أخبار عاجلة
الكاتب الصحفي - عبدالسلام بدر

عبدالسلام بدر يكتب… نبأ حزين .. في ليل حالك !!

إن غاب عنّا رئيساً وزعيماً وقائداً .. فلم يغب عن قلوبنا وعقولنا إنساناً ,معلّماً ورائداً من روّاد القومية العربية ، وثائراً ومحرراً حارب الاستعمار والامبريالية والتبعية .. هو مؤسس مصر الحديثة على مبادئ العدالة الاجتماعية بعد أن أسسها ” محمد على الكبير ” على نظم الاقطاع والطبقية … هو ابن الشعب وناصر الفقراء ” جمال عبد الناصر ” ..
ودّعناه جسداًً ، لكنه باقٍ في قلوبنا حبيباً وملهماً ..وما أصدق على ذلك دليلاً غير كلماته وأفكاره التي يترجمها المصريون حماسة وهتافاً كلما حل بهم ما يدعوهم للحشد والالتفاف فيرفعون صورته في السماء ، مرددين أقواله بصوت واحد يجلجل في الفضاء ..
واستدعاءً ليوم فراقه الحزين ، أتذكّر هذه الكلمات التي خطها قلمي ليلة وفاته ( وأنا ابن العشرين عاماً ) في 28 / 9 / 1970 .. في ليلة شديدة الاظلام .. تغلّفها الكآبة ، والشعور باليتم الحقيقي .. وكأني أسمع صوته الثائر يقول :
أنا إن قدر الإله مماتي … لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي ..
لكنك ياجمال لم تمت و ستبقى مصر في قلوب الملايين .
نبأٌ حزين . في ليلٍ حالِك ..
آياتٌ تُتلى… وصدق الله
ثم باسم الله تٌتلى آيات …وصدق الله .
ما أعظم هذا القرآن … ماشاء الله . .
فليعلو صوتُ المذياع
كي يملأ كل الأسماع .
لكن ماذا بعد القرآن !!
ماذا بعد ذلك !!
” نبأ حزين في ليلٍ حالك ”
لعنة الله على المذياع .. ماذا أذاع ؟
” إليكم بيان أنور السادات ” :
” أيها السادة والسيدات .. إن رجلاً عظيما قد مات ..
مات من ؟ .. من الذي مات ؟
انطق ياسادات .. أسرع بالكلمات ..
تقول ناصر مات ؟؟؟ ياللنكبات .. ياللنكبات ..
*******
وبعد … هل صُدعتِ يا أذني ؟
هل فُجعتَ ياقلبي ؟ .. هل جَزَعتِ يانفسي ؟
هل خَرَستَ يالساني ؟
إذاً تكلمي يا عيوني .. وما الآن نطقك إلاّ بالدموع ..
عبّري عن صرخات ٍ بين الضلوع
لا .. فلتخرجي من بين الأجفان دماً
ولتذهب روحي والأرواح فِداً
إن يبقى ” جمال ” طول الزمن
يالهف نفسي على الفقيد ..
ليته يوماً يعود ..
*******
ولكن ها أنا في نحيبي
تُرى هل يسمعني حبيبي ! !
وحبيب الملايين من البشر
ناصر السلام .. جاء بقَدَر
فلأهرع للشوارع والطرقات ..
أسأل : هل ناصر مات
أسأل إنساناً قد يعلم
ولساني بحروفٍ يتلعثم :
هل حقاً مات حبيبهم ؟ ..
هل صدقاً رحل زعيمهم ”
ماذا !! يالهي ..
لا أرى درباً أسير فيه
ليس لقدمي شبراً تخطو عليه
ما هذا الزحام ..
أما هناك نيام !!
أهمُ بالسؤال ..فاًسأل ..
أهمُ بالجواب فأُذهَل
اللعنة على المذياع ..
إذاً حقاً ما أذاع
ياللضياع .. ياللضياع
آهٍ ..فيا جمال الوداع
رحل الزعيم …. مات البطل
جمال العظيم ….. نجمٌ أَفَل
زرع الكرامة …غرس النضال
رمز الشهامة .. خير الرجال
*******
وفي الليل الحالك .
أتى النبأ الحزين
ونحن بين الشك واليقين
حائرون … نادمون
قال البعض : قتلنا جمال
إذ حمّلناه الأثقال
كان لنا أباً ونحن الأطفال
عاش لنا .. تعذّب من أجلنا
وصارع الأهوال ..
حزن الحزن علينا .. وكم سهر من ليال
فكان عريض الأكتاف .. لا يخاف
قلنا فلتحمل تلك الأكتاف . همومنا
أحزاننا .وأخطاءنا
مادامت عريضة .. فلتنجز كل الأعمال ..
استيقظي ياضمائر .. وانطقي يا ألسنة
قولي بأحزانه قتلناه .. نعم نحن الجُناه
*******
وياله من نبأ حزين
أتذكّر معه السنين
أذكر عملاقاً فجّر ثورة
حراً أعاد مصر حرّة
ثم أسمع صوت العملاق
يدوّي في كل الآفاق
يهز الأركان .. يسمع كل الآذان
يطلب حق الانسان
غير ذليل . ولا مهان
يدعو للسلام .. يدعو للأمان
وصوته في أذني رنّان
أراه يعطي في سخاء
يناصر ُ أخوةَ ضعفاء
في الجزائر .. في صنعاء
في كل الأوطان …
وهو على نفس المنوال
ليحقق كل الآمال .. قتلنا جمال
*******
يالضآلة الكلمات …
يالتفاهة العبارات
هل بها نوفي الجميل !!
هل بالهتاف أو العويل .!!
لا .. بل بالعمل ..
فقد علّمنا كيف العمل
بل بالاجتهاد والأمل ..
وقد خطّ لنا طريق الأمل
بل بالعزيمة والصمود ..
وقد أرانا صموداً بلا حدود
*******
الوداع يا جمال الآن
الوداع يا أعز إنسان
ولكن ..
قبل أن ترحل إلى الخلود
يامن أقمت َ المصانع والسدود
سأعطيك زهرة بيضاء
هي أقل ما يُعطى للشهداء
أمّا الجزاء .. فرحمة من السماء
أمّا العطاء فهو البقاء
بقاء في الجنة وخلود
يالهف نفسي على الفقيد
هل تُرى يوماً يعود ؟؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *