أخبار عاجلة

ابراهيم الصياد يكتب… الأخبار وتأملات في القرآن ((5))

سنحاول في هذا الجزء والجزء التالي من دراستنا البحث في العلاقة بين القرآن الكريم ونسق القيم المهنية والتحريرية في انتاج الأخبار.
ودعونا نركز على آية واحدة في القرآن الكريم لما لها من أهمية في ارساء مفهوم ( المهنية ) الذي كم تحدث عنها كثيرون ويستشهدون بها في احاديثهم ويفتقد بعضهم الفهم الصحيح لمعنى المهنية وبالتالي نطرح سؤالا ربما تساعد الاجابة عليه ابناءنا من شباب إلاعلاميين ودارسي الاعلام والاتصال الجماهيري في إدراك قيم الاعلام الغائبة عن سوق الميديا السؤال … ما هي المهنية ؟
حتى نجيب على هذا السؤال نطرح اولا النهل القرأني والمعين الذي قدمه خطابه في هذا الشأن يقول الله سبحانه وتعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (سورة البقرة آية 143) صدق الله العظيم
‌تحدد هذه الاية الكريمة مسار الالتزام بقيم محدده لخصتها في عبارة( وكذلك جلعناكم امة وسطا) حيث جعلت الوسطية
هنا علة وسببًا في آن واحد يترتب عليه اتخاذ الأمة ‏الإسلامية موقع الشهود على الناس، بما فيهم من أمم وشعوب وملل ورسالات وثقافات ‏وحضارات كما يقول موقع خريجي الازهر http/ Azhar graduates.org
ويضيف :
‌أن التعليل وثيق الصلة بمعنى «الوسطية»، ومعنى «الشهود»؛ فالوسط: هو ‏السَّواء والعدل، والعدل هو الشرط المؤهِّل للشهادة والشهود على الناس.‏
‌ولأن هذه الأمة الخاتمة قد آمنت بكلِّ النبوات والرسالات والكتب السماوية، كانت ‏وحدها المؤهلة للشهادة على الناس، وعلى تبليغ كلِّ الرسل رسالاتهم إلى أمم هذه ‏الرسالات. بالرغم من أن هناك تفسيرات مختلفة لمفهوم الوسطية ومنها مايقوله بعض العامة
‌إنه يعني : التَّميُّع ‏وانعدام التحديد وافتقار الموقف الوسطي ـ إلى اللون والطعم والرائحة! ‏
‌بينما تعني الوسطية في الفكر الأرِسطي: الفضيلة بين رذيلتين، أي الموقف الثالث الذي هو ‏بمثابة نقطة رياضية ثابتة بين قطبين، مع المغايرة الكاملة بين هذا الموقف الثالث ـ ‏الوسطي ـ وبين هذين القطبين. ‏
‌ولكن المفهوم الإسلامي للوسطية ليس كذلك، فالوسطية في الإسلام وسطية ‏جامعة، تمثل موقفًا ثالثا بين القطبين المتقابلين والمتناقضين، لكنها لا تغاير هذين ‏القطبين مغايرة تامة، وإنما تَجمع منهما عناصرَ الحق والعدل؛ لتكوِّن منها وبها هذا ‏الموقف الوسطي الجديد، فهي في حقيقتها رفضٌ للغلوّ الذي ينحاز إلى قطبٍ واحدٍ من ‏هذين القطبين: غلو الإفراط أو غلو التفريط.
‌إن وسطية الإسلام الرافضة للغلو المادي والغلو الروحي هي وسطية لا تغير المادة ‏والمادية، ولا الرُّوح والروحانية كلية، وإنما هي الوسطية الجامعة لعناصر الحق والعدل ‏من المادية والروحانية جميعا، على النحو الذي يوازن توازن العدل بينهما؛ ولذلك فإنها ‏تصوغ الإنسان الوسط: راهب الليل وفارس النهار، الجامع بين الفردية والجماعية، بين ‏الدنيا والآخرة، بين التبتل للخالق والاستمتاع بطيبات وجماليات الحياة التي خلقها الله ‏وسخرها الانسان وهو أقرب ما يكون للتطور الديالكتيكي الذي يقوم على الصراع بين فكرتين حتى تأتي فكرة جديدة افضل.
‌مما تقدم نرى ان الاعلام استفاد من هذا الطرح المتعلق بالفكر الوسطي في إرساء أو تكريس ثلاث قيم مهمة خاصة لمن يعمل في مجال صياغة وتقديم الخبر بشكل مهني .
‌الانصاف Fairness .
‌التوازن Balance .
‌الحيادية Impartiality .
نقول إذا التزم الإعلامي بهذه القيم استطاع أن يقترب من الأداء المهني ونلاحظ أنها اي الإنصاف والتوازن والحيادية مستمدة من الوسطية ليس بمفهومها العامي أو السوقي ولا بمفهومها الارسطي إنما بمفهومها الاسلامي كيف يتحقق هذا ؟! هو ما سنحاول رصده من خلال شرح هذه القيم بشكل تطبيقي وبيان أن بعضها قد يجد صعوبة في التطبيق مثل الحيادية حيث ثبت بالدليل والبرهان أن الحيادية الكاملة في الإعلام قد تبدو مستحيلة !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *