أخبار عاجلة

محمد يوسف العزيزي يكتب… “حول حكم محكمة جنايات المنيا..”

عمار يا مصر

لست مع هؤلاء الذين أطلقوا علي حكم محكمة جنايات المنيا بإعدام 37 شخصا من بين 529 شخصا بأنه حكم تاريخي لأنه ليس هناك أحكام تاريخية وأخري غير تاريخية , وإلا فليقولوا لنا ماهي معايير الحكم التاريخي التي تختلف عن الحكم غير التاريخي , لأن أحكام القضاء كلها مستمدة من نصوص الدستور والقانون وفقا للثابت في الأوراق والأقوال من شهود إثبات وشهود نفي ويستوي في ذلك حكم الإعدام وحكم الحبس البسيط .
ولست مع هؤلاء الذين قالوا أن الحكم مسيس لأن هذا القول مردود عليه , ولو كان مسيسا لكان من المفيد تأجيل هكتبذه الأحكام بأي وسيلة من وسائل التأجيل حتى تمر المرحلة الصعبة التي تعيشها البلاد وتجنب السلطة الحاكمة نفسها القيل والقال الذي انطلق عقب صدور الحكم وتاجرت به الجماعة الإرهابية في الداخل والخارج , ومن يقول مثل هذا الكلام مقتنعا به يفتقد كثيرا من المنطق والعقل .!!
ما أدهشني ليس كلام العامة أو البسطاء حول الحكم من حيث القسوة والشدة كما يقول البعض أو من حيث أن المتهمين يستحقون ذلك وأكثر لكن ما أزعجني إلي جانب الدهشة هم هؤلاء المتخصصون في القانون من حقوقيين ومن أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان وهم يقولون كما يقول البسطاء والعامة من الناس رغم أن دورهم هو توضيح أي لبس يقع فيه الناس فيختلط عليهم الفهم بعيدا عن المزايدة والعاطفة وكسب الشهرة وحسابات المكسب والخسارة علي حساب أحكام القضاء التي هي عنوان للحقيقة .
فعندما يقول المستشار منصف نجيب عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أن حكم الجنايات مزعج جدا – وهو مصطلح غير قانوني – لضخامة العدد , وأن هذا العدد الذي تم الحكم عليه بالإعدام يعادل نصف ما تم الحكم عليهم بالإعدام خلال العشر سنوات الأخيرة والذي يقدر ب 1400 شخص فعلينا أن نرد عليه لأن العدد الذي تم الحكم عليه بالإعدام حضوريا لا يزيد عن سبعة متهمين والباقون هاربون أي أن الحكم بشأنهم غيابيا ومن ثم ستعاد محاكمتهم من جديد عند القبض عليهم أو تسليمهم أنفسهم وبذلك يسقط الحكم السالف عنهم , ولا أحد يمكن أن يتنبأ بالحكم الجديد , وكذلك الذين تم الحكم عليهم بالمؤبد معظمهم هاربون والحكم بالنسبة لهم غيابي أيضا وينطبق عليهم ما ينطبق علي المحكومين بالإعدام .
وإذا أخذنا في الاعتبار الجرائم التي ارتكبوها من قتل وتمثيل بالجثث وسحل وحرق قسم الشرطة ونهب محتوياته بالكامل وسرقة السلاح منه وإحداث حالة ترويع هائلة تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وبالتالي نشر الفوضى ليبدو أننا نعيش في لا دولة..!! ففي تقديري لا أري الحكم قاسيا أو مزعجا كما يقول المستشار الذي أتصور أنه كان يتحدث بالسياسة أكثر مما يتحدث بالقانون باعتباره عضو بالمجلس القومي لحقوق الإنسان , ويبدو أن ذاكرته لم تستدع مشاهد هذه الجرائم التي وقعت في أعقاب فض بؤرة رابعة المسلحة , فضلا عن أن النائب العام قام بنقض الحكم بعد ساعات قليلة من صدوره , والمستشار يعلم أكثر مني أن النقض يعني محاكمة الحكم الذي صدر وإخضاعه لنصوص القانون فإن كان به عوار أو شطط يتم نقضه وإعادة القضية إلي دائرة أخري لمباشرتها من جديد وقد يتغير الحكم من التخفيف إلي البراءة .. فلماذا يا سيادة المستشار الانزعاج وأنت تعرف السبيل ؟!!
بقيت نقطة هامة وهي التركيز علي أن كل المتهمين من الإخوان.. وهذا طرح غير دقيق المقصود منه هو توصيل رسالة مغلوطة تقول أن القضاء المصري يقوم بإعدام الإخوان لتبدو القضية كأنها سياسية وهذا مخالف للحقيقة لأن عدد أعضاء جماعة الإخوان لا يتعدي 25 متهما من كل هؤلاء الذين صدر بشأنهم هذا الحكم , ولذلك يكون الحكم – وهذا شأن كل أحكام القضاء المصري – بعيدا كل البعد عن التسييس , والحكم في النهاية عقاب لمتهمين خارجين عن القانون وبلطجية مأجورين حتى وإن كانوا من جماعة الإخوان الإرهابية ! وما حدث في هذا الحكم يحدث مع الحكم بإحالة 683 متهما إلي فضيلة المفتي نسبة 80% منهم هاربون أيضا ومع ذلك ما يقوله البسطاء يقوله الخبراء ولا فرق بينهما غير المصلحة أو السبوبة !! ويبقي السبيل الوحيد للذين يعارضون الأحكام أو يصفوها بالمزعجة والقاسية هو الطعن عليها بطرق الطعن التي نظمها القانون, والعمل علي إصدار تشريعات تعطي ضمانات أكثر للمتهمين.. لكن يبقي القانون هو القانون ويبقي احترام القضاء وأحكامه ضرورة وواجب لا يجب التخلي عنهما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *