أخبار عاجلة
إسراء عبد الحافظ

إسراء عبدالحافظ تكتب… عودة الدراسة.. أزمة تواجه ألاف الأسر السودانية النازحة إلى مصر

 

تابعنا جميعًا خلال الفترة السابقة اشتباكات بين قوات الجيش وقوات الدعم  السريع بالسودان، فلجأ السودانيون إلى دول الجوار هربًا من هذه الاشتباكات والمعارك التي نتج عنها مئات الوفيات وآلاف المصابين، فكانت أقرب الدول لها هي مصر للتقارب المكاني والتاريخي الوطيد بين البلدين، حيث كانت العلاقات المصرية السودانية علاقة تاريخية تمتد إلى عصر الدولة المصرية القديمة والوسطى والحديثة، وبناء على ذلك عاش البلدين تاريخًا مشتركًا عبر مر العصور والأزمنة من قبل الميلاد وأيضًا منذ عام 1820 وحتى بعد استقلال السودان في عام 1956، كما أنها ترتبط بحدود برية مع مصر يزيد طولها على 1200 كم،  فولد ذلك حالة مزج مترابط  بين مواطني الدولتين في هذا التاريخ المشترك، وهذا ما ولد تضامنًا شديدًا واسع النطاق مع أزمة السودانيين من قبل الشعب المصري قبل الحكومة، فطالبوا بفتح أبواب مصر للشعب السوداني الشقيق، وبالفعل فتحت الأبواب المصرية لاستقبال النازحين من الشعب السوداني إلى مصر في جميع المحافظات والمدن وذلك لأن موقف مصر واضح بالنسبة لإقامة معسكرات لجوء بالرفض التام لاعتبارات عديدة تخص عملية الأمن والاستقرار داخل البلاد.

ورغم ذلك الموقف المصري لم تتخل مصر عن الشعب السوداني فأعلنت مصر سريعًا التضامن الشديد مع الشعب السوداني وخاصة بعد المعارك القوية شديدة الاشتعال بين القوتين المتسببين لهذا الضرر الواقع، فصدرت بيانات رسمية من الحكومة المصرية بتسهيل كافة الإجراءات لاستقبال النازحين من أهل السودان إلى مصر وتقديم كافة سبل الدعم الممكنة لهم سواء نساء أو رجال أو أطفال وبدون تأشيرة مسبقة لتسهيل الإجراءات، كما قام ناشطون سياسيون بالدعوة إلى تفعيل اتفاقية الحريات الأربعة التي تنص على حرية التنقل والإقامة والعمل والتملك والتعليم.

وبعد استقرار السوادانيين النازحين بمصر واجهتهم مشكلة كبرى في التعليم فبدأوا يقومون بكافة الاستعدادات لإلحاق ابنائهم داخل المدارس المصرية. فالتعليم يعد مشكلة كبرى أمام السودانيين في مصر وأيضًا أمام الحكومة المصرية وبشكل خاص وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، حيث تولدت مشكلة كبرى أمام الوزارة سواء في الكثافة الزائدة للطلاب التي تحدث على الزيادة القائمة، وهل سيتم التعامل معهم داخل المدارس الحكومية أو الخاصة مثل الطلاب المصريين بنفس شروط أوراق القبول وبنفس المصروفات أم هناك تغير طبقًا لتقدير وضعهم كلاجئين في مصر؟ وهل سيتم تيسير إجراءات تحويل الطلاب السودانيين لاستكمال دراستهم بالجامعات المصرية؟

كيف سيستقبل السودانيين النازحين العام الجديد في مصر ونحن على مشارف العام الدراسي الجديد وخاصة بعد انتهاء موعد التقديم للدخول للمدارس؟

فهناك تساؤلات عديدة حول كل هذه الأطروحات..

في البدايةنود أن نعرض رأي الجانب السوداني الذي قمنا باستطلاع رأيه من خلال بعض الأشخاص من الشعب السوداني النازح لمصر، والمقيم أيضًا بها من عدة سنوات، عن العقبات التي تواجههم كأولياء أمور في مشكلة التعليم في مصر، وأكدوا على أنه تم إلغاء الاتفاقية الدولية الخاصة بشؤون اللاجئين التي تضمن لهم حرية التنقل والتملك والصحة والتعليم، وهذا قرار مفاجئ لهم عندما ذهبوا في شهر يونيه عند التقديم للجامعة فصدموا من واقع المصروفات الباهظة عليهم أنها وصلت إلي ٢٦٠٠ دولار، وهذا مايحملهم عبئًا كبيرًا وخاصة وهم في حالة لجوء وليس معهم أموال، بالإضافة إلي إلغاء تفعيل القرار المصري القديم الذي كان يمنح خصم حوالي ١٥ % من المصروفات للسودانيين المقيمين بمصر أو الوافدين للتعلم، كما أجمعوا علي أنه بالنسبة للمراحل التعليمية المتنقلة بما هو قبل الجامعي علي أن من يمتلك المال هو الذي يستطيع أن يعلم أبناؤه، وذلك يرجع لأنهم يضطرون أن يعلموا أبنائهم داخل المدارس السودانية التي هي عبارة عن مراكز تعليمية للسودانيين بسبب حالة التنمر التي يتعرضون أبنائهم لها داخل المدارس الحكومية المصرية من الطلاب زملائهم، وهذا كان يسبب لهم ضغطًا نفسيًا، وبنفس الوقت تكاليف هذه المدارس السودانية باهظة للغاية، ولم يراع هؤلاء الأفراد السودانيين الذين يمتلكون هذه المدارس حالة ووضع النازحين إلى مصر، ولكن مصالحهم الشخصية والمكاسب المادية كانت هي الأولي بالنسبة لهم رغم أنها مدارس غير مؤهلة لبيئة تعليمية آدمية لأبنائهم والمباني والفصول متهالكة بجانب المستوي التعليمي السيء، وهذا ما يجعل نسبة كبيرة من السودانيين يفروا من التعليم، فتساهم في تفاقم مشكلة التسرب من التعليم لهذا الشعب النازح من بلاده للبحث عن الأمان بعيدًا عن الحروب والنزاعات في بلدانهم، وأكد بعض الأفراد لنا على أنهم بجانب نسبة ضئيلة منهم تجنبوا مسألة التنمر هذه وقاموا بالفعل بالتقديم لأبنائهم داخل المدارس الحكومية المصرية لأنها أنسب بالنسبة لهم علي الصعيد المادي والتعليمي.

هذا وضع الشعب السوداني بالنسبة للتعليم الذي يعد أساس متين للحياة الكريمة للإنسان في كل بلدان العالم.

أما على الصعيد المصري..

فبالنسبة للتساؤلات حول استعدادات وزارة التربية والتعليم لاستقبال هؤلاء الطلبة من الشعب السوداني النازح، هناك مأزق بالغ الصعوبة تواجهه وزارة التربية والتعليم في تقديم حلول مثالية لهذه الأزمة في ظل معاناة أساسية لدى الوزارة وهي ارتفاع الكثافة التعليمية داخل المدارس المصرية سواء الحكومية أو المدارس الخاصة وهذا ما يجعلنا نطرح هذا التساؤل كيف تواجه الوزارة هذه المشكلات الوخيمة التي فرضت على مصر؟

وبما أن هذه المشكلة شديدة الصعوبة وشائكة للغاية فكانت بياناتها معتمة بالنسبة للإعلام والصحافة، وكافة المسؤولين دائمًا ما يقومون بالرفض والدلو عن خطة الوزارة للاستعداد لها حتى لو بمعلومات بسيطة وبشكل اعتيادي لم يتم الإدلاء بأي تصريحات إلا من خلال البيانات الرسمية للوزارة، ولكن من جانبنا توصلنا لمصدر مسؤول بالوزارة لكنه رفض الإعلان عن هويته لإمدادنا ببعض المعلومات عن بعض الإجراءات، وأكد على أن وزارة التربية والتعليم تواجه مشكلة معضلة أمام تسكين الطلاب السودانيين القادمين مع أسرهم النازحة، وصرح أنه سوف يتم إمداد فتح باب التقديم للطلبة السودانيين لحصر عدد الطلاب التي تريد الالتحاق ومناطق التحاقهم  لكي تقوم الوزارة بتهيئة فصول أو مباني خاصة للسودانيين داخل المدارس المناسبة لهم بما يتناسب مع مكان إقامتهم بالمحافظات والمدن المصرية، ووفقًا للكثافة يتحدد ستكون فصول أو مبنى كامل لهم بالمدرسة  كما حدث علي سبيل المثال في منطقة العمرانية بالهرم، حيث قامت الإدارة التعليمية بتخصيص مبنى كامل داخل مدرسة لاستقبال السودانيين المقيمين بالمنطقة داخل هذه المدرسة، وهذا ما تقوم به كل إدارة تعليمية في كل منطقة، فهو أمر بالتأكيد في غاية الصعوبة في التنفيذ وخاصة إن مصر تواجه أزمة أخرى في المعلمين كما تواجه أزمة في الكثافة الطلابية لذلك يتم قبول عدد من المتطوعين الشباب والشابات من التربويين لتعيينهم بعقود عمل كمحاولة لحل جزء من الأزمة.

أما بالنسبة لشروط الالتحاق بالمدارس قد أكد المصدر المسؤول بالوزارة على أن الوزارة تعمل جاهدة على تسهيل الشروط والإجراءات الخاصة بالالتحاق، وأكد أيضًا على إجراء اختبارات لتحديد المرحلة الدراسية التي تتناسب مع كل طالب وفقًا للنظام التعليمي المصري، أو إجراء معادلة بالإدارة العامة للامتحانات بديوان الوزارة قبل تسكينهم بالصف الدراسي الراغبين الالتحاق به داخل المدارس المصرية.

كما يتم إجراء معادلة أيضًا ولكنها معادلة عمرية ليست مرتبطة بالمناهج التعليمية للطلاب المصريين العائدين من السودان لتسهيل العودة إلى المدارس التي كانوا يلتحقون بها في السابق في مصر، كما أكد على أن كافة الإجراءات المطلوبة ستتم في الإدارة المركزية للوزارة من قبل الإدارة العامة للامتحانات، حيث يتم تقديم الشهادة الدراسية للطالب وفقًا للصف المقيد به من قبل أولياء الأمور، وبعد اكتمال جميع هذه الإجراءات سوف يتم التسكين للطلاب في المدارس المصرية بنفس الصف أو سيتم نزوله سنة دراسية، فهذه المعادلة إجراء حتمي لتقبل الطالب بالمدرسة، وهذا لكي تتحقق العدالة الطلابية بين الجميع سواء على المستوى العمري أو التعليمي لكل طالب، ومن خلال ذلك يتم الحفاظ على النظام التعليمي المصري من خلال تطبيق إجراء ضروري بالنسبة لقواعده التعليمية.

علي جانب آخر أصدرت مؤسسة الأزهر الشريف بيانًا تعلن فيه الدعم الكامل لاستقبال أكبر عدد من الطلاب الوافدين مع أسرهم النازحة لمصر داخل المعاهد الأزهرية بكافة المحافظات والمدن، بتسهيل كافة الإجراءات التي تتخذ لعملية إدماجهم مع المناهج التعليمية، كما تعمل علي تسهيل إجراءات الإلتحاق بجامعة الأزهر بجميع التخصصات المختلفة، وذلك يتم وفقًا لأن الأزهر منارة علم لجميع الشعوب عبر الأزمنة والعصور لذلك يقدم الدعم المتكامل للشعب السوداني وغيره من الوافدين واللاجئين.

أما بالنسبة لعملية تسهيل إجراءات التحويل للطلاب السودانيين بالجامعات المصرية، نشر المركز الإعلامي لرئاسة مجلس الوزراء بيانًا صادر عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بأن الوزارة حرصت على دعم السودانيين خلال هذه الأوضاع الشديدة الصعوبة من خلال توفير كامل الدعم للطلاب السودانيين للدراسة في الجامعات المصرية، عبر تعزيز الشراكات بين الجامعات المصرية والسودانية على كافة المستويات سواء على مستوى المرحلة الانتقالية بالجامعة أو على مستوى البحث والدراسات العليا، وذلك في إطار التفعيل تحت مظلة نظام إشراف مشترك من خلال استضافة الأساتذة السودانيين المتواجدين في مصر بالجامعات المصرية، كما نص البيان على ضرورة مراعاة أوضاع طلاب الدبلومة الأمريكية الوافدين من السودان بما يمكنهم من استكمال دراستهم بشكل آمن وجيد، أما بالنسبة للطلاب المصريين العائدين من السودان فهناك توجيهات بمنح هؤلاء الطلاب استثناءات خاصة في الجامعات الخاصة والحكومية كاستثناء لهم في شروط الالتحاق بتلك الجامعات، ولكن لم تبت أي قرارات واحدة في ذلك الأمر لأن شروط ولوائح التعليم العالي تختلف من جامعة لأخرى ومن كلية لأخرى، فقرارات هذا الموقف ترجع للجامعة لأن الجامعات تعد هيئات عامة لها قوانينها واعتباراتها المستقلة، ولكن ما تم التأكيد عليه هو أن أي إجراء ستتخذه كل جامعة  تراعي تمامًا عمليات الحفاظ على المستقبل الدراسي لهؤلاء الطلاب في جميع التخصصات الدراسية.

في النهاية هذه نتائج وأزمات تحدث نتيجة للصراعات والمعارك والسلطات التي لم تقدر قيمة شعوبها ولا قيمة أوطانها، لذلك نحن بمصر ندعم كافة الشعوب العربية الشقيقة في أزماتها، وسيظل الشعب السوداني والمصري شعب واحد مترابط، وسنظل نتابع كافة سبل الدعم من قبل الحكومة والسلطات المصرية لتسهيل حياة السودانيين داخل مصر على مستوى كافة القطاعات من تعليم وصحة ومسكن كريم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *