أخبار عاجلة

جذور العلاقات الإخوانية الأمريكية

فى مقال سابق عن جذور العلاقات الإخوانية الإنجليزية أشرنا إلى أن أمريكا كان لها دور كبير فى دعم جماعة الإخوان المسلمين عبر تاريخها ومن ثم كان لزاما علينا أن نخوض فى الحديث عن العلاقات الإخوانية الأمريكية التى يظن البعض أنها وليدة أعوام قليلة ماضية وهو ما يكذبه الواقع والحقائق والتاريخ .

فبشأن العلاقات الأمريكية الإخوانية أراها أقدم مما يتخيله البعض وربما ترجع إلى أيام نشأة الجماعة ذاتها ، لكن ما تحت يدى من تواريخ موثقة أن لقاءا تم يوم 27 مايو 1953م حضره من الإخوان محمود مخلوف ، ومن الأمريكان مستر جبير نجان انتهى إلى ضرورة تقوية العلاقات بين الطرفين ، ثم لقاء آخر فى 4 يونية 1954م طلب فيه الأمريكان من الإخوان التى تمثل قيمة وثقلا ويمكن التعامل معها ، وفيه سأل مستر بورديت وجيرتجان عن إمكانية استمرار الإخوان فى وجود الضباط الأحرار فأكد الإخوان أن الجماعة لا يمكن حلها وأن الضباط حالة صوتية .
ويوم 27 يوليو 1953م تم لقاء آخر حضره المستشار السياسى للسفارة الأمريكية ، وكان تساؤل الأمريكان عن موقف الإخوان من الشيوعية والضباط الأحرار ، وأكد وقتها الإخوان أن الضباط الأحرار عليهم أن يتركوا الحياة السياسية ويعتزلوها ، وأن مجلس قيادة الثورة سيقع قريبا ، وأنه على المعارضة أن تنظم صفوفها استعدادا للصراع الذى سيقع عقب السقوط .
لقد استخدمت الولايات المتحدة الإخوان المسلمين فى الخمسينيات ، ضد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وبعد وفاة ناصر عام 1970 وتراجع القومية العربية أصبح الإخوان سندا وحليفا لأمريكا بشكل أقوى، خاصة وأن الرئيس أنور السادات استخدم الإخوان حينها لمناهضة الناصرية والشيوعية
وفى الثمانينات فى عصر الرئيس الأسبق مبارك زادت العلاقات وتوطدت حيث تم التواصل بين الطرفين على ان تعاون الولايات المتحدة الأمريكية جماعة الإخوان فى فتح مكاتب لها بأوربا وأمريكا ، فى مقابل مساعدة الإخوان للولايات المتحدة بنتفيذ أهدافها بأفغانستان لإحراج الاتحاد السوفيتى ، وهو ما تم بالفعل من خلال تشكيل ما عرف باسم ” الأفغان العرب ” ، وكان التنسيق قد تم بين مهدى عاكف مسئول لجنة الاتصال بالعالم الخارجى بالجماعة وقتها ، وبين الأمريكان ، وقد أشار الدكتور عبدالهو عزام أحد كوادر الإخوان والأب الروحى لتنظيم القاعدة فى مذكراته إلى أن كمال السنانيرى أحد قادة النظام الخاص جاءته تعليمات من مكتب الإرشاد فى العام 1980م بأن يذهب لأفغانستان لتكوين ما أطلقوا عليه ” وحدة انتشار سريعة مسلحة ” من الشباب العربى المسلم الوافد للقتال بأفغانستان ، وبالفعل اسس مكتبا لخدمة الج اهدين أصبح فيما بعد نواة رئيسة لتنظيم القاعدة فيما بعد
وفى العام 2003م كان للدكتور سعد الدين إبراهيم مهندس التواصل الإخوانى الأمريكى دور مهم فى توطيد العلاقات الإخوانية الأمريكية حيث التقى بمجموعة من قيادات الإخوان داخل السجن ، وهو ما رأينا ثماره بالفعل بعد سنتين حيث الضغوط الأمريكية على النظام المصرى فى العام 2005م بشأن فتح الباب أمام الإخوان للترشح دون قيود وهو ما تم فى المرحلة الأولى ، حيث نجح الإخوان فى استخدام الشعارات والترويج للفساد الذى كان منتشرا بالفعل فى جل مؤسسات الدولة مما أكسبهم تعاطفا كبيرا من الشارع وقتها. ثم كشر النظام عن أنيابه بعد ذلك لا سيما وأنه كان على دراية بتفاصيل هذه العلاقات من نشأتها .
الغريب ان الإخوان زعموا مرارا أنهم لا يؤيدون الحوار مع المؤسسات الرسمية في الغرب إلا برعاية وزارة الخارجية المصرية ، ومع ذلك كانوا ولا يزالون يساهمون في حوارات ثقافية وسياسية وحقوقية مع مراكز حقوقية وبحثية بارزة في الغرب ، وقد صدرت تقارير مهمّة في هذا الشأن كبحوث مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ومجلة الفورين بوليسي ومؤسسة أبحاث الحركات الأصولية وأبحاث بارزة لباحثين كمارك لينش وعمرو حمزاوي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *