أخبار عاجلة

د.سامية حسنين تكتب… “ازمة العشر درجات..!!”

الدولة العميقة في نفوسنا..
وكما جاءت ازمة  قانون ” الخدمة المدنية الجديد” بالاعتراضات والمظاهرات والتأجيج، تطل علينا بنفس الوجه الرافض للتغيير، المثقل بالمعتاد من الماضي البعيد والقريب  ازمة ” العشر درجات” التي اعلنها وزير التربية والتعليم مؤخرا..
عشر درجات خصصت من قبل الوزارة؛ للسلوك ( سبع درجات)، وللحضور المدرسي المنتظم ( ثلاث درجات). قامت الدنيا ولم تقعد بعد.. الطلاب – خاصة طلاب الثانوية العامة والشهادة الاعدادية – يعترضون بشدة ويهددون بعدم الاستجابة.. تؤلمهم اكثر الثلاث درجات المزمع خصمها مقابل الغياب المتكرر، او عدم الحضور النهائي الذي يحدث في المدارس منذ سنوات وسنوات.. تهمهم درجات الحضور اكثر من درجات السلوك !!!!!
لكأنما طلابنا جميعا يتمتعون بالسلوك المنضبط الراقي؟؟ والاحترام الواجب للمدرسة والمعلم..!!!!  لكن اي سلوك ستحاسبهم عليه الوزارة وهم لا يذهبون للمدارس فعلا…
احاول ان استعرض – من وجهة نظر مواطنة – وجهتى النظر للوزارة، وللطلبة واولياء امورهم علنا نستطيع ان نصل الى مشترك واحد يعيننا على تخطي تلك الازمة وغيرها من الازمات ” المختلقة”.
–  وزارة التربية والتعليم ووزيرها الجديد يريدون ان يعيدوا الوظيفة الاولي للمدرسة الا وهى “التربية” الى جنبات المدارس، لتعود المدرسة منارة للاخلاق القويمة والانضباط والاحترام والانتماء الوطنى، وكل ما من شأنه ان يرتقى باطفالنا وطلابنا بمختلف المراحل الدراسية.  وهو ما يشكو منه – كل المجتمع – مر الشكوى منذ فترة وخاصة بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو…  ومرة ثانية وثالثة ؛ مابالنا حال محاولة التغيير نتقاعس ونهاجم !!!!
– الوزارة تريد اعادة النسبة الاغلب من العملية التعليمية  داخل جدران المدارس ؛ ابتدائية واعدادية وثانوية ايضا.. ونقضي على الظاهرة المجنونة – الدروس الخصوصية – التي اصبحت تسري في عروق ودماء – ناهيك عن عقول – الطلاب واولياء امورهم؟؟؟
– الوزارة تريد ان تخفف عبء  الاموال الطائلة التي يدفعها الاهل نظير الدروس الخصوصية لاولادهم.. وهي في هذا تعين الشعب ليتخلص رويدا رويدا من الاعباء المادية والمعنوية التي تثقل كاهله – وكاهل الدولة وميزانية الحكومة- بمليارات الجنيهات كل عام كما تفصح الاحصاءات الموثقة…
– ومع هذا القرار، وهذه الرغبات المحمودة من وزارة ” التربية والتعليم”، تقوم الوزارة بتدريب المدرسين وتحسين مستوياتهم العلمية والفنية والمادية ليقوموا بالمهمة الجديدة بشكل اكثر تطورا ومهنية..  وتخطط لبناء ابنية تعليمية جديدة  لتخفيف التكدس في فصول المدارس الحالية الذي لا تنكره. وهي مجهودات لن تؤتي اكلها خلال عام دراسي واحد، بل تحتاج لمزيد من الوقت ولتضافر جهود الحكومة مع مبادرات المجتمع المدني المالية والفنية..( التعليم اولا كمثال)  كما  تقوم على تطوير المناهج واساليب التعليم وما الى ذلك…  تتمنى الوزارة ان يؤيدها الشعب ويساندها اولوياء الامور ويدفعون بابنائهم للانضبط واحترام المدرسة من جديد..
– تحاول الوزارة ايضا، ان تساعد الطلاب في هذه السنوات الدراسية الاولى من محاولات الاصلاح تفعيل دور فصول التقوية بالمدارس وتحسين مستواها ومراقبتها، كبديل تنظيمي للدروس الخصوصية …
– على الجانب الآخريتخوف الطلاب واولوياء امورهم من ضياع وقتهم في الذهاب لمدرسة لا طائل وراءها؛ لا معلم جيد يشرح لهم باستفاضة وفهم، و لا مادة مشوقة تحببهم في العلم، و لا مدرسة منضبطة يمر يومها الدراسي في سلام واحترام بدون مشادات ومشاحنات تصل في كثير من الوقت الى حوادث!!  كل ذلك صحيح، لكنى اسأل الطلاب واولياء امورهم : كيف سنصلح منظومة التعليم بدون وجودكم؟ الطلاب هم العنصر الاساسي لقيام المدرسة من الاساس. ما هي يا ترى اسباب عدم الانضباط والمشاحنات والمشادات؟؟ اهم الناظر والمعلمون ؟
– اري ان الطلاب قد اعتادوا المادة الجاهزة يقدمها لهم المدرس الخصوصي على طبق من فضة ( ملزمة)، ويتفاني في اختراع الاسئلة والاجابات الشافية للمنهج واعطائها لهم للجاهزية للامتحان النهائي.. كما اعتادوا الخمول والبقاء بالمنزل وانتقاء الاوقات الملائمة للدروس الخصوصية كما يحبون( مع ان بعضها في مواسم الامتحانات يبدأ من الثامنة صباحا).. لا يريدون التزاما او انضباطا في مدرسة او اطاعة معلم او ناظر…
واولياء الامور ايضا، اراحوا انفسهم من مجرد التفكير في ان يفتح كتاب او كراسة طفله او ابنته – في اي مرحلة عمرية او دراسية – مثلما كنا نفعل مع اولادنا .. ونتأكد مما يشرح لهم في المدارس، او نساهم في اعادة شرح وايضاح ما استغلق على افهامهم، او نحفزهم على فتح “الكتاب المدرسي” ذلك المظلوم الذي تنفق عليه الدولة المليارات ويرميه الطلاب واولياء الامور في سلال المهملات بعد ذلك ثم يعودوا للشكوى من قلة الدخول..
الى اولياء الامور – وهم كل الشعب – اقول:  من فضلكم ساعدوا حكومتكم ورئيسكم الذي انتحبتوه على اصلاح ما افسده الدهر في مصرنا الغالية…  اعيدوا ابنائكم للمدارس وعودوا انتم ايضا لملاحظتهم ومراقبة اداء المدرسة والمعلمين، وتقدموا بالاقتراحات البناءة والمساندة الواجبة للمدارس وللعميلة التعليمية كلها.
والا فابتدعوا نظاما تعليميا في المنازل كما كان يحدث للامراء في القصور في القرون السابقة… لا تقدموا لاولادكم  في المدارس من الاساس وكونوا مسئولين مسؤولية تامة عن تعليمهم ولا تشركوا الوزارة ” كخيال ظل”  ثم تعودون عليها بالصراخ والتقريع.
والى وزارة التربية والتعليم نناشدكم بذل المزيد من الجهد لشرح القوانين والمناهج الجديدة لمجتمع اولوياء الامور، والرد على تخوفاتهم وعقد ندوات لمجالس الآباء ومجالس الامناء في المدارس لاقناعهم بما تريده الوزارة على المستوى بعيد المدي ولاهمية دورهم في دفع ابنائهم الطلاب للعودة الى المدارس..
ايها الدولة المصرية العميقة العريقة بشعبها وثقافتها وتنوعها لا نريد ان تعطلنا بيروقراطية تفكيرنا، وعاداتنا الغير سوية عما نتطلع اليه من نهضة وتقدم.. 
لا تلوموا الا انفسكم. لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *