أخبار عاجلة

“الحمام” أسرع فى نقل البيانات من الإنترنت فى جنوب افريقيا

في بعض الأحيان تكون تكنولوجيا القرن الثاني عشر هي الافضل. هذا ما ادركه الاسبوع الماضي احد رجال الاعمال في جنوب افريقيا الذي احبطه البطء المستمر للانترنت في جوهانسبورغ فقرر استخدام حمامة من الحمام الزاجل اسمه ونستون لارسال 4 غيغابايت من البيانات الى اثنين من مكاتب شركته على بعد 50 ميلا بحريا من المقر الرئيسي للشركة. وعمد في الوقت نفسه، الى كبس زر على جهاز الكمبيوتر الخاص به لإرسال البيانات نفسها الى مكتبي الشركة ايضا من خلال شبكة الإنترنت.

وانتظر… وجاءه الجواب : فازت الحمامة ونستون.

وبالرغم من ان المسافة لم تكن قريبة اذ «وصلت الحمامة ونستون بعد ساعتين وست دقائق و 57 ثانية»، بحسب كيفن رولف، رئيس قسم تكنولوجيا المعلومات في أحد مراكز الاتصال التجاري في دوربان. في حين ان نقل البيانات عبر الإنترنت حتى لحظة وصول الحمامة لم يكن قد تجاوز نسبة 4 في المائة من الحجم الاجمالي او ما يقارب 100 ميغابايت فقط من اصل 4 غيغابايت».

طبعا الشركة لن تتخلى عن الإنترنت، وليس لديها أية خطط لتبني استخدام الحمام الزاجل الذي كان رائدا في ميدان المعركة من قبل جنكيز خان. وبالرغم من أن تجربة السباق بين الحمامة والانترنت حققت نجاحا باهرا يثير السخرية، الا انها اكدت على واقع تعيشه العديد من الشركات في جميع أنحاء افريقيا وهو: ان الافارقة يدفعون بعض من أعلى الأسعار في العالم مقابل خدمة للانترنت هي الاقل فاعلية في العالم. وإذا كان بلد مثل جنوب أفريقيا – المزدهر والمتطور نسبيا – لا يمكنه حل هذه المشكلة فانه سيحتاج إلى الكثير من الحمام.

ففي معظم أنحاء أفريقيا، تقدم اطباق ارسال الاقمار الصناعية خدمة الانترنت، وهو خيار مكلف وغير موثوق به. ويمكنك الذهاب الى اي مقهى للانترنت في كينشاسا أو الخرطوم، وسترى العشرات من الطلاب ورجال الأعمال يكتبون الرسائل، وويضغطون على زر الإرسال، ومن ثم ينتظرون وهم يصلون ان لا ينقطع الارسال قبل أن تذهب الرسالة الى المرسل اليهم.

من الناحية النظرية، فإن مشاكل الانترنت في أفريقيا في طريقها الى الحل. فهناك كابل تحت البحر بكلفة 650 مليون دولار، يربط ميناء مدينة مومباسا الكيني مع أكبر نظام خدمة الكابل البحري في آسيا لتحصل بذلك معظم المدن الكبرى في شرق أفريقيا على خدمة للإنترنت عالية السرعة ذات النطاق العريض. هذا النظام بدأ العمل فيه منذ تموز الماضي ولكن بعد ثلاثة أشهر، رفض مقدمو خدمات الإنترنت المحليين تخفيض الأسعار، او زيادة النطاق الترددي مقابل السعر نفسه. وفي بعض الدول الافريقية مثل رواندا على سبيل المثال، مددت شبكة كابل لخدمة انترنت ذات سرعة عالية إلى كل منطقة وفي كل مدينة رئيسية في البلاد على امل تحويلها الى مركز لتكنولوجيا المعلومات مثل سنغافورة. بينما وفي دول اخرى، مثل جنوب أفريقيا، ورغم تحديث أنظمتها المعلوماتية الا ان عجز الشبكة عن مواكبة الطلب عطلها. مما دفع البعض إلى العودة الى استخدام الحمام الزاجل.


الفكرة اطلقها أحد أعضاء قسم تكنولوجيا المعلومات على سبيل المزاح بعد ان انهكه الكثير من مشكلات انقطاع الشبكة وتراجع أو فشل نقل المعلومات فقال دون تفكير «اننا يجب ان نعود الى استخدام الحمام الزاجل».

وقد تبدو هذه الفكرة من باب التهكم والمزاح الا انها كانت في اساس نقل المعلومات في القرنين الماضيين. فقد كان الحمام الأداة لارسال المعلومات حول المعارك والاسهم المالية وخلاف ذلك. وفي منتصف القرن 19 كان بول جوليوس رويتر (مؤسس وكالة رويترز للأنباء) يستخدم الحمام الزاجل لإرسال معلومات الأسهم بين مدينتي آخن وبروكسل الى ان حلت خدمة التلغراف محلها. وفي الحرب العالمية الأولى استخدمت البحرية البريطانية الحمام الزاجل لإرسال المعلومات حول المعركة. (بينما استخدم الألمان الصقور المدربة لاعتراض هذه الرسائل).

واليوم وبعد نجاح تجربة «الحمامة ونستون» التي ذاع صيتها على محطات تلفزة وعلى موقعي فايسبوك وتويتر، بدأت بعض الشركات في افريقيا، وفي ظل استمرار تراجع خدمة الانترنت، بتدريب بعض الحمام. ويقول موظف تكنولوجيا المعلومات الذي اطلق الفكرة «رغما عنه» ان»استخدام الحمام ليس الخطة الأمثل … لكن سيكون علينا أن نفعل ذلك من وقت لآخر».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *