أخبار عاجلة

محمد يوسف العزيزي يكتب… “الإرهاب بين المقاومة والمواجهة !”

عمار يا مصر 
المعركة مع الإرهاب طويلة وشرسة ، وهي أيضا ليست نزهة أو استعراض قوة وفرد عضلات .. الإرهاب واقع فرض نفسه علي العالم بعد أن كان أداة صنعتها دول كبري وأجهزة استخبارات لتنفيذ مخططات صعبة في منطقة الشرق الأوسط تحديدا ( منطقة فوائض الأموال والثروات الطبيعية والطاقة ومركز العالم وملتقي ممراته وأسواق تجارته ) .. الإرهاب أسقط دولا ، وحول بعضها لدول فاشلة بعد أن فتت جيوشها وفككها ، وصنع بين أهلها حروبا طائفية وعرقية ودينية .. لم يعد في المنطقة دولة قادرة علي الوقوف ضده بشعبها وجيشها وقدراتها الذاتية غير مصر ، لذلك يزيد الضغط عليها ، وتٌصوب إليها الضربات الشديدة القاسية لتترنح وتسقط الجائزة الكبرى في حجر أعدائها .
بعد حادث الكنيسة البطرسية الذي استشهد فيه 25 مواطنا مصريا مسيحيا وأصيب فيه ما يزيد عن الأربعين أعتقد أن سؤالا ملحا يطرح نفسه بقوة علينا جميعا .. هل نحن نواجه الإرهاب أم نقاومه ؟ 
في تقديري أننا نقاوم الإرهابيين لكنا لم نصل بعد إلي مواجهة الإرهاب بشكل أساسي وأظن أن هذه القضية محل خلاف وفيها من وجهات النظر الكثير ، وأجزم أن كل وجهات النظر تستحق الاحترام والتقدير ، فمن يري أن التعامل معه كقضية أمنية فقط لا يري تعارضا مع إستراتيجية المواجهة الشاملة للإرهاب لأن انتظار المواجهة الشاملة والإستراتيجية المتكاملة سيوقع المزيد من الضحايا والشهداء ، ولا ينكر أحد أن الأجهزة الأمنية نجحت وما زالت تواصل نجاحاتها في الرد علي كل الضربات الإرهابية بمنطق رد الفعل ، كما أنها قامت بعمليات استباقية كثيرة تم الكشف عن بعضها ولم يتم الكشف عن بعضها الآخر لاعتبارات أمنية ومعلوماتية .. لذلك فالحلول الأمنية ضرورة لا غني عنها .
ومن يري أن مواجهة الإرهاب علي كل الأصعدة – وأنا منهم – ضرورة ملحة خصوصا بعد الحادث الإرهابي الأخير الذي وقع في الكنيسة البطرسية والذي يحمل الكثير من الرسائل الخطرة منها حالة الإحباط التي تعاني منها التنظيمات الإرهابية بعد فشلها من النيل من مصر وشعبها فوصلت للمحطة الأخيرة في مواجهة الدولة وألقت بورقتها الأخيرة وأطلقت رصاصتها المتبقية في مسدسها .. عمليات التفجير بأحزمة ناسفة بما يعني أننا أمام تطور نوعي يصعب علي الأجهزة الأمنية كشفه بسهولة .. 
بعيدا عن منطق التفاؤل أو التشاؤم.. من الوارد أن تتكرر هذه الحوادث ويرتدي من تم غسل عقولهم ووُعدوا بالجنة أحزمة ناسفة ويفجرون أنفسهم بين الناس طالما من يحشون هذا الفكر في عقولهم يرتعون علي الشاشات ويركبون منابر المساجد تحت سمع وبصر الموظفين في وزارة الأوقاف ، وينتشرون كالجراد والجرذان في الزوايا التي تنشأ كالزائدة الدودية تحت العمارات بلا رقيب أو متابع ، وتكتظ بهم بعض الجمعيات الأهلية التي تختفي وراء عمل الخير في الأماكن الفقيرة والمناطق المنسية ! 
مواجهة الإرهاب لا تعني عدم مقاومته في التو واللحظة ، ولا تعني التوقف عن رد الفعل عند وقوع عمليات إرهابية ، المواجهة تعني تنسيق الجهود في كل المؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية والإعلامية والأمنية والمجتمع المدني الحريص علي الوطن وليس المتاجر بآلام الناس واستغلال حاجتهم .. المواجهة تتطلب من كل هؤلاء فهما صحيحا للخطر الذي تواجهه الدولة ، وتتطلب شجاعة الاعتراف بالخطأ والتقصير في المعالجة ، وتتطلب أيادي وعقول غير مرتعشة تأخذ القرار وتقول الرأي بلا حسابات .
المواجهة تقتضي فهم الرسالة التي أطلقها الرئيس بضرورة تصحيح الخطاب الديني وتنقيته من الشوائب التي علقت به فصارت جزءا من منه ، وأن يتوقف خطاب الكراهية الذي نسمعه علي مدار الساعة إلا من رحم ربي وتقتضي أن يفهم المسئولون عن مؤسساتنا الدينية أن الخوف من المواجهة هو حماية للإرهاب ومبرر لاستمراره ! 
المواجهة تستوجب تطهير مؤسساتنا من الخلايا النائمة من المتطرفين بلا خوف ولا حسابات فهم معروفون للعامة والخاصة في كل المؤسسات وظهروا جميعا وكشفوا عن أنفسهم في السنة السوداء التي حكمت فيها الجماعة !
المواجهة تتطلب عودة مكاتب جهاز أمن الدولة في كل المدن والمراكز القريبة والبعيدة والتي حرصت الجماعة بمساعدة بعض المسئولين علي غلقها وتسريح ضباطها فحدث الفراغ الكبير وتحول الوطن إلي مرتع لخلاياهم . . مكاتب الجهاز كانت تعلم عنهم كل شاردة وواردة وتتعامل معهم بالطريقة التي يفهمونها .. 
المواجهة تحتاج تعديلات تشريعية لتمكين القضاء من القصاص السريع من القتلة ، وتحتاج جرأة في اتخاذ التدابير التي تحمي الوطن من السقوط ، وتحتاج الرد علي المرجفين والعملاء ومن يريدون لهذا الوطن أن يظل عليلا مريضا لا يقوي علي الانطلاق .. حماية الوطن لا تحتاج مبررات لحمايته .. وخيانته لا تحتاج الطبطبة والخوف من حسابات الخارج ! 
في هذه المرحلة لسنا في حاجة إلي ترف الحديث عن حقوق القتلة والمجرمين والسجناء ، ولا مكان لمن يقولون .. عفا الله عما سلف .. قبل أن نقطع دابر الإرهاب وقبل أن تهدأ أرواح الشهداء ويجري القصاص تحت بصرنا وسمعنا ، ومن يري أن الوطن ليس في حاجة إلي ذلك فليبحث له عن وطن بديل .. وتحيا مصر 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *