أخبار عاجلة
سعيد عبدالعزيز

سعيد عبدالعزيز يكتب… يا ولدي لقد ربيناك صغيراً

لاشك أننا و بالأخص كبار السن كثيراً ما نعاني الوحدة بعد أن يقترب العمر أرذله و بعد أن نكون قد أدينا الأمانة تجاه الأبناء و حل علي أجسادنا ما عانيناه علي مدار حياتنا من مرض و إرهاق و لكن يتبقي شيئ واحد لا ينقص و هي إبتسامة صادقة تجاه الأبناء حتي لا ننقل لهم ما نعانيه
نعم لقد تعودنا علي أن نسعدهم و لا نشقيهم قد نكون في قمة التعب و لا نشتكي و قد نكون في حزن و هم و لا نلفت أنظارهم و قد نكون نريد الصراخ و لا نستطيع رفع الأصوات كل هذا محبة لهم و عدم نقل مشاعرنا و إعطائهم روح السلبية التي قد تؤثر علي معنوياتهم أو تقل من عزائمهم .
سيسأل أحدنا بعد تلك المقدمة ولماذا اكتب و لماذا هذا العنوان .
بعد أن شاهدت و سمعت عن جرائم القتل الأسري بتعدد صفاته ما بين أخ و أخت و إبن و والديه و عم و إبن أخيه خطر في عقلي لماذا لا أكتب عن الأسباب و أناشد بالحلول
لقد وجت أن الأجيال السابقة و أنا أنتمي إليهم كان هناك بيت الأسرة الذي يجمع الكبير و الصغير علي مائدة واحدة في يوم معلوم تتبادل فيه الأسرة الضحك و إسترجاع الذكريات و لا مانع من عرض المشاكل و البحث عن حلول و مشاركة كل الأسرة في مساعدة بعضهم البعض و كان هناك تراحم و ألفة و تجانس و إختلاف أيضاً فقد كان يجمعهم حب كبير تربوا عليه حتي أصبح جينات تتوارثها الأجيال اللاحقة .
كان بيت الوالدين هو الملاذ الآمن للجميع هو الحضن الدافء الذي لن تجد سواه.
و الآن هل كل هذا يحدث كما كان من قبل ؟ للأسف الشديد لا يحدث إلا قليلاً و نسأل أنفسنا ماذا حدث حتي ينقلب الحب الي عداء و الرحمة الي قسوة و الألفة و الأمان الي خوف و رعب و الجمع الي وحدة و الحياة بجمالها الي جفاء ووحدة مميتة؟
فالآباء و الأمهات أصبحوا في وادٍ و الأبناء في حياة أخري لا يجمعهما غير تقابل الوجوه صدفة و إن تجالسوا فهم في العالم الإفتراضي وجوههم لا تتحول عن هذا الهاتف اللعين الذي أخذ عقولهم ثم تسلل الي قلوبهم فأصبح هو المسيطر حتي علي مشاعرهم أصبحوا دون مشاعر حتي عندما يسألوننا عن أحوالنا كروتين لا ينتظروا لسماع نحن بخير و كأنهم يعرفون ردودنا كما هو في السابق و لا يعلموا أن الزمن يمر و أن الظروف تختلف و أن النفسية قد وصلت الي أدني نوع من الإكتئاب الداخلي الذي لا نفصح عنه لهم
نحن نقابل ظاهرة ترسخت في مجتمعاتنا العربية و هو العزوف عن اللقاءات الأسرية بل وصلنا الي الحرب الأسرية و القطيعة و كأننا أصبحنا همنا الأكبر كيف نبني جدار يفصل ما بين الأسرة الصغيرة و الأسرة الكبيرة بل وصل بنا الأمر بمن هو أكثر فتكاً بالأسرة الفراغ العاطفي و الأسري و الخلافات بين الأزواج علي مرأي و مسمع من الأبناء و خلقنا لديهم الشعور بعدم الأمان في حياتهم المستقبلية
إننا أمام قضية غاية في الأهمية قضية إجتماعية يجب تداركها قبل أن تتفتت الأسرة و حتي يعود للأسرة وحدتها حتي لا يأتي يوماً نبحث عن الأنساب و الألقاب
نحن نحتاج الي دراسة متخصصين عن كيفية عودة الأبناء لنا و عن توعيتهم و تثقيفهم و نقل رسائل كثيراً من كبار السن لا ينقلوها لهم و هي كالآتي.
يا أبناؤنا لقد ربيناكم و أنتم صغار و أنحنت ظهورنا و نحن نحملكم ذهاب و إياب و تشابكت أيدينا بأيديكم و أنتم صغار جهال كانت دموعنا فرحة عندما إشتد عودكم و كانت أيضاً حزناً عندما تمرض الأبدان كنا نسهر حتي نطمئن عليكم و كنا نخلد للنوم عندما تطمئن قلوبنا عليكم .
ها أنتم بلغتم الرشد و أصبحتوا أباء و أمهات فهل تقدروا ما كنا نقوم به تجاهكم مثلما تفعلون الآن مع أبناؤكم ؟
إسألوا عنا فنحن في أمس الحاجة لمن يودنا و نأنس به
لقد أصبحنا في زمن نتسول فيه المشاعر طالما أعطيناها دون أن يطلبها أحد فهل تعود!!!!!!!
تذكروا و أذكروا الأبناء أن الديانات السماوية كلها إجتمعت علي البر و التقوي تجاه الوالدين و أن يصاحبونهم في الدنيا بالمعروف
هل تصل رسالة كبار السن الي الأبناء ثم الي أولياء الأمر
هل نبحث عن الأسباب هل هي الغربة و إختلاف الثقافات أم المجتمع ساهم في هذا التباعد أم المدرسة و الجامعة أم الأسرة و سنجد في الغالب سبب واحد هو نحن!!!!!!!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *