كل دول العالم القريبة والبعيدة سواء كانت طرف مباشر أو غير مباشر ، وسواء كانت متحالفة مع أحد طرفي الصراع أو غير ذلك
مع الحرب الروسية – الأوكرانية تراجعت كل القضايا والملفات الشائكة .. تراجع ملف داعش والإرهاب – ويبدو أنه يعيد ترتيب صفوفه وأوراقة حسب عديد الأخبار – وغابت أفغانستان وانفردت طالبان بالسيطرة الكاملة واحتفلت بغلق مدارس تعليم البنات علي مرأي ومسمع من العالم ومن الدول الزاعقة بملفات الحرية والتعبير والمساواة وحقوق الإنسان في التعليم
تراجعت قضية فلسطين وزادت عربدة الصهاينة فيها وهم يقتحمون مخيم جنين ويهدمون البيوت علي أهلها ، وتم اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة بدم بارد وتابع العالم المهزلة التي حدثت في مراسم دفنها ورغم أنها تحمل الجنسية الأمريكية .. لكنها في الأصل فتاة عربية مقدسية ، والفارق كبير بينها وبين فتاة تقتل بدم بارد في أوكرانيا !
تراجعت ملفات وقضايا اليمن وليبيا وسوريا ، ولم يعد الغرب مهتما بها إلا علي طريقة ذر الرماد في العيون من مبعوث أممي يصرح ذهابا وإيابا بتصريحات لا قيمة ولا معني لها وغير قابلة للتنفيذ !
تراجعت خطورة أيران علي المنطقة كلها وما زال حكم “خامنئي إيران ” يتحكم في عواصم عربية ، وما زال يكسب الوقت بمهارة في مفاوضات عقيمة مع أمريكا وأوروبا مختلف عليها حسب مصالح كل دولة ، وبعيدة عن أي رؤية عربية أو خليجية ، وحتي يفاجئ العالم بأنه عضو في النادي النووي مثله مثل باقي الأعضاء الذين يسوقون العالم إلي حتفه !
تراجعت قضايا النزاع علي المياه وبات اندلاع حروبها في مناطق كثيرة ومهمة وحساسة للعالم كله ولمصالحه الاقتصادية وشيكا بل قائما إلي حد كبير !
تراجعت كل جهود المنظمات الأممية العقيمة في إقرار السلام في العالم وحل القضايا بالطرق السلمية بعيدا عن ويلات الحروب وتم خلق الأزمات لتحقيق مصالح ومنافع الدول الكبري وإدارة اقتصاد الحروب بانتاج مكثف من كل أنواع الأسلحة لتدمير البشر والحجر ، وحتي يكون هناك مجال دائم لإعادة الإعمار والبناء واستهلاك موارد وثروات الدول في ترميم وبناء ما أفسدته الحروب ، وتظل تلك الدول تعاني وغير قادرة علي الحياة بشكل طبيعي ، وتظل القوي الكبري التي صنعت الأزمات ودفعت الدول للحرب تأجج نارها ، وتساعد أطرافها سرا وعلانية حتي لا تتوقف آلة الحرب إلي أن تحقق مصالحها، وتظل تدير الأزمات التي صنعتها ولا تحلها !
حروب الوكالة لم تعد خافية علي أحد ، وصارت دولا بعينها في مناطق مختلفة من العالم في أوروبا وآسيا والمنطقة العربية وأمريكا اللاتينية مثل رقعة الشطرنج تلعب عليها الدول الكبري وتحارب بعضها بعيدا عن أراضيها بطرق وخطط مختلفة .
يجري ذلك علي الأراضي السورية حرب الوكالة بين أمريكا وإيران ، وبين أمريكا وروسيا ، وبين روسيا وتركيا ، وعلي الأراضي اليمنية حرب الوكالة بين أمريكا وإيران ، وبين إيران ودول الخليج ، وعلي الأراضي الليبية حرب الوكالة بين دول غربية وروسيا ، وبين تركيا ومعها التنظيم الدولي للجماعة الإرهابية ومصر علي حدودها الغربية !
وهكذا في مناطق عديدة من العالم حتي وصل الأمر لبسط النفوذ علي المحيطات والسيطرة علي مجاري الملاحة الدولية وخلق بؤر نزاع يتطور إلي حرب بالوكالة بين أمريكا وحلفائها وبين الصين لكبح جماحها الإقتصادي الذي يهدد عرش أمريكا !
السؤال الأهم .. هل تستطيع امريكا وضع حد للحرب الدائرة بينها وبين روسيا علي الأراضي الأوكرانية ؟ الإجابة نعم لأنها الفاعل الأصيل والمخطط والمحرض .. لكنها لاتريد ولن تفعل بصرف النظر عن مصالح الدول الأوروبية وعن تداعيات تلك الحرب علي شعوب العالم إقتصاديا .. لأنها ببساطة تستهدف استنزاف قوة واقتصاد روسيا لتقضي علي العدو التقليدي لها والحليف الأكبر والأقوي للصين !
إذا لم تتحرك الشعوب الأوروبية التي تدفع الثمن بشكل مباشر وغير مباشر ، وإذا لم يعاد النظر في مفهوم الأمن القومي لكل الدول ،واحترام خصوصية كل دولة مستقلة فلن تتوقف آلة الحرب في المدي القريب وسيدفع العالم كله الثمن بعد فوات فرصة تحكيم العقل خصوصا وأن بوادر توسيع الصراع واحتمالات صدام مروع بين روسيا وحلف الناتو بعد طلب انضمام فنلندا والسويد للحلف قائم في أي لحظة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *