أخبار عاجلة

د. سيد نافع يكتب… “بين المحكم والمتشابهه..”

المحكم هو النص قاطع الدلالة الذي لا يختلف اثنين علي دلالة معناه والمتشابه هو النص ظني الدلالة الذي يحتمل معناه أكثر من وجه ويجوز فيه اختلاف الآراء
وكذلك اذا وجد نص قاطع الدلالة وآخر قاطع الدلالة لكن هناك تعارض في المعني بمعني أن يكون هناك نص يثبت ونص ينفي يوضع هذين النصين في تصنيف المحكم والمتشابه ويكون هنا بسبب قصور الفهم والوصول الي المعاني الصحيحة للنصين وقد يكون ادوات العلم وما هو متاح من علوم غير كافية لفهم اي منهم ومع تقدم العلوم يمكننا فهم دلالات بعض النصوص التي لم يذكرها علماء السلف مثل قضية استنساخ البشر مثلا وكيف هي من علامات يوم القيامة بحديث صحيح متفق عليه عندما سأل جبريل عليه السلام عن متي الساعة فقال له صلي الله عليه وسلم ما المسئول بأعلم بها من السائل ولكني سأحدثك عن أشراطها أي علامات اقترابها وكان منها ( أن تلد الأمة ربتها ) وفسرت هذه العلامة عدة تفسيرات كلها تعتبر أن الأمة هي الجارية المملوكة ملك اليمين والربة بمعني السيدة المالكة والملكة ، والحقيقة لا الأمة بهذا المعني ولا الربة أيضا بهذا المعني ، ففي الصحيح ينهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن هذه الإستعمالات اللفظية للمملوكة ملك اليمين وكذلك المالكة لها لا يصح أن يقال لها ربة ، يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ( لا يقل أحدكم اسقي ربك أطعم ربك وضئ ربك ولكن ليقل سيدي مولاي ولا يقل أحدكم عبدي أو أمتي ولكن ليقل فتاي فتاتي غلامي فكلكم عبيد لله وكل نسلئكم أماء لله ) والمعني الصحيح للعلامة هي أن تلد المرأة وهنا الأمة بمعني المرأة علي وجه العموم ولا دليل للتخصيص ملك اليمين وبالتالي فالعموم أولي وعليه أن تلد المرأة مربيتها وليس مالكتها ولا ملكتها والمربية هنا هي الأم والمعني النهائي هنا أن تلد المرأة أمها حقيقة لا مجاز وهذا يمكن أن يحدث بالاستنساخ حيث يمكن للمرأة أن تلد أمها أو أبيها وحتي نفسها ولن استطرد هنا طويلا في كيفية هذا وتقنية الاستنساخ فله مكان آخر ولمن أراد المزيد فعلي صفحتي الكثير من الحلقات علي اذاعة القرآن الكريم وكذلك نوات بهذا الخصوص في جمعية الدكتور مصطفي محمود .
وذكر ذلك القرآن الكريم قال تعالي في سورة الأنعام ( وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) فمعاني النصوص لها مستقر ووقت يكشف فيها المعني
ويقول تعالي في سورة آل عمران ( هوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)
ومن أمثلة الاختلاف في الامور الحياتية هناك امور لا يختلف عليها اثنان علي أنها حسنة أو قبيحة وهناك امور نختلف فيها فمنا من يراها حسنة ومنا من يراها قبيحة ولا احسن مما أحل الله ولا اقبح مما حرم الله وفي هذا يقول عامر قال: سمعت النعمان بن بشير يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات: كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب). البخاري

وعند الحاكم في المستدرك عن بن مسعود رضى الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( نزل الكتاب الأول من باب واحد على حرف واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف زاجرا وآمرا وحلالا وحراما ومحكما ومتشابها وأمثالا فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا آمنا به كل من عند ربنا ) هذا حديث صحيح الإسناد

وفي مصنف ابن ابي شيبة . حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس أنه ذكر عنده الخوارج فذكر من عبادتهم واجتهادهم فقال : ليسوا بأشد اجتهادا من اليهود والنصارى ثم هم يصلون ، وعن طاوس عن أبيه عن ابن عباس أنه ذكر ما يلقى الخوارج عند القرآن فقال : يؤمنون عند محكمه ويهلكون عند متشابهه .

والمتشابهه في عصر يمكن ان يكون محكما في عصر آخر فمع تطور العلم والفهم يمكن للامور التي كان يصعب فهمها في الماضي ان تدخل في دائرة المحكم بالفهم الواعي وطبقا لمعطيات العلم المتجددة وهذا يعتمد علي اجتهاد العلماء المجددين والمجتهدين وما يمن به الله علي من يشاء من خلقه
فمثلا وضع علماء الحديث حديثين أحدهما يثبت وجود العدوي والآخر ينفيها في تصنيف المحكم والمتشابه حيث أن للحديثين نفس قوة السند فكلاهما حديث حسن لكن الاختلاف في المتن أي المضمون فأحدهما يثبت العوي ( فر من المجزوم فرارك من الأسد ) ففي هذا الحديث اثبات لوجود الأمراض المعدية والعدوي المنتقله من شخص لآخر ، وهناك حديث حسن آخر يقول ( لا عدوي ولا طيرة ) والغريب أن علماء الحديث وجدوا تعارض بين الحديثين السابقين حيث أن أحدهما يثبت العدوي والآخر ينفيها ، وهذا غير صحيح فالحديث الثاني ( لا عدوي ولا طيرة ) لا ينفي العدوي ولكن ينهي عن التعرض للعدوي فلا هنا ناهية وليست نافية بدليل أن التطير وهو التشاؤم موجود لكن ينهي عنه الرسول صلي الله عليه وسلم فال لا هنا ناهية وليست نافية وعليه لا تعارض بين الحديثين ويعتبر كلاهما في حكم المحكم ويعضد كلاهما الآخر وهذا مثال للمحكم والمتشابه في السنة النبوية المطهرة

وهناك حديث آخر أثار شبهات علمية عند الملحدين والحقيقة أن فيه اعجاز علمي
عندما سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن تحديد جنس الجنين قال ( إذا علا ماء الرجل ماء الأنثي كان المولود ذكراً وإذا علا ماء المرأة ما الرجل كان المولود أنثي ) وفي رواية أخري إذل سبق ماء الرجل ماء الأنثي كان المولود ذكراً وإذا سبق ماء الأنثي ماء الرجل كان المولود أنثي بإذن الله ) ، من المعلوم طبياً أن الذي يحدد جنس الجنين هو الرجل وليست المرأة فالحيوانات المنوية إما تحمل صفة الذكورة أو الأنوثة لكن التلقيح يتم غالباً من حيوان منوي واحد إما الذي يحمل صفة الذكورة أو الأنوثة ، فالحيوانات المنوية إما أنها تحمل الكروموسوم x أو الكروموسوم Y أما البويضة فإنها دائما تحمل الكروموسوم X وبالتالي عندما يلتقي الكروموسوم Y مع بويضة المرأة ينتج XY ويكون المولود ذكراً ، وأما إذا التقي الحيوان المنوي الذي يحمل الكروموسوم X مع بويضة المرأة كان تركيب XX وبالتالي يكون المولود أنثي ، لكن هل هناك دور لماء الأنثي في تحديد أي من الحيوانات المنوية المذكرة أم المؤنثة يكون لها الفرصة الأكبر لتلقيح البويضة ، أي ما الذي يجعل هذا أو ذاك هو الذي يصل الي البويضة ويخترقها ويلقحها ؟ وهذا هو السؤال .
بالطبع كان يصعب شرح وفهم ذلك في حينه
من المعلوم ايضا طبياً أن سائل الرجل قلوي ليعادل حموضة الإفرازات الحمضية للأنثي ، فهذه الحمضية في افرازات المرأة تقتل البكتريا وكذلك الملايين من الحيوانات المنوية .
فإذا سبق ماء الرجل ماء الأنثي نجي الملايين من الحيوانات المنوية من التأتثير القاتل لإفرازات المرأة الحمضية وأمكنهم الدخول للرحم من خلال عنق الرحم ، ومعلوم طبياً أن الحيوانات الذكورية أكثر تأثرا بالحموضة الزائدة أما الحيوانات الأنثوية فإنها أكثر مقاومة للوسط الحامضي ، فمن المكتشفات العلمية الحديثة أن ال ph لها دور في تحدد اي الحيوانات هي التي تخترق وتلقح ، وكما قلنا الحيوانات المنوية التي تحمل الكروموسوم y هي اضعف في تحمل الوسط الحمضي واخف وزنا وبالتالي اسرع في الحركة ، اما الحيوانات التي تحمل الكروموسوم x هي اثقل وبالتالي أبطأ لكن تحملها للوسط الحمضي اكبر ، وبالتالي في حال قلوية الوسط فهذا يساعد الحيوانات التي تحمل صفة الذكورة في الاختراق والتلفيح لخفة وزنها ويكون الناتج ذكرا ، اما في حال حمضية الوسط وزيادة الحموضة الراجع لماء الانثي تخترق الحيوانات التي تحمل الكروموسوم x لقدرتها علي تحمل الوسط الحمضي اكثر ويكون المولود باذن الله انثي
الرسول هنا يتحدث في أمر علمي لكن نلاحظ أنه سئل فيه ومعظم الأمور العلمية كان يسأل فيها وكان لابد من إجابة لكن الإجابة بالطبع ليس فيها التفسير والشرح وكان يتلقاها المسلمين الأوائل بالتسليم وعلينا نحن أيضاً هذا لكن إذا فهمنا المعني كان هذا أفضل حتي لا يشكك أحد في أصولنا وبدعي تعارض الدين مع العلم ، وهناك من المسلمين من لا يؤمن بهذا التفسير العلمي للحديث العلمي ( ويقول انها ارادة الله ) وهو حديث سبحان الله يتحدث في أمر علمي ، حقا انها ارادة الله التي لا راد لها ، لكن الله تبارك وتعالي اذا اراد شيئا يسر له الأسباب هذا في قانون الكون الذي وضعه تبارك وتعالي ، ولله في طلاقة قدرته ان يخرق الاسباب فجعل النار برداً وسلاماً وجعل جوف الحوت سكناً ومأمناً ، لكن في قنون الكون ربط المولي بين الاسباب والنتائج لذلك امرنا بالاخذ بالاسباب ، لكن ما القول في اختيار جنس المولود من البداية ، الآن يستطيع العلماء تحديد الحيوانات المنوية التي تحمل صفات الذكورة والانوثة ويستخدموها حسب طلب الام والاب في اختيار جنس المولود في التلقيح الخارجي واطفال الانابيب ، هل هذا يتعارض مع الآية ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) ) بالتأكيد لا يتعارض مع المشيئة الالهية فلا يكون في كونه إلا ما اراد يقول تعالي ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى )) الحج ، فلو اختارت الام واختار الاب جنس المولود من البداية فلن يستقر في الرحم الي اجلة المسمي إلا ما اراده الله تبارك وتعالي ، نريد ان نفهم الدين بشكل صحيح ونريد ان نفهم كلام الرسول في الحديث الذي نحن بصدده فهما صحيحا وعلميا ولابد ان نلاحظ ان الناس علي عهد رسول الله صل الله عليه وسلم كثيرا ما سألوه عن امور علمية كالحديث الذي نحن بصدده وعن المحيض والعدة وامور علمية كثيرة .
هذا والله تعالي وتبارك اعلي واعلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *