أخبار عاجلة

هبه عبد العزيز تكتب… الانتخابات الفرنسية واليمين المتطرف !

(إن الهجمات الإرهابية الآخيرة فى فرنسا يوم الخميس الماضى بالشانزليزية – والتى كانت قد أسفرت عن مقتل ضابط فرنسى, وأعلن على الفور تنظيم “داعش” الإرهابى ((بسرعة منقطعة النظير)) مسئوليته عنها – كان من الممكن تجنبها لو أن مقترحاتى الخاصة بالهجرة والأمن كانت قائمة بالفعل)!. كان ذلك هو أول تصريح أدلت به للحكومة وللشعب الفرنسى “مارى لوبان” مرشحة الرئاسة الفرنسية وزعيمة “الجبهة الوطنية” المحسوبة على اليمين المتطرف الفرنسى عقب تلك الهجمة الارهابية.
وقد منح هذا الهجوم لمرشحة اليمين المتطرف”مارى لوبان” فرصة جيدة أكبر للفوز, حيث أشارت إستطلاعات الرأى الآخيرة عقب تلك الهجوم الإرهابى صعودها لتحتل المركز الثانى فى سباق الترشح للرئاسة بعد مرشح الوسط عن “حركة إلى الأمام” إيمانويل ماكرون” , وقد أتى فى المرتبة الثالثة أيضا اليمينى المتطرف عن حزب “الجمهوريون” “فرانسوا فيون”.
وجميعنا يعلم أن اليمين المتطرف فى فرنسا يوظف مثل هذه الأحداث الإرهابية لتدعيم موقفه فى إنتخابات الرئاسة المزمع عقدها اليوم 23 إبريل 2017م. وبالرجوع الى الخلف قليلا نرى أن ذلك قائم وخاصة منذ هجوم باريس الدامى فى نوفمبر 2015 والذى كان قد أسفر عن 130 قتيلا, مرورا بهجوم الدهس فى “نيس”والذى أسفر أيضا عن وقوع 84 قتيلا, وكذلك حادث طعن ضابط شرطة على الملاء, وصولا إلى هذا الإعتداء الأخير, فاليمين الفرنسى إستغل ويستغل ذلك من أجل الترويج لفرض سياسته المتشددة أو دعونا نقول وصوله للحكم كخطوه أوليه.
فقوة اليمين فى فرنسا تتزايد شعبيته وبخاصة منذ العامين الماضيين ارتباطا بالأحداث الإرهابية الأخيرة كما أشرنا، وعليه فهى تعود بالأساس فى جزء كبير منها إلى الخوف أو القلق من الأجانب أو المهاجرين تحديدا ، وقد أشارت عدد من الأبحاث وإستطلاعات الرأى فى الفترة الآخيرة إلى أن “الخوف من الإرهاب” قد إحتل المرتبة الأولى فى القلق عند الفرنسيين اليوم ,بعد أن كانت قضايا آخرى مثل “مشكلة البطالة وتوفير فرص عمل” تحتل بؤرة إهتمام المواطن الفرنسى, كما أن بعض الأبحاث أيضا أوضحت أن حوالى 70% من الفرنسيين لا يثقون فى قدرة حكومة “أولاند” الحالية على التصدى للإرهاب أو مواجهته بشكل حاسم, ويمكن بالطبع ربط تلك المخاوف الشعبية بالواقع الفرنسى، وهذا واقع ولكن أعتقادى أن الأمر له علاقة أكثر بالشأن الداخلى الفرنسى وطبيعة الحياة وتنظيمها داخل المجتمع فمن جانب: هناك ملايين الآجانب الذين لم يتم إتخاد الإجراءات اللازمة لإدماجهم فى المجتمع – وهنا لا أعنى الاجراءات القانونية فقط بقدر ما أريد الإشارة إلى الدمج المجتمعى والثقافى – , وأما على الجانب الآخر فأرى أيضا أن السجون الفرنسية قد باتت بيئة خصبة لتجنيد المتطرفين ( وفى ذلك الشأن سيكون لنا مقال منفرد مفصل لاحقا بإذن الله).
ومهم أن نشير الى أن منصب رئيس الجمهورية فى فرنسا تكمن قوته فى كونه منصبا تنفيديا وليس شرفيا أو رمزيا كما فى بريطانيا أو ألمانيا مثلا , وبالتالى فان وصول اليمين المتطرف المحتمل فوزه فى الإنتخابات الحالية , ينذر بتحول مهم بل وربما خطير فى التوجه السياسى الفرنسى بشكل عام داخليا وخارجيا وخاصة فيما يتعلق بنقطتين هما: الإنفصال عن الإتحاد الاروروبى, والسياسات الخاصة بقضية المهاجرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *