كنت جالسه أرشف قهوتى كالعادة بعد كل وجبه .. كان الوقت مساءاً , ولم أستطع أن أمحى من ذاكرتى ذلك الشجار الصباحى العنيف , بينى وبين أخوتى بسبب السياسه والجماعه !! .
كان كل منا متمسك برأيه , ومتشبث به ويرى أن الأخر هو المخطىء فى تقدير الأمور , هم رأوا أن المشكله الحقيقه التى تعانى منها مصر ” المعارضه ” وبالمناسبه هم يرون أنها على باطل دائماً , وأنها مهما فعل معها النظام لن ترضى , وأنا رأيت أن الجماعه غافله عن الكثير من الأمور , لو فقط فكرت فى الحوار الجدى لتغير الوضع .
مشكلة الجماعه أنها ترى أن المعارضين لا يعارضون كيان الجماعة , بل يعارضون ” الإسلام ” وقد يصل الأمر إلى توجيه اتهامات بـ ” الكفر أو الإلحاد ” , مع أنهم أول من يعرف تمام المعرفه , أن الإسلام أعمق وأوسع وأشمل من أن يختزل فى جماعه بشريه , وهو الدين السماوى الذى نزل من عند الخالق سبحانه وتعالى ولا سيطرة لبشر عليه .
لم يكن الشجار سهلاً , أو حتى صعباً , فالشجار بيننا أصبح عاده ” يوميه ” نمارسها كلما اجتمعنا لنشاهد نشرات الأخبار أو برامج التوك شو , أو أحاديث الرئيس , لكن شجار اليوم جعلنى أفكر, بينما أرشف رشفه أخرى من قهوتى وأسأل نفسى .. ” من ماذا نعانى ” ؟؟ .. ولماذا نختلف بهذا الشكل الذى يجعل كل مناقشاتنا حادة , وسفسطائية ولا تصل لنتيجه ؟؟ .. أشياء كثيرة جمعتنا وتجمعنا فقد تربينا فى نفس البيئة , نفس الأب والأم , قرأنا نفس الكتب وتصفحنا نفس الجرائد .. كان أبى رحمه الله عليه يجمعنا حوله ليحكى لنا عن التاريخ بالمناسبه ” أفتقد أحاديثه كثيراُ ” ,, لماذا إذن نحن مختلفون ولماذا اتفقنا اتفاقاً غير معلن ألا نتفق ؟!! .
بينما أرشف رشفه أخرى من فنجانى , سألت نفسى هل نعانى نحن الأخوة , من نفس المشكلة التى تعانى منها الجماعه والمعارضه ؟؟ وإن كانت هناك أزمة , وبالمناسبه هى موجودة بالفعل , هل لنا أن نفند معطيات الأزمة ونعالجها كما تعالج الأرقام فى المعادلات الرياضيه , لنخرج بنتيجة صحيحة نرضى عنها جميعاً ؟.
نحن نملك بالفعل معطيات الأزمة أو مدخلات العمليه الحسابيه , نعلم أننا مختلفون فكرياً لكن على المستوى الإنسانى , ” كلنا إنسان ” , بما أننا نملك المعطيات , فهل يمكن أن ندخلها فى معادله , نخرج منها بحلول , أم أننا لا نملك طريقه لحل الأزمة ؟؟ , أم أننا لا نريد وهناك أشخاص من مصلحتهم بقاء الأوضاع على ما هى عليه ؟؟ .
من يملك حلاً للأزمة الطاحنه ؟ ومن يملك إيقاف الصراع , بين الأشقاء والأصدقاء , الذين وقعوا فريسة تأييد إحدى التيارات , فاختلفوا واتفقوا ألا يتفقوا ؟ .
انتبهت عندما انتهت قهوتى , وزاد انتباهى رنين الهاتف , كأنه ينادينى من بعيد , لينتشلنى من افكارى المتلاحقه , التى لا تجد إجابه , لم أهتم بالرد , وأعدت ضبط الهاتف على وضع الصامت , بعد أن نبهنى رنينه أننا جميعاً نعيش فى غفله لا نعلم كم من الوقت ستستمر .