أخبار عاجلة

مصــــــــر فى خضم حــــرب من الجيل الرابع

لقـد سعـدت يوم 10/9/2013 عندما شاهدت الأعلامى الكبير/ عماد أديب يتناقش مع السياسى المخضرم / عمرو موسى ويتأكد منه عما تردد حول الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقه وفكر برنارد لويس لأعادة رسم خريطة المنطقة وتقسيم الدول العربية. الأمر الذى دفعنى لمشـــــاركة حضراتكم مــا يــــلى :
إن نظرية المؤامرة على المنطقة العربية لأعادة رسم خريطة المنطقة من خلال تفتيت دولها وأنشاء ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد قائمة ومن يتجاهلها أو يسفهها هو واحد من ثلاث أما جاهل بها أو ضليع فيها أو مستفيد منها. فالبدايــة تأتى بسرعة تحقيق الأستقرار بأى ثمن وتوعية الشعوب العربية وتثقيفها للألمام بالمؤامرات التى تحيط بها والمصير المظلم الذى ينتظرها ما لـــم تفيــق من غفلتــها وتعيد ترتيب أولوياتها.
ولما كان الأمن القومي الشامل هو الإجراءات التى تقوم بها الدولة لحمايتها من التهديدات والتحديات الداخلية والخارجية فى جميع المجالات (السياسية – الاقتصادية – الاجتماعية – العسكرية والأمنية…) مع توفير أكبر قدر من الاستقرار لدفع عملية التنمية الشاملة للدولة لتحقيق أكــبر قــــدر من الرفاهية. فإن الأمن القومى يساوى استقرار الدولة بينما تشكل حالات عدم الأستقرار الناتجة عن مـا يسمى بثورات الربيع العربى بالأضافــــــة إلى التهديدات والتحديات الاقتصادية أهم المؤثرات السلبية على الأمن القومي المصــري والعربي (أرتباطاً بتأثيراتها المتعددة على مؤشرات التنمية بتلك الدول ، وتعزيز قدراتها الشاملة في كافة المجالات).
كما أن الجيل الرابع من الحروب ( الحروب الغير متماثلة ) هو نوع من الحروب انتشر خلال العقدين الأخيرين لافشـــــــال الــــدول بالاستعانة بالقوة الناعمة ( الأعلام وتكنولوجيا المعلومات والأتصالات – التظاهرات – المسيرات – الأضرابات ….) من خـــلال الفوضى والحملات النفسية والأحتجاجات والمطالبات( بالحــريات والعدالة والديمقراطية وحقوق الأنسان …. ) بغــرض زعزعـة الأستقرار لضرب الأمن القومى للدوله . وعادةً ما ينفذ ذلك بصـور متعددة وفى الغالب تكون حميدة أى ينفذها مواطنون الدولة المستهدفة لجعل جزء منها لا يخضع لسلطتها أو وجـود مجمـوعات عنيفة تساعد على خلق تلك الدولة مع التأمر الخارجى مع أشخاص أو جهات من الداخل ( وأحيانا عن جهل تام بالمساعي الحقيقية للجهة التي توفر الرعاية والدعم ) لأجل تسهيل عملية إكراه الدوله وانهاكها والنّخر فيها من الدّاخل الى ان تتآكل وتصاب بالعجز، وينتهي بها الأمر الى الركوع والخضوع وإرغامها على تنفيذ إرادة أعدائها وتصبح دولة فاشـــله . وهذا النوع من الحــــروب هو الذى ينفذ حالياً على المنطقة العربية خاصةً على مصــــر قلب الأمة العربية.
ورغم أن الرئيس الأسبق مبارك قد حاول متأخراً من خلال تفكيرة التقليدى الذى هداه إلى تحجيم الديمقراطــية وحقــوق الأنســــان والمعارضة ودور منظمات المجتمع المدنى بأعتبارها أدوات ضد نظامه تستخدم لتنفيذ تلك الحرب . فجعل بالبلاد ديمقراطيه زائفة وحقوق أنسان وهميه حرصت على تجميل صورة نظامه ، والذى لم ينجح فى مواجهة تلك الحرب التى سيق إليها وتعامل معها بأسلوب خاطىء تسبب فيما وصلنا إليه الآن وكان من الأجدى به أن يهتم بتحسين التعليم والثقافة والعدالة الأجتماعية فى أطـــــار من الشفافية وبعيداً عن الصلف والغرور ليجعل شعبه على قلب رجل واحد .
فقد كانت مصر تحتاج فى هذه الفترة لتفكير غير نمطى ورجال مخلصون يعلون مصلحة الوطن فوق مصالحهم وأهوائهم ليضعوا لها أستراتيجية قومية شامله تنبع منها أستراتيجيات تخصصية فى كافة المجالات لدخول القرن الواحد والعشرون ومجــــــــابهة تحــــدياتـه. وهذا ما لم يقدرعليه نظام قد شاخ وأمتلىء بالغرور والفساد ، متوهماً أن بعض الشباب المنتفعين سوف يجددون له شبابه ومستنداً على حزب سياسى هش أعتمد فى بنيانه على تحقيق المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة وشمل مجموعات من المنتفعين الفاسدين الأمر الذى ساعد فى تهيئة البيئة الأستراتيجية الداخلية لتقع البلاد فريسة لحـــــرب من الجيل الرابع من الحروب. 
وفى ظل ما عاناه الشعب من الظلم والفساد تصور البسطاء خطأً أن الخلاص سيأتى على أيدى المتدينين فكانت جماعة الأخوان المسلمين هى الأكثر تنظيماً والوحيدة على الساحة القادرة على الحشد والأنتشار فتصدرت المشهد السياسى بمباركة ودعم أمريكى وأنخدع الشعب فى ولائها للوطن وظن أنه يفوق أى ولاءات أخرى ، وحلم الشعب أحلاماً سعيدة بالمساواه والعدالة والتنمية وتحسين الأحوال المعيشية بل أستغرق البعض فى الحلم بعودة الأموال المنهوبه وتوزيعها عليهم ، ونسى الشعب أن جميع روؤس ومفكرى قيادته الجديدة بعيدين تماماً عن الخبرة العمليه التى تتولد تراكمياً نتيجة لتولى الوظائف المختلفة والتفاعل مع الأحداث من مواقع المسئوليه والتحليل المستمر للنتائج والتفكير فى ضؤها لتطويرالأداء حيث حجبت عنهم تلك الوظائف وأبعدوا عن أهم مؤسسات الدولة (المؤسسة العسكرية – هيئة الشرطة – المؤسسات الأمنية وأجهزة الأستخبارات – رئاسة الجمهورية – وزارة الخارجية ….وغيرها ) لمدة أكثر من ستون عاماً . فكيف يمكن لجماعة أو حزب بهذا الشكل والتأهيل أن تحكم بنجاح دولة كبيرة مثل مصر فى ظل التوجس والخوف وعدم الثقة فى كل ما هو غريب عنها والذى تولد فى عقولها الباطنه نتيجة المطاردة المستمرة من الأجهزة الأمنية على مدار سبعة عقود. الأمر الذى جعلها تلجأ خطأً إلى تحالفات مشبوهة مع بعض الجهات الخارجية لتعويض نقص الخبرة والثقة وتثبيت أقدامها. الأمور التى جعلت الشعب يستيقظ ليصطدم بأختياره الغير موفق والواقع المرير من عدم أستقرار وأستمرار أنفلات الأمنى والسلوكى كذا توقف التنمية وغلاء الأسعار ونقص السلع وأستمرار التدهور بالموقف الأقتصادى بالأضافة إلى الأقصاء وعدم المساواه وعدم تحقيق العداله الأجتماعيه وتمييزأعضاء جماعة الأخوان وحزب الحرية والعدالة عن باقى الشعب ، وشغل الوظائف الرئيسية بغير أهل الخبرة وزيادة المشاكل الخارجية وعدم شفافية وتحالفات مشبوهة ….
فتحطمت أحلام الشعب سريعاً وترجم كل ذلك إلى فشل النظام الجديد فى أدارة شئون البلاد وتعريض الأمن القومى المصرى للخطر. وليجد نفسه موغلاً فى خضم حرب من حروب الجيل الرابع. 
والمسئوليه عن دخولنا فى خضم هذا النوع يشترك فيها الجميع بدرجات متفاوته أولهم نظــــام مبارك وفشله الذى أفـــــــرز البيئة الأستراتيجية الداخلية الملائمة تماماً لهذا النوع من الحروب (تجريف ثقافى – مشاكل أقتصادية وسوء توزيع للدخول والثروات – أهدار للقيم والمبادىء وحقوق الأنسان – عدم تحقيق للعدالة الأجتماعيه …. ) وهذا ما شكل الحلقة الأولى من مسلسل تلك الحرب. وثانيهم نصــف الشعـــب المصرى تقريباً بطبيعته المتواكلة وموروثه الدينى وتجريفه الثقافى، والذى تصور خطأً بأن يأتى بالأخوان المسلمين ليحلوا له مشاكله الموروثه من نظام مبارك متناسياً قدرتهم المحدودة لأدارة دولة كبيرة بحجم مصر ( لعدم أكتسابهم للخبرة فى أهم مؤسساتها نتيجةً لحجبها عنهم ما يقرب من ستة عقود ) كـــذا ولائهم للجماعة وأرتباطهم بالتنظيم الدولى الذى يفوق أى ولاء اخر، مما أدى إلى الفشل التام مشكلاً الحلقة الثانيه من هذا المسلسل. وثالثهم جماعة الأخوان المسلمين التى توهمت أمتلاكها لقدرات تمكنها من أدارة البلاد ودخلت فى تحالفات مشبوهة ولم تتمكن من تنفيذ وعودها وعندما أيعن سقوطها دفعت بالبلاد عمداً إلى دائرة العنف وزعزعة الأستقرار مشكلةً للحلقة الثالثة من مسلسل الحرب الغير متماثلة ، والتى أفرزت العديد من الثغرات الأمنية الخطيرة فى جدار الأمن القومى المصرى والتى يجب علينا جميعاً أن نتعاون لنسارع بسدها من واقع مسئولياتنا وحرصناً على مستقبل أبنائنا وأحفادنا وأبرزها الآتى:
الثغرة الأولى : الجنسية المصرية والتى منحها الرئيس السابق بإستغلال صلاحياته الدستورية للعديد مما لم يــؤكد ولائهم وتكمن خطورة ذلك فى مساواتهم مع المصريين فى الحقوق والواجبات ، حيث يجب سرعة تشكيل لجنه متخصصة (بصفة عاجلة) من خبراء قانونيون ودستوريون وأمنيون وأجتماعيون، لفرز وحصر تلك الحالات وتحديد ضررها على المجتـــمع ووضع الحلول الازمة.
الثغرة الثانية : بطاقات الأرقام القومية المصرية التى يحملها هؤلاء المتجنسين الأمر الذى يصعب من عمل الأجهزة الشرطيه والأمنيه لضبط الأنفلات الأمنى ، لذا قد يكون من المناسب مراجعة موقف البطاقات الصادرة منذ بدء ثورة25ينلير وحتى الآن لصدورها فى ظل الظروف الأستثنائية التى مرت بها البلاد وتمييزها مع وضع الضوابط اللازمة التى تسهل عمل تلك الأجهزة.
الثغرة الثالثة: الأشخاص الذين دخلوا للبلاد بشكل قانونى أو شبه قانونى أثناء الأنفلات الأمنى وتسللوا للمجتمع ليعملون فى غير مصلحة البلاد ، وهذا ليس مسئولية الأجهزة الأمنية والشرطيه فقط ولكن أيضاً مسئولية وواجب جميع المواطنيين الشرفاء للأبلاغ عنهم نظراً لما يشكلوه من دعم للحرب الغير متماثله ومن ثم ضرراً بالأمن القومى المصرى.
الثغرة الرابعة: تملك الأراضى بسيناء وغيرها لغير المصريين أو المتجنسيين حديثاُ وهى من المشاكل الموروثة من النظام الأسبق والتى تفاقمت خلال النظام السابق وتحتاج لتشريع جديد يحفظ ويستعيد التراب المصرى الذى سبق أن روى بدماء الشهداء لأستعادته الأمر الذى يستلزم حصر كافة الأراضى تحصل عليها غير المصريين وتعليق التصرف فيها لحين قيام لجنه من المتخصصون والخبراء بالدراسة ووضع الحلول القانونية والدستوريه لسد هذه الثغرة حتى لا يحدث بأرض مصر كما حدث بأرض فلسطين وتصبح ملكاً لمن أشتراها. 
الثغرة الخامسة: كميات الأسلحة الكبيرة الموجوده داخل البلاد بشكل غير قانونى. فمع عودة الشرطة والبدء فى أستعادة الأمن والجهد الواضح لأجهزة وزارة الداخلية فى المجتمع ، أصبح لزاماً أن يتم حصر تلك الأسلحة وتقنيين أمتلاكها أو تسليمها للشرطة كذا تغليظ العقوبات لحيازاتها بشكل غير قانونى.
الثغرة السادسة : الأنقسام الفكرى فى المجتمع المصرى الذى يغذيه التجريف الثقافى، وهى أهم الثغرات وأكثرها ضرراً لأنـــــها أكثر ما يخدم الحرب التى أصبحت مصر فى خضمها . وتستلزم سرعة التغلب عليها من خلال قيام لجنة متخصصة تضم( مفكرون ومثقفون وتربويون وأعلاميون ورموز دينية وخبراء أجتماع وعلم نفس….) لوضع أستراتيجية متكاملة لأعادة تثقيف المجتمع وأستعادة القـــــــيم والأخلاقيات الحميدة للأنسان المصرى وتنمية أنتمائه الوطنى ، تكون ضمن الياتها منظمات المجتمع المدنى الوطنية بالأضافة إلى جميع الوزارات والأجهزة المعنية بالدولة.
هذه ليست كل الثغرات ولكن أهمها والتى ظهرت كأوراماً سرطانية فى الجسد المصرى ويلزم أستأصالها سريعاً حتى لا تستشرى أضرارها. لذا أرجوا أن نكون قد تأكدنا من أن المؤامرة كبيرة والأمن القومى المصرى فى خطر. ويجب علينا التحرر مؤقتاً من تأثير أسلحة العدو لزعزعة الأستقرار ( المطالبات والأحتجاجات والأضرابات والمسيرات وتوقف الأنتاج وعرقلته …. ) لحين أستعادة وعـــــى الشعب المصرى المجرف ثقافياً حيث أن الأرادة الوطنية هــــى مفتاح الخروج من الأزمة. 
فالحكومات يسهل أن تسقط والجيوش يمكن أن تهزم ، ولكن الشعــــــــوب يصعب أن تفـــنى والشعب ذو الأرادة القوية لا يمكن ان يقهر.
ويجب علينا جميعاً نحن المصريين بأختلاف أنتماءاتنا وعقائدنا أن نعيد ترتيب أولوياتنا لنضع المصلحة الوطنية فوق مصالحنا الشخصية فالبلد المحروقة لن تنفع أحد ، ونتمسك بمؤسسات الدوله لحين عبور المرحلة ثم نصلحها ونطورها ولنبتعد عن الشكليات ولنركـــز على جوهر المشكلات ونعيد صياغة المفاهيم والأهداف متذكرين أن هدف هذه الحرب هو خلق دولة فاشلة ، ولن نسمح بأن تساق مصرنا الحبيبة لتصبح دولة فاشلة فلنصلح سوياً ما أفسده الدهر وبعض أبناء هذا الوطن لننطلق سوياً نحو مستقبل أكثر أشراقاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *