أخبار عاجلة

محمد يوسف العزيزي يكتب… “بالونات التغيير الوزاري !”

عمار يا مصر 
في أوقات الأزمات تملأ الفضاء بالونات الاختبار التي تتحدث عن التغيير ، وتسري الشائعات بين الناس كما تسري النار في الهشيم ، وتزداد الثقة بين هؤلاء الذين يمارسون حرفة الاجتهاد بلا علم وكأنهم يلبسون طاقية الإخفاء ويجلسون مع أصحاب القرار ، وأصحاب القرار يتخذون القرار في اللحظات الأخيرة .. وفي مصر أشياء كثيرة تحدث قبل قيام القطار بثواني قليلة ، لذلك ننسي تفاصيل مهمة تؤثر سلبا علي القرار .. التغيير في مصر من قبيل المفاجآت دائما !
وبما أن الثقة بين الناس والحكومة تتراجع هذه الأيام خصوصا ونحن بصدد اتخاذ إجراءات صعبة في قضية الإصلاح الاقتصادي سوف يتحمل الشعب نتائجه سواء أنكرت الحكومة ذلك أو لم تنكر ، فإن الحديث دائما يتجه إلي ضرورة إجراء تغيير وزاري أو تعديل ، ويكون السبب غالبا هو الحديث حول أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يسير بسرعة كبيرة بينما الحكومة لا تستطيع أن تجاريه نفس الأداء ، وأن الحكومة التي حظيت في وقت سابق بثقة البرلمان باتت تواجه انتقادات لاذعة من الشعب ومن البرلمانيين والنخبة ، فضلا عن اتهامات لها بالبعد عن الشارع المصري والعجز عن معالجة الأزمة الاقتصادية الحالية وأنها سبب ارتفاع أسعار الدولار الذي أثر علي الأسعار بشكل جنوني !
التقارير الرقابية رصدت تردي أداء وزراء التربية والتعليم والصحة والتموين والتجارة الداخلية والتنمية المحلية والاستثمار والنقل والسياحة والزراعة والأوقاف ، كما رصدت قضايا الفساد في عمليات توريد القمح وإهدار ملايين الجنيهات في واحد علي عشرة فقط من الصوامع والشون التي يمتلكها القطاع الخاص والعام .. استقال وزير التموين هربا من المساءلة السياسية في البرلمان .. لكن ذلك لا يجول دون محاسبته جنائيا عندما يثبت تورطه في فساد القمح . 
كما تعودنا في هذه الحالات تحقق بورصة الشائعات أعلي نسبة جدل ، وأعلي نسبة طموح للطامعين في كرسي الوزير أو رئيس الوزراء ، ولأن التغيير عندنا نمطي وتقليدي .. وزير مكان وزير ، ورئيس وزراء مكان رئيس وزراء ، ورئيس وزراء كان وزيرا في حكومة فشلت في معالجة المشاكل ، ووزير فشل في تحقيق نجاح في وزارته فيأتي وزيرا لوزارة أخري ، ووزير كان وزيرا من قبل ثم يعود في التغيير الجديد وزيرا لنفس الوزارة .. يعني باختصار التغيير الوزاري شكلي بامتياز .. لذلك تنطلق الشائعات بأسماء قديمة لم تقدم شيئا في عملها من قبل ولم تحرز نجاحا ملحوظا ، وبأسماء جديدة لا نعرف عنها شيئا من قبل وليست لها دراية أو علاقة بالعمل العام أو السياسة ، يأتي هؤلاء وهؤلاء في الوزارة ونلبس في الحائط ! 
التغيير المطلوب هو تغيير سياسات وليس أفراد .. تغيير برامج تكون واضحة تؤتي نتائج ملموسة علي أرض الواقع .. برامج وسياسات يكون الانحياز فيها للطبقة محدودة الدخل والمتوسطة واضحا لا لبس فيه ، وقادرا علي حل المشاكل المزمنة من الجذور .. برامج وسياسات تكون الشفافية فيها العنوان الرئيس لها ، ويكون حساب المقصر في تنفيذها واضحا وسريعا .. إذا توافرت هذه السياسات والبرامج يصبح اختيار المسئول عن تنفيذها سهلا بشرط أن تكون له علاقة وثيقة بهدف البرنامج أو السياسة المطلوب تنفيذها ، وأن يكون لديه حس سياسي وقدرة علي التواصل والتعامل مع الرأي العام ، وألا يكون من هؤلاء الذين تجذبهم بسهولة شهوة الكلام والتصريحات بمناسبة وبدون مناسبة فيحمل الحكومة ما لا تحتمل ! مطلوب في التغيير الجديد – إذا حدث – وزراء مسئولين يستطيعون تطبيق مفهوم الإدارة الرشيدة والإدارة بالأهداف وليس وزراء من عينة ( قريبا سننتهي من كذا ، وقريبا سيشعر المواطن بكذا ) .. هؤلاء لا يعملون ولا ينتجون ولا ينجحون ! 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *