أخبار عاجلة

محمد يوسف العزيزي يكتب… خد بالك.. السم في العسل !

تعددت الكتابات وتنوعت الأساليب الجادة والساخرة والهدف منها واحد هو نشر حالة من التشكيك وعدم الجدوى من وراء بعض المشروعات القومية الكبيرة التي تعالج مشاكل مزمنة لطالما تحدثنا عنها وشكونا واتهمنا المسئولين عن عدم تنفيذها بالتقصير أو التواطؤ ، والنماذج علي ذلك كثيرة لمن يريد أن يقرأ ويتأمل فيما يقرأ قبل أن يضفي علي ما قرأ جانبا ولو يسيرا من التصديق أو الاقتناع بما قرأ !
فقد كتب البعض من الأصدقاء في حساباتهم علي صفحات الفيس بوك كلمات توقفت أمامها وكتبت تعليقات للرد عليها .. الكلمات جاءت في صيغ أسئلة ليست موجهة إلي أحد بعينه أو جهة بعينها ، ورغم أنها تساؤلات مشروعة إلا أنها تحمل بين سطورها الكثير مما قد نطلق عليه – بحسن نية – ضرورة مراجعة أولويات السياسات العامة للقيادة السياسية أو للحكومة فيما يتعلق بالمشروعات القومية .
والحقيقة أننا أمام ظاهرة تنمو بشكل ملحوظ نتيجة غياب آلية تصحيح المفاهيم المغلوطة ونتيجة الخلط بين سياسات لا يجوز خلطها !
ربما لا يكون في أذهان أصحاب هذه الكتابات نشر حالة التشكيك لكن من يقرأ هذه الكلمات يتجه مباشرة إلي منطقة الشك خصوصا عندما تكون الكلمات مرتبطة بالأزمة الاقتصادية التي نعاني منها وبارتفاع الأسعار الذي لا يتوقف ، وبحالة المواطن الذي يئن تحت وطأة كل هذه الأزمات !
كتب أحد الأصدقاء علي حسابه يقول وكما جاء في البوست (إنا عارف إن فيه غواصة محترمة داخلة الترسانة المصرية العسكرية , وعارف إن الجيش بيعمل مناورات مهمة ويرسل رسائل مهمة , وعارف إن الجيش المجهول بيضرب أي طيارة أو سفينة تحاول توصل شايلة أي حاجة مش على هواه , وعارف إن الجيش يساند حفتر لتحقيق استقرار فى ليبيا وعارف إن الجيش بيعمل حاجات كتير مبهرة ومشرفة .. كل دي إنجازات مهمة ومبهرة للمؤسسة العسكرية .. بس معلش , إيه علاقة دا باللي احنا فيه ؟ .. يعني مثلا أنت دلوقتي معندكش سياحة ومش هيبقي عندك قريب و ضربات إرهابية توجعك , عندك مصانع واقفة و أعمال واقفة , عندك أسعار مولعة والناس بتتكوي بها ليل ونهار و فوضى و تجار بتزود بمزاجها و تنقص بمزاجها , عندك دولار ثابت عند سعر مخيف جدا وعامل حركة كساد زى ما أنت شايف .. مستحيل لما الناس تكلمك عن المشاكل دي وشكل البلد الحالي تقولي الجيش جايب النهارده غواصة تعالوا نحتفل ومصر قبلة العالم ومصر على الطريق الصحيح .. لا تلونوا الجيش بألوانكم السياسية و ركزوا في شغلكم وحاولوا تنجحوا فيه ) 
وكتب آخر (من طرائف وعجائب الحكومة تصريحات وزير الإسكان الذي قال ” مصر تحتاج 40 مدينة جديدة لمواجهة زيادة السكان ” .. يا عم مدبولى الناس جائعة ومش لاقيه تجيب قوت يومها لارتفاع أسعار السلع في الأسواق المصرية الشعبية وأصبح الطعام فى مصر للفرجة بس و ممنوع اللمس والتصوير ) 
الخطر في مثل هذه الكتابات هو السم الذي لا نراه في العسل سواء قصد أصحاب مثل هذه الكلمات أم لم يقصدوا ، والخطر الأكبر في المتلقي الذي لا يجيد قراءة ما بين السطور فترتبك الأولويات عنده ، ويري أن مصلحته الشخصية أهم من مصلحة الوطن ، وأن تقدير الخطر القادم علي الوطن ليس في حساباته لأن هناك من قال له ماذا تفيدك الغواصة أو الطائرة التي دفعت فيها الدولة ملايين الدولارات بدلا من أن توفر لك الطعام والشراب وتقوم بتشغيل المصانع المتوقفة وجلب السياحة والاستثمار من الخارج ، وتقضي علي الإرهاب الذي لا يتوقف .. ما فائدة إنفاق الأموال علي تسليح الجيش ؟
وهناك من يقول .. لماذا نبني مدنا جديدة ومساكن جديدة ننفق عليها المليارات بينما الناس جائعة ولا تجد قوت يومها والطعام صار للفرجة فقط ! 
الخطر هو فرض حالة من الشك والتشكيك حول كل شيء يتم إنجازه ، وتحقير المزايا المترتبة علي هذه المشروعات حتى نظل نصرخ ونقول الناس نائمة في الشوارع ولا تجد سكنا مناسبا لها .. أو أن الوطن وحدوده وحماية ثرواته وقوة جيشه ليست مهمة بينما المنطقة من حولنا تشتعل وتتلاشي حدودها ويتم تقسيمها لحساب القوي الكبرى بحثا عن ثروات هي من حق شعوب المنطقة ! 
لو علم أصدقائي أن الأوطان تسقط عندما تسقط جيوشها ، وأن العشوائيات تفرخ الإرهابيين وتخلق أجيالا كارهة لكل شيء حولها ما قالوا ما قالوه وما كتبوا ما كتبوه . 
خلط الأوراق ودس السم في العسل ظاهرة خطرة تنتشر في السوشيال ميديا تستوجب مواجهتها ليس بالمنع ولكن بالرد وكشف المغالطات فيها واستمرار الحوار مع أصحابها ، وتستوجب مواجهتها في البرامج بحوار جاد لا تنقصه الشجاعة والمسئولية بدلا من موضوعات الرقص والدعارة السياسية والمسابقات التي تحرض علي التنبلة وتغييب قيم العمل والانتماء الوطني . 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *