أخبار عاجلة

محمد يوسف العزيزي يكتب… “الجنسية والديانة والهوية المصرية !!”

عمار يا مصر 
بين الحين والحين يخرج علينا البعض باقتراحات ما أنزل الله بها من سلطان يتلقفها الإعلام وينصب لها سيركا لا ينفض ولا ينصرف رواده حتى يتحفنا البعض الآخر باقتراح لندخل في دوامة لغط جديد يكشف لنا بوضوح مستوي التفكير الذي وصل إليه نوابنا في البرلمان ، ويفضح مدي السطحية في البحث عن حلول لمشاكل الوطن الملحة ، وسواء كانت الاقتراحات الصادمة التي تناولتها وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة وما زالت تناقشها من بنات أفكار بعض نواب البرلمان أو من حكومتنا الرشيدة ، فالأمر مدهش ومحزن ومحبط ! 
الوطن ليس شقة مفروشة للإيجار ، ومصر ليست سلعة معروضة لمن يدفع ، ولا يصح ولا يجوز مجرد التفكير في طرح جنسيتها للبيع مهما كان المقابل ومهما كان المبرر حتى وإن كان مجرد اقتراح لم يرق إلي مستوى مشروع القانون رغم أن المتحدث باسم مجلس الوزراء صرح بأن لدي الحكومة مشروع قانون سيعرض علي البرلمان بشأن إقامة الأجانب وتوفيق أوضاعهم ، ولأن أول الرقص ( حنجلة ) كما يقول المثل فإن توفيق الأوضاع سيأخذنا حتما إلي منح الجنسية بمقابل مادي ، ولنا أن نعلم وندرك من سيدفع بسخاء للحصول علي الجنسية المصرية ، وكيف سيستخدمها وما هي الكوارث المتوقعة من جراء هذا الاقتراح الذي يجب رفضه ابتداء قبل الدخول في التفاصيل التي يسكن فيها الشيطان !
البعض من المؤيدين لهذا الاقتراح يقولون بيع الجنسية ليس بدعة فهناك دول فعلتها وتفعلها وقانونها ودستورها يبيح ذلك ، والحقيقة أن هذا الكلام باطل يراد به حق فتلك الدول لا تتعرض لمؤامرة كما نتعرض ، ولا يمارس عليها ضغوطا اقتصادية كما يحدث معنا ، ومن ثم وجب علينا الانتباه لأن من سيدفعون للحصول علي الجنسية لهم أهداف وأغراض أخري غير الجنسية في ذاتها ، والكلام في هذا الشأن يطول ، بل إنه لا يغيب عن فطنة المصريين !
بدأت المسألة بجس النبض وطرح الأمر علي المجتمع من خلال بعض البرامج ، ونال أصحاب الرأي ما نالوه من جمهور المشاهدين في البرامج التي فتحت خطوط الاتصال مع الناس ، وعرف البرلمان وعرفت الحكومة رد الفعل ( الحرة تموت جوعا ولا تأكل بثدييها ) هذه كانت رسالة الغالب الأعم من الناس .. هل وصلت الرسالة إلي الحكومة والبرلمان ؟ الله أعلم .. وسنري . 
اقتراح آخر يأخذنا إلي دائرة الخلاف داخل البرلمان وخارجه ويقسم الناس إلي مؤيدين ومعارضين .. خانة الديانة .. موضوع قديم أثير من قبل وأغلق ملفه ولا أدري سببا لطرحه مجددا من بعض النواب اللهم إلا نظرية المؤامرة التي يرفضها البعض ويؤيدها البعض وأنا منهم .. وإلا لماذا إثارة الأمر الآن خصوصا بعد أحداث المنيا وما حدث للأخوة المسيحيين هناك وما تزامن مع طلب مصر قرض من صندوق النقد الدولي ليبدو الأمر وكأنه شرط من شروط الحصول علي القرض ، وما تزامن أيضا مع دعوة أقباط المهجر – التي تجددت – للتظاهر أمام البيت الأبيض .. الأمر الذي أوجد خلافا بين الأخوة المسيحيين بعضهم البعض بين مؤيد ومعارض .. ! ألا يدعو ذلك إلي التساؤل والتفكير .. لماذا عاد أقباط المهجر للظهور والضغط علي مصر من جديد رغم رفض معظم المسيحيين في الداخل لهذا التوجه بما فيهم البابا الذي يواجه نقدا شديدا بسبب موقفه الوطني من هذه الأزمة من أقباط الخارج والبعض من الداخل ! 
بيع الجنسية وخانة الديانة بين الإلغاء أو الإبقاء قنبلتان موقوتتان تنفجران في أساس الهوية المصرية فتصيبها بالتصدع، وبمرور الوقت ودق الأسافين تسقط الهوية المصرية.. ذلك العمود الفقري الذي يحمل أثقال هذه الأمة ، والذي ما زال يقاوم محاولات إصابته بإصابة قاتلة ، ولولا يقظة المصريين الذين تجمعهم الشدة ويقويهم الخوف علي هويتهم لضاعت تحت ضغط هذه المؤامرات التي لا تتوقف ! 
لا أحب أن أتهم أحدا بعينه .. لكن المسحورون والمغيبون والجاهلون لا يتوقفون لحظة ويراجعون أنفسهم ويجيبون علي السؤال الذي نردده كثيرا .. لماذا الآن ؟ ولماذا استهداف تغيير الهوية وتشويه الشخصية المصرية التي حافظت علي هذا الوطن وعلي تماسكه رغم كل سنوات الاحتلال الظاهر من الهكسوس حتى الانجليز ؟ 
ببساطة .. فشلت المؤامرة بأدواتها التقليدية فبحثت عن أدوات جديدة لتحقق قول الشاعر الإغريقي ( هزمناهم .. ليس حين غزوناهم .. ولكن حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم وشخصيتهم ) … ! 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *