أخبار عاجلة

اكرم سريوي يكتب… مجلس الآماني يُصدر توصية وحفلة مزايدات بين الكتل!

في عام ١٩٢٢ أصد السكرتير العام للمفوضية الفرنسية في لبنان روبير دو كيه، القرار رقم ١٣٠٤، حلَّ فيه الهيئىة الإدارية، وأنشأ أول مجلس تمثيلي منتخب من الشعب في لبنان، كان له صفة إستشارية فقط. وجاء في قانون إنشائه، أنه «يحق له إبداء الآماني في المواضيع الإقتصادية والإدارية» ولم يكن له صفة أو صلاحيات تشريعية، فعُرف حينها ب «مجلس الآماني».
بالأمس عقد مجلس النواب جلسة لبحث رسالة رئيس الجمهورية، المتعلقة بالتدقيق المالي الجنائي، الذي تعطّل بسبب السرية المصرفية، التي ينص عليها قانون النقد والتسليف. وكان حاكم مصرف لبنان، رفض تسليم كامل البيانات للجنة التدقيق « الفاريز ومارسال» التي أعلنت انسحابها من التدقيق بهذه الحجة.
أجمع النواب على ضرورة استكمال التدقيق الجنائي، وتبارى المتكلمون باسم الكتل النيابية، في حفلة مزايدات كالمعتاد، أكّدوا فيها تأييدهم لمتابعة التدقيق، ومحاسبة المرتكبين، وأصدر المجلس توصية بمتابعة التدقيق، تنص على إخضاع مصرف لبنان للتدقيق المالي الجنائي، مع كافة مرافق الدولة، دون أي تذرع ب السرية المصرفية أو خلافه.
طبعاً لا قيمة قانونية للتوصية الصادرة، ولا يمكن الاستناد إليها لمخالفة ما نص عليه قانون النقد والتسليف من سرية مصرفية. ويمكن لأي جهة أو شخص، مقاضاة الدولة اللبنانية، والمطالبة بالتعويض، في حال تم الكشف عن حساباته، خاصة إذا تبين أنه لم يخالف القوانين.
لماذا لم يُصدر المجلس النيابي قانوناً، يُعلّق فيه العمل بالسرية المصرفية عن بعض الحسابات؟ ولماذا اكتفى بالتوصية ؟ ولماذ إصرار النواب على السماح بعمل وإجراءات مخالفة للقانون؟.
إن ما قام به النواب بالأمس ينطوي على أمرين: الأول هو وجود نية مبيتة بإجهاض هذا التدقيق، وعدم تأمين الغطاء القانوني اللازم له.
والثاني: الإلتفاف على رسالة رئيس الجمهورية، برفع سقف المزايدات، دون اتخاذ الإجراء اللازم لقوننة التدقيق الجنائي، وإبقاء الأمر في دائرة تسجيل النقاط، والتجاذب السياسي.
لقد تحول المجلس النيابي بالأمس إلى ما يذكّر اللبنانيين بمجلس الآماني أيام الانتداب، فتخلّى عن دوره التشريعي طواعيةً. والأدهى من ذلك أن بعض النواب، خرج علينا يبرر اتخاذ التوصية، مستشهداً بخرق المجلس للدستور، يوم انتخب قائد الجيش رئيساً للجمهورية.
وكأنَّ القوانين في لبنان هي مجرد نصوص شكلية، يتم تطبيقها انتقائيا، بما يناسب مع مصالح السادة المسؤولين.
كيف لنا أن نأمل ببناء دولة، ومحاربة الفساد، وتحقيق جنائي يدين المرتكبين للمخالفات اكرم سريوي يكتب… والجرائم المالية، إذا كان نوابنا يصرّون على مخالفة القانون والدستور.
لقد أسقط المجلس النيابي نفسه بالأمس، وخسر ثقة واحترام الشعب، ولم تنجح حفلة الزجل التي أقامها، في ذكرى التدقيق الجنائي الذي تم خنقه في المهد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *