أخبار عاجلة

إبراهيم الصياد يكتب… الإعلام العربي بين الإنعزالية والأفكار التكاملية !

في ظل تسيد مبدأ تعددية النوافذ الاعلامية في الفضاء العربي وجه اتهام اليها مؤداه انها تروج أن  الدول العربية اصبحت تهتم  بالفكر القطري ( بضم القاف ) ولم يعد التضامن العربي على اجندة متخذ القرار العربي ما ادى الى زيادة درجة التراجع عن الفكر الوحدوي التكاملي الامر الذي أثار العديد من التساؤلات التي تستند الى تفسير الواقع السياسي للعالم العربي  أكثر من إستنادها الى سياسات اعلامية خاصة بكل دولة عربية على حدا ومن هذه التساؤلات على سبيل المثال لا الحصر .. 
 لماذا لم تعد فكرة التضامن العربي او العمل العربي المشترك عنوانا  جاذبا للتفاعل الفكري مع المتلقي لدى ناقل الرسالة الاعلامية ؟ 
ولماذا اصبحت فكرة الانعزالية بمعنى التفكير الآحادي النظرة العامل المشترك المسيطر على  كثير من الحوارات التي تدار في البرامج الحوارية وبرامج التوك شو المسائية في اغلب القنوات الفضائية العربية ؟ 
ولماذا لم نعد نرى من يدافع عن الفكر الوحدوي ويدعم افكار التكامل العربي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا الا فيما ندر وعلى استحياء ؟
ان محاولة الاجابة على هذه التساؤلات تتطلب – في البداية – إلقاء نظرة موضوعية على الواقع العربي الحالي والظرف الاقليمي والدولي الذي يحيط بالامة العربية من المحيط الى الخليج حيث نكتشف انه  لم تعد جامعة الدول العربية تقوم بدور فاعل في الاحتشاد العربي وراء قضايا العرب المصيرية ووقفت عاجزة عن تقديم صياغة تشكل ارضية مشتركة للازمات والمنازعات العربية العربية بل اشتعلت مناطق الازمات وتعددت بؤر التوتر واختلفت المواقف منها   على عكس ما كان في السابق عندما كانت تغلب سياسات المؤامة بين المشكلات و المصالح العربية المشتركة  ويتم إعلاء المصلحة العربية . 
وهكذا اصبحت الجامعة العربية اليوم اقرب ما تكون لمنتدى لتبادل وجهات النظر والآراء منها للتنظيم الاقليمي العربي المعبر عن ارادة سياسية واحدة الامر الذي ترتب عليه – بصراحة – فقدان ” بوصلة ” النظرة الجماعية للامور وفقدت  الجامعة القدرة على ان تكون رؤية مشتركة في المجالات كافة ومنها وضع  سياسة او خطة  فيما يتعلق باسترداد زمن التضامن العربي . 
وترتب على ماتقدم ان  تعددت المحاور وانقسم العالم العربي بين فريق إنكفا على مشاكله وشدته اوضاعة الداخلية الى الانعزال ووقف البعض الاخر مكتوف الايدي لا يسجل اي موقف وكان ما يحيط به من حرائق  لا يعنيه فيما فضل البعض التحالف مع الاخر من غير العرب لتقارب المصالح او ليأسة من التضامن العربي وأتخذت قلة من الدول العربية مواقف إيجابية  للملمة  الشمل وحلحلة المشكلات وتجميع الصف على كلمة سواء  ولكنها واجهت مؤامرات داخلية وخارجية وفي مقدمة ما يحاك ضدها  من مؤمرات الارهاب الذي ادى الى انتشار الجماعات المتطرفة فكرا وسلوكا هذا هو الواقع العربي بلا رتوش . 
ويأتي هذا الواقع في ظل تردد نغمة تدعو الى ضرورة اعادة رسم خريطة جديدة للعالم العربي تحول فيها الدول الى دويلات وكأننا امام اتفاقية سايكس بيكو جديدة يجري تنفيذها تحت مسميات الفوضى الخلاقة والشرق الاوسط الجديد والدول المتوسطية وغيرها من التعبيرات المنتشرة في ادبيات العلاقات الدولية اليوم فيما تقف اطراف اقليمية غير عربية ترقب في استنفار وتحفز  منتظرة ما سيسفر عنه هذا الواقع الصادم . 
ويتربع على رأس قائمة هذه الاطراف المستنفرة ( ايران واسرائيل ) ! وفي تصوري يزيد هذا من خطورة الموقف العربي إلا اذا تمت إعادة النظر في السياسات التي تحكم صناعة القرار العربي ومنها السياسة الاعلامية التي تخاطب فكر ووجدان المتلقي العربي حيث يصبح من الضروري أن تصاغ الرسالة الاعلامية بشكل مختلف يحث على التوحد العربي ويفند حجج دعاة الفكر الانعزالي الذين لا ينظرون  اكثر من مواقع اقدامهم . 
في حين ان الفكر التكاملي القائم على المصلحة المشتركة يعي خطورة ما يتعرض له العالم العربي من محاولات للتقسيم ويدرك أبعاد مخططات التجزئة التي تروج لها ابواق الدعاية المعادية – اقليميا ودوليا –  ففي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي  برزت في الاعلام العربي افكار تكاملية مثل مجلس التعاون لدول الخليج العربية  ومجلس التعاون المغاربي وغيرها من التجارب التي أكدت إمتلاك  العرب امكانات التوحد والتكامل السياسي والاقتصادي والدفاعي ونرى انه لو استثمر الاعلام العربي هذا الزخم واستمر في نهجه لامكنه كشف محاولات كسر شوكة العرب من خلال مايسمى حروب الجيلين الرابع والخامس  التي يتم لها الترويج في ابواق الدعاية المعادية للامة العربية . 
ما تقدم يضع صانع القرار العربي امام دوره الريادي والحقيقي  وما يعنينا في هذا المجال هو كيفية خروج الخطاب الاعلامي من شرنقة الأفكار الإنعزالية الى آفاق جديدة تستعيد روح التضامن المفقودة  وهذا في الوقت نفسه يجيب على التساؤلات التي طرحناها في البداية وكرست لحالة لا يحسد عليها العرب من خلال وسائل إعلام عربية وغير عربية مارست الدعاية اما عن حسن نية او عن ” عمد ” وهذه الأخيرة يمكن تسميتها الميديا المعادية للعمل العربي المشترك! .                                                                                

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *