أخبار عاجلة

هبه عبد العزيز تكتب… “تحديث الخطاب الدينى.. والجهاد !!”

 كنا قد تحدثنا فى مقالنا السابق عن تكرار سيادة الرئيس عبد الفتاح السياسى دعوته ل (تحديث الخطاب الدينى) فى ذكرى مولد الرسول الكريم  محمد عليه أفضل الصلاة والسلام, ولكن فيما يبدو أن الدعوة تلك المرة كانت مختلفة بعض الشىء, حيث لاحظت كما لاحظ  بالتأكيد من أستمع منكم قرائى الأعزاء إلى خطاب سيادته تطرقه وللمرة الأولى إلى تحديد أو توضيح عدد من النقاط أو دعونا نصفها بالمسارات التى يجب البدء فيها أو إتباعها ل(تحديث) الخطاب الدينى (وأفضل إستخدام كلمة تحديث التى إستخدامها الرئيس السيسى  بدلا من تجديد ،فهناك فرق كبير جدا ومحورى بين معنى كلا منهما ), وقد باتت هناك معضلة حقيقية فى الخطاب الدينى بلهجته الحالية , ولا أجد مبالغة فى وصف الأمر بقنبلة إنفجرت منذ زمن ولازالت تدوى أصوات إنفجارها وآثار تبعاتها حولنا فى كل مكان على مستويات عدة دينية، أخلاقية، إنسانية …..وسياسية.
فبإسم الدين يرتكب أعداء الانسانية بإستخدام المغرر بهم أبشع الجرائم فى حق الإنسان , وتحديدا تحت مسمى ( الجهاد ) , يفجرون أنفسهم ويفجرون معها أرواح وقلوب وعقول لبشر منحهم الله أغلى ما فى  الدنيا ( هبه الحياة ) ليعيشوا فى الأرض ويعمروها, الله سبحانه وتعالى الذى أخبرنا بأنه وحده لا شريك له من سيتولى حسابنا على معتقداتتا بحكمته وصفاته الحسنى، وكما تعلمنا ذلك آيضا من الدين الصحيح، فليس لمخلوق كائن ما كان أن يحاسب بشر على معتقده أو يفرض عليه بالقوة دين بعينه، فقد ذكر فى القرآن الكريم أنه (لا إكراه فى الدين)  وصدق الله العظيم ، وآيضا قال الله  مخاطبا رسوله الكريم محمد عليه أفضل الصلوات ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة …..) الحكمة والموعظة الحسنة  وليس القتل والذبح يا أولى الألباب، ونهنا سبحانه وتعالى كذلك عن الإعتداء على الآخرين حيث قال  (…..ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) وصدق الحق المبين.
وكنت قد دعوتكم قرائى فى مقالى السابق آيضا إلى قراءة كتاب ( الديموقراطية فى الإسلام ) للمفكر والكاتب الكبير الأستاذ عباس محمود العقاد، ولعلى أظن  أن قراءة هذا الكتاب فى ذلك التوقيت تحديدا أمر فى غاية الأهمية ، وذلك لتوضيح بعض المفاهيم الأساسية والضرورية جدا والتى تم ويتم الترويج لها عبر عصور طويلة على أيدى البعض مما يطلق عليهم مشايخ وعلماء الإسلام بكل آسف ممن فسروا وروجوا لأفكار مغلوطة ما أنزل الله بها من سلطان، ومعظمها أكاذيب وإفتراءات ما لها من أساس أو صلة بالإسلام الحنيف، الذى يدعو للمحبة والإنسانية ، ولكن ما روج له هؤلاء سواء عن عمد أو جهل بصحيح الدين إنما  هو على صلة وطيدة ب(السلطة وبسط النفوذ ونظم الحكم ) – وسيكون لنا حديث مفصل فى هذا الأمر بإذن الله تعالى من الناحية التاريخية منذ عهد “ابن تيمية” فى القرن الثامن الهجرى وصولا  لبداية السلفية المحدثة على أيدى “محمد رشيد رضا” صاحب كتاب “الإمامة العظمى” والذى تحدث فيه عن الخلافة كضرورة شرعية لا يقوم الإسلام بدونها،  مما رسخ لفكرة جماعات الإسلام السياسى، ليكون هذا الكتاب فيما بعد النواة أو الذريعة لتلميذه وصديقه حسن البنا  الذى أنشأ جماعة الأخوان المسلمين-  ونعود لحديثنا ثانية حيث آتت دعوتى لقراءة كتاب العقاد تزامنا مع ما مر بنا الأسبوع الماضى بكل آسف من حادثتين آليماتين فى بيتين من بيوت الله ,أحدهما كان الجمعة فى “مسجد” والآخر الآحد فى “كنيسة” وراح بسببهما ضحايا أبرياء إنفطرت عليهم قلوب ذويهم وأصحابهم, ولن أصف ضحايا تلك الحواداث الإرهابية رحمهم الله جميعا أو أصنفهم بحسب ديانتهم كما يفعل البعض, لأنهم فى بداية الأمر و فى آخره أبناء سيدنا آدم،  إنهم  بشر من خلق الله الخالق ووهاب الحياة لجميع المخلوقات.
ولعلى رأيت كذلك أنه من الأهمية أن أقوم بتوضيح معنى (الجهاد)  فى مقالى هذا وفى ذلك التوقيت بالذات، فكثيرا ما أقرأ أو أسمع أن الإسلام دين منغلق، ويعاب عليه تشريعه للجهاد” بمعنى القتال”….وقد وجدت الكثير بكل آسف ممن يرى أو يؤكد على أن الإسلام دين قد إنتشر بحد السيف ، حتى أن هناك أيضا عدد ممن ينتمون للإسلام ومنهم مشايخ وأقولها وأنا فى غاية الحزن والآسف يفتخرون وهم يتحدثون ويصفون الفتوحات الإسلامية بطريقة ربما ترسخ فى الأذهان أن الإسلام عقيدة  (دموية ) بالفعل  تدعو إلى القتل ونفى الآخر المختلف. لذا فسأحاول فى سطورى الباقية القادمة توضيح معنى كلمة (الجهاد)  أو مفهومه الصحيح كما شرعه الإسلام، وسأستعين بجزء مما إستفاض فيه كاتبنا الكبير العقاد فى الفصل الخاص ب (العلاقات الخارجية) من كتابه (الديموقراطية  فى الإسلام).  وذلك قبل أن نمر سويا على أهم ما حرص السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى التأكيد عليه من نقاط أو مسارات أثناء خطابه الآخير فيما يخص (تحديث) الخطاب الدينى.
فالجهاد الذى شرعه الإسلام والذى يعنى “القتال” , بإختصار شديد يمكن أن نوجز أو نقول عنه الآتى:
يقسم الإسلام العالم الإنسانى إلى ثلاثة أقسام (ولا نجد فى الواقع تقسيما للعالم بالنسبة لدولة ما من الدول غير هدا التقسيم ” بحد تعبير الأستاذ العقاد” وهم  :
– الأمم الإسلامية: أو  دار الإسلام كما يسميها الفقهاء, وهنا القتال بين أهلها حرام , (دم المسلم على المسلم حرام) ، ومن أقدم عليه فالمسلمون ( المكلفون ) ونضع خطوط وخطوط تحت كلمة (المكلفون)  مطالبون برده عن عدوانه هذا صلحا أو حربا إذا تعذر التوفيق.
– المعاهدون: بعهد الذمة وهؤلاء ” لهم ما على المسلمين وعليهم ما على المسلمين” كما جاء بالحديث الشريف. فحجة الدين هى حجة الإقناع يقول الله تعالى للمسلمين (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ) كما قال أيضا ( إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين) صدق الله العظيم. ولا يجب قتال هؤلاء المعاهدون أو جهادهم إلا إذا نقدوا العهد بإستخدامهم القوة, وهنا يكون القتال لدفع أو رد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *