أخبار عاجلة

ابراهيم الصياد يكتب… مخطط سد النهضة

تراجع إثيوبيا عن حضور الاجتماع الثلاثى بوساطة أمريكية فى اللحظة الأخيرة للتوقيع على الاتفاق النهائى المتعلق بإجراءات ملء سد النهضة الإثيوبى فى واشنطن يعتبر ليس فقط مؤشرًا على سوء نية الطرف الإثيوبى فى التعامل مع هذا الملف الحيوى الذى يتعلق بحقوق مصر التاريخية فى مياه نهر النيل إنما هو كشف النقاب عن مخطط ضد مصر يتعدى امكانات إثيوبيا!
إن هذا قد جعل مصر ممثلة فى وفدها برئاسة وزير الخارجية توقع بالأحرف الأولى على الاتفاق لتسجل موقفًا يؤكد الالتزام بحل المشكلة دبلوماسيًا، رغم أن كل الخيارات متاحة أمام صانع القرار فى مصر.
وقد أكد رد فعل الدبلوماسية المصرية الذى صدر لاحقًا نقطتين فى غاية الأهمية الأولى أن الموقف الإثيوبى يمثل انتهاكًا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015 بين مصر وإثيوبيا والسودان وأنه فى ذات الوقت يتجاهل قواعد القانون الدولى ما يعطى مصر الحق فى الدفاع عن حصتها فى مياه النيل بالشكل الذى تراه وفق مصالح الشعب المصرى ولكى تحافظ على حقوقها المائية بعد أن ظهر جليًا أن أديس أبابا أرادت بعدم الحضور عرقلة التوصل الاتفاق النهائى للمشكلة.
لكن الذى يثير الانتباه والريبة فى آن واحد الموقف السودانى الذى ليس له مبرر لكى يمتنع عن التوقيع على الاتفاق ويصر الأشقاء فى السودان على اللهاث فى ظل الموقف الإثيوبى فإذا كانت أديس أبابا تسعى إلى احتكار ماء النيل الأزرق كما يقول المتخصصون فى الشأن المائى فإن دولتى المصب أى مصر والسودان تشتركان فى مصلحة واحدة ويجب أن تنسقا فيما بينهما فى أى مفاوضات تتعلق بسد النهضة وبالرغم من ذلك تأخذ الخرطوم موقفًا مغايرًا غير مفهوم بل غير منطقى فهل هناك اتفاق جانبى غير معلن بين السودان وإثيوبيا؟ يتم بمقتضاه منح السودان حصة تكفيها من المياه على حساب حصة مصر بشرط أن يتناغم موقفهما معًا ضد الموقف المصرى.
أعتقد أن هذا السيناريو لو كان صحيحًا فإنه سيضر كثيرًا بالعلاقات بين شعبى وادى النيل نتيجة عدم إدراك المسئولين فى حكومة السودان لأبعاد هذه العلاقات وهو أمر لا يمكن أن يقبله شعبا البلدين.
نعود إلى التصرف الإثيوبى الأخير الذى لا يتسق والقواعد المنظمة للتفاوض بشأن حل المنازعات الدولية من جهة والمبادئ الحاكمة للعلاقات بين الدول من جهة أخرى ونطرح تساؤلًا ما الذى جعل أديس أبابا تتراجع عن موقفها، خاصة بعد أيام قليلة من زيارة ودية قام بها مبعوث إثيوبى للقاهرة؟
لاشك أن إثيوبيا ليست وحدها فى مواجهة مصر بخصوص مشكلة سد النهضة بعبارة أخرى أن القرار السياسى الإثيوبى وتحديدًا كل ما يتعلق بهذا الملف لا يتمتع بالاستقلالية وهناك أطراف أخرى معادية لمصر تدير الملف مع إثيوبيا، أو بالأحرى تتحكم فى خيوط السياسة الإثيوبية.
إذن المسألة قد تكون أكبر من مجرد ضغوطات دولية أو إقليمية تجبر السلطات الإثيوبية على اتخاذ مواقف متناقضة فى قضية سد النهضة وفى اعتقادى أن هناك مخططًا مرسومًا لهذا الملف منذ أن بدأ التفكير فى بناء هذا السد يتم تنفيذه على مراحل زمنية يستهدف- فى التحليل الأخير- الأضرار بمصالح مصر المائية!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *