أخبار عاجلة

د.حسن عماد مكاوى يكتب… علاقة وسائل الإعلام بالجمهور .. تقارب أم تباعد ؟

عقدت كلية الإعلام بجامعة القاهرة المؤتمر العلمي الرابع والعشرين خلال الأسبوع الماضي، وكان عنوان المؤتمر لهذا العام ” نحو تجسير الفجوة بين وسائل الإعلام والجمهور”، وذلك برعاية رئيس الجامعة المحترم د. محمد عثمان الخشت، ورئاسة د. القديرة جيهان يسري عميدة الكلية، وأمانة د. المتميزة هبة الله السمري وكيلة الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث، ولفيف من الأساتذة الأكفاء وشباب الباحثين الواعد. 
ناقش المؤتمر أربعة وعشرين بحثا علميا علي مدي خمس جلسات، بالإضافة إلي حلقتي نقاش للخبراء الأكاديميين والممارسين للعمل الصحفي والإعلامي، إحداهما بعنوان” الإعلاميون ومصادر المعلومات.. المهنية والتبعية”، والثانية بعنوان ” الهيئات الإعلامية.. ضبط وتطوير الأداء الإعلامي”، فضلا عن ورشة تدريبية متخصصة لشباب المدرسين المساعدين والمعيدين بعنوان” الأخبار المزيفة.. آليات التدقيق والمواجهة”٠ أثارت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العديد من القضايا المهمة، والتي أدارتها باقتدار الدكتورة جيهان يسري بحضور وزير الإعلام الأسبق أسامة هيكل رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب،والمفكر الكبير الدكتور مصطفي الفقي رئيس مكتبة الإسكندرية، وانطلق السؤال الرئيسي من وجود فجوة ملحوظة بين أداء وسائل الإعلام التقليدية وجماهيرها المستهدفة، وهل من سبيل لسد هذه الفجوة؟. جاء هذا السؤال المنطقي في وقته المناسب، حيث إن جوهر العامل الإعلامي ينطلق من توفير حق المواطن في المعرفة، وهو ما يستوجب من الصحفيين والإعلاميين بذل أقصي الجهد في الحصول علي المعلومات الدقيقة من مصادرها العلمية وإتاحتها للجمهور، وهوما يفرض علي المسئولين الرسميين تقديم المعلومات وعدم حجبها طالما كانت هذه المعلومات لا تضر بالأمن القومي. ومما لا شك فيه، أن المتلقي أوالجمهور هو الحلقة الأهم في عملية الاتصال، فالقارئ هو الشخص المهم عندما نكتب، والمستمع هوالشخص المهم عندما نتحدث، والمشاهد هوالشخص المهم عندما نعرض الأفلام والبرامج التلفزيونية، وبالتالي يجب علي القائمين علي وسائل الإعلام أن يدركوا بدقة رغبات المتلقي واحتياجاته حتي تضمن تحقيق الهدف من الرسالة الإعلامية، ولذلك فإن معرفة الخصائص السكانية(الديموجرافية)، والخصائص النفسية( السيكوجرافية) للجمهور هي المعيار الرئيسي لنجاح الرسالة الإعلامية، وهوما لا يتوافر للأسف، حيث لا يوجد في مصر كيان أو جهة ذات صدقية تتيح تلك المعلومات عن الجماهير المستهدفة، فضلا عن التراجع الشديد في مستوي الأداء الإعلامي شكلا ومضمونا بالرغم من تحقق التعددية المتمثلة في عشرات الصحف والمحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية، ولكنها جميعا تعزف نغمة واحدة، وتكرر ذات الرسائل، وحيث أنه لا يوجد تنوع في الأشكال والمضامين، فإن أعدادا كبيرة من الجماهير تعزف عن متابعة وسائل الإعلام التقليدية، وتنصرف إلي الوسائل البديلة التي تتيح المزيد من التفاعلية والمشاركة الإيجابية والتنوع الذي يلبي الاحتياجات والرغبات. إن جمهور وسائل الإعلام لم يعد هشا أو سلبيا، وإنما أصبح جمهورا عنيدا وإيجابيا، وهو ما يتطلب من القائمين علي مؤسسات الإعلام في مصر أن يراجعوا الأفكار والأشكال والمضامين التي اعتادوا عليها، وأن يستجيبوا لاحتياجات الجمهور وطموحاته في إعلام رشيد حتي يتم سد الفجوة بدلا من توسيعها. وربما كانت أهم التوصيات العديدة لهذا المؤتمر هي سرعة إنجاز دراسة علمية حول أسباب عزوف الجمهور عن متابعة وسائل الإعلام التقليدية، ودراسة المتغيرات المتسارعة حول بيئة الإعلام الرقمي، ورصد تأثيراتها، وطرح حلول قابلة للتنفيذ لاستعادة مصداقية هذه الوسائل من جانب الجمهور. والسؤال الأهم،في حالة إنجاز تلك الدراسة، هل من مستجيب؟ أم تظل الآذان صماء ؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *