أخبار عاجلة

د.حسن عماد مكاوي يكتب… تفعيل القوي الناعمة لحماية الأمن القومي (٢-٢)

تعد القوي الناعمة واحدة من أبرز الأساليب التي تستخدم في الجيل الرابع من الحروب بهدف تفتيت مؤسسات الدولة المستهدفة والعمل علي انهيارها أمنيآ واقتصاديآ وتفكيك وحدة شعبها تمهيدآ لفرض واقع جديد علي الأرض لخدمة مصالح العدو، وهي بالتالي تحقق الأهداف ذاتها من الحروب التقليدية ولكن بكلفة أقل ماديآ وبشريآ، بالإضافة إلي تجنب مشكلات ما بعد الحرب من روح عدائية اه الدولة المعتدية. لذلك تستهدف حروب الجيل الرابع تحقيق الإنهاك والتآكل ببطء ولكن بثبات مما يؤدي إلي إرغام الدولة المعتدي عليها علي تحقيق إرادة المعتدي. لقد لعبت القوي الناعمة العدائية دورآ محوريآ خلال السنوات الأخيرة، حيث شهدت المنطقة العربية تنفيذ المخططات الغربية التي استهدفت تقسيمها وتفتيت وحدتها واختراق أمنها القومي في العديد من الدول العربية من غير استخدام القوة العسكرية، وإنما بالاعتماد علي عناصر القوي الناعمة التي تمثلت في الوسائل الإعلامية والتكنولوجية وبعض منظمات المجتمع المدني المشبوهة والجماعات المتطرفة غير المشروعة مما أدي إلي تحريض الشعوب علي قلب أنظمة الحكم بدعاوي الديمقراطية، وتشجيعهم علي هدم المؤسسات الأمنية والعسكرية بدعوي إصلاحها وإعادة هيكلتها، وبالتالي تحققت الفوضى الخلاقة التي سبق أن دعت إليها وزيرة الخارجية الأمريكية " كونداليزا رايس" بأيدي أبناء الوطن أنفسهم وما ترتب علي ذلك من تغييرات جذرية في بعض الدول وإعادة تشكيل خريطة المنطقة العربية. وحول كيفية تفعيل القوي الناعمة المصرية تري الدكتورة رشا يحيي أن مصر تتمتع بمصادر وفيرة للقوي الناعمة، ولكن المشكلة أنها تفتقر إلي توظيف هذه المصادر بالشكل الأمثل، حيث يتطلب تفعيل القوي الناعمة المصرية تضافر التنسيق والتعاون بين القطاع الحكومي والقطاع الأهلي، والاستفادة من دراسة أساليب القوي الناعمة التي استخدمتها الدول المناوئة لاستيعاب الدروس وبناء استراتيجية المواجهة. ولعل من أبرز نقاط القوي الناعمة المصرية ذلك الموروث الحضاري والتاريخي للشعب المصري الذي يربو علي ما يزيد عن خمسة آلاف عام ، وبالتالي يمتلك الشعب المصري موروثات حضارية يصعب زعزعتها، كما تمتلك مصر مؤسسات ثقافية حكومية هائلة تشمل ٥٤٩ من قصور وبيت الثقافة المنتشرة في كل ربوع الدولة المصرية، وعدد كبير من المتاحف الأثرية والتاريخية والفنية، والكثير من المكتبات علي رأسها مكتبة الإسكندرية التي تعد من أهم الصروح الثقافية في العالم، والبيت الفني للمسرح بما يضم من مسارح متعددة،. المركز الثقافي القومي ( دار الأوبرا المصرية)وما يحتويه من مسارح عديدة وفرق للفنون الشرقية والغربية، وعدد من دور الأوبرا في دمنهور وطنطا والمنصورة، وجاري حاليآ إنشاء دار الأوبرا في الأقصر والعاصمة الإدارية الجديدة. كذلك تمتلك مصر شبكة كبيرة من المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية الحكومية والخاصة، فضلآ عن الهيئة العامة للاستعلامات التي يمكن أن تحقق أهداف الدولة في تحسين صورتها الذهنية في الخارج، ووكالة أنباء الشرق الأوسط، والأقمار الصناصية، ومدينة الإنتاج الإعلامي، وعدد كبير من الصحف القومية والخاصة، بالإضافة إلي إطلاق مشروع بنك المعرفة الإلكتروني وما يتيحه من خدمة تقديم المعلومات الدقيقة ومقاومة الشائعات والتضليل، كما يجدر استعادة الدور المفقود لفنون السينما والمسرح والدراما التلفزيونية لتستعيد مكانتها عربيآ ودرليآ، ولعل الأمن الفكري أحد أهم الأهداف التي يمكن أن تحققها القوي الناعمة من خلال بعث نهضة تعليمية وثقافية عاجلة، والاهتمام بالبحث العلمي، وتنمية المهارات البشرية، وتعزيز الكفاءات في مختلف المجالات . كل التحية للدكتورة رشا يحيي علي تأليف هذا الكتاب المهم الذي أثري المكتبة العربية بالكثير من المعلومات عن أهمية توظيف القوي الناعمة لخدمة أمننا القومي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *