أخبار عاجلة
إسراء عبد الحافظ

إسراء عبدالحافظ تكتب… تاريخ من النضال.. عن مشاركة المرأة سياسيًا

المشاركة السياسية للنساء تعد من أهم مؤشرات النمو الاجتماعي، ومدى تفاعل الفئات المختلفة في المجتمع مع بعضها البعض، ومن ثم فإن مشاركة النساء السياسية ترتبط مباشرة بوضع النساء في المجتمعات.

في عام 1907 تأسس الحزب الوطني وشاركت النساء المصريات في جهوده وأنشطته المتنوعة، ودعا السياسي مصطفي كامل لتعبئة جهود النساء في الحركة الوطنية إلا أن هذه العضوية ظلت عضوية غير رسمية ورغم ذلك اشتركت النساء في التوقيع علي العريضة التي قدمها الحزب الوطني للخديوي بالمطالبة بإنشاء مجلس نيابي في عام 1908، كما مثلت السيدة انشراح شوقي النساء المصريات في المؤتمر الدولي الذي عُقد في بروكسل من أجل تأييد مصر في عام 191٠، ثم تم تكوين الرابطة الفكرية للنساء المصريات للمطالبة بحقوق النساء سياسيًا في عام 1914

كما تم إنشاء الاتحاد النسائي برئاسة السيدة هدى شعراوي للمطالبة بحقوق النساء السياسية وفي مقدمتها حق الترشح والتصويت في عام 1923 وتم الانضمام إلى الاتحاد الدولي لحقوق المرأة في جميع أنحاء العالم لخدمة الإنسانية، ومن خلال هذا الاتحاد الدولي شاركت المرأة المصرية في المؤتمرات الدولية وأصدر الاتحاد النسائي مجلة ” الاجبسيان ” الفرنسية لتوزع بالخارج للتعرف على نشاط الاتحاد..

ارتبطت في تلك الفترة الدعوة للمساواة بين الرجال والنساء والمطالبة بجميع حقوقهن السياسية، وتم تفعيل ذلك من خلال أول برلمان لمصر بعد إعلان 28 فبراير 1922 وأوضح أن نصوص دستور 1923 لم تنشر أي نصوص أو مواد قانونية خاصة بحقوق النساء السياسية رغم أن المادة ٣ نصت في كل من دستوري 1923 -1930 على أن المصريين لدي القانون سواء وهم متساوون في التمتع بالحقوق السياسية والمدنية.

بعد ذلك، زاد التوجه السياسي للحركة النسائية في مرحلة الأربعينات وتم إنشاء أول حزب نسائي مصري “نساء مصر” 1942 برئاسة فاطمة نعمت راشد وكان من مهام الحزب الأساسية هو منح النساء كافة الحقوق السياسية والاجتماعية وحقها في الانتخابات والترشح في المجالس النيابية ودعم كلا من سلامة موسي وزكي عبدالقادر وطه حسين هذه المهام والقرارات التي هي في صالح تمكين النساء ودعمهن للمطالبة بحقوقهن، كما لن ننسى ذكر دور السيدة منيرة ثابت في توضيح ودعم النساء لحقوقهن بتأليفها كتاب “الحقوق السياسية للمرأة” انتقدت فيه دستور1923 الذي حرم النساء من حقوقهن السياسية كما رفعت دعوي ضد مجلس الوزراء الذي حرمها من حقها

لاحقًا، اشتركت النساء المصريات في التنظيمات والجمعيات التي ظهرت خلال الفترة من عام 1939- 1945 وشاركت في العديد من المنظمات المستقلة مثل جمعية الأخوات المسلمات والحزب النسائي الوطني الذي نص برنامجهما علي مساواة النساء بالرجال والنهوض بمستواهن الأدبي والاجتماعي وحصولهن علي حقوقهن السياسية والاجتماعية وحق الانتخاب والتمثيل السياسي، وشهدت فترة الحرب العالمية الثانية تكوين اتحاد بنت النيل 1941 برئاسة الدكتورة درية شفيق ونص برنامجها على رفع مستوى الأسرة المصرية بمنح النساء حق الانتخاب والنيابة لتدافع عن حقوقهن.

في سبتمبر 1975، أصدر الرئيس السادات قرارًا بتكوين التنظيم النسائي للاتحاد الاشتراكي والذي أقر لأعضائه الحق في الانتخاب والترشح لمستويات النظم المختلفة لكي يعمل على رفع قدرة النساء ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا والتعرف على مشكلات المرأة والعمل على حلها.

مما سبق، نستنتج أن ارتباط القيادات النسائية بالرجال من مبادرات الأحزاب القائمة إما بروابط القرابة والصداقة المتنوعة أو انتماءات فكرية وثقافية في حين كانت قيادات الأحزاب من الرجال ترى أن القوى النسائية مجرد عنصر مساعد ” ثانوي” وأداة لتدعيم ذات الحزب، وتداخلت الأنشطة السياسية الحزبية للنساء المصريات مع الأدوار الاجتماعية التقليدية للمنظمات الأهلية النسائية والجمعيات.

لابد من توضيح أن نظام الكوتا، هو آلية مرحلية للتمكين السياسي للنساء، مع وجود مراحل أخرى يجب الاهتمام بها لتمكين النساء سياسيًا واجتماعيًا وأيضًا اقتصاديًا، ولا تُعتبر تمييزا ضد الرجال بل جاءت لتعويض النساء عن التمييز الذي تعانيه بالفعل وخصوصًا في المجال السياسي والسعي لتحقيق المساواة وتحقيق وتفعيل مبدأ تحويل تكافؤ الفرص من مبدأ إلي واقع، فالواقع الاقتصادي والاجتماعي للنساء في هذا الوقت أدنى من الرجال بكثير وأن زيادة المشاركة السياسية والمكانة السياسية للنساء مدخل من مداخل تحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية للنساء وأن الأحزاب هي التي تقوم باختيار وتقديم المرشحات والمرشحين وليس الناخبين، وبذلك كانت الكوتا حافزًا للأحزاب السياسية لصناعة كوادر نسائية للتقدم بمرشحات لشغل المقاعد المخصصة لهن بجانب محاولات لفتح المجال أيضا للناشطات سياسيًا بخوض الانتخابات بغض النظر عن المنافسات داخل الأحزاب وأدي ذلك إلي فرض العقوبات علي المرشحات بحجة خرق الالتزام الحزبي والإيمان بأن زيادة المشاركة السياسية للنساء تؤدي إلى زيادة ممارستها لحقوق المواطنة وهي التعبير السياسي والمدني عن المساواة في الحقوق والواجبات المنصوص عليها في الدستور، كما أدى ذلك إلى خلق تجمع نسائي في المجالس النيابية يراجع الضغوط التي تعانيها النساء.

دائما ما تسعى الانتخابات لتمثيل الجماهير وليست مقياس للمؤهلات الأكاديمية، وفي كل الأحوال هناك نساء مؤهلات وذات كفاءة عالية كالرجال، ولكن الكثيرون يحاولون طوال الوقت التقليل من قيمة النساء وقدراتهن وكفاءتهن. كما نؤكد على أن الكوتا سببت بعض الخلافات داخل الأحزاب السياسية ولكنه كان خلافًا مؤقتًا يصاحب كل تغيير ومع بداية النظام الجديد تم تحقيق الاستقرار رغم وجود بعض الخلافات التي أصبحت جزءً هامًا في المعادلة والحياة السياسية،

كان من الضروري أن تلقى الكوتا السائدة دعمًا من المؤسسات الإعلامية المتنوعة وزيادة الوعي لدي أفراد المجتمع بأهمية دور النساء السياسي بالإضافة إلي تخصيص عدد من الحملات التوعوية للتقليل من مستوى الأمية القانونية والسياسية لدي النساء وتمكينهن من النهوض بالمجتمع، وضرورة توعية كافة الأطراف والفئات المجتمعية بأن الديمقراطية والإدارة الجيدة لايمكن أن تتحقق في ظل غياب النساء عن الساحة السياسية، بجانب التأكيد علي تفعيل دور الإعلام بأنماط هادفة وتنظيم العديد من الدورات التوعوية اللازمة لكافة المهتمين في هذا المجال حتي يساهم الإعلام في محاولات تغيير الأنماط السائدة عن النساء من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة والأعمال الفنية وعدم اقتصار دورها علي مجالات وأدوار معينة أو أن تصبح وسيلة من سبل تحقيق مصالح الآخرين..

كما يجب الاهتمام بفكرة تعزيز تمثيل النساء في كافة أجهزة الدولة والسلطة السياسية واتخاذ إجراءات لحماية المرشحات النسائية من كل الضغوط والتهديدات التي تتعرض لها، وضرورة إقناع النساء بامتلاكهن قدرات علي المشاركة الفعالة في الحياة السياسية وقدرتهن علي النجاح في المناصب القيادية، لذلك في كل مرحلة لابد من تكثيف التوعية الشاملة من خلال الندوات والدورات واللقاء التوعوية التي تزيد من وعيهن بنمط شامل، كما لابد من الاهتمام الكافي بنظام القائمة النسبية في الانتخابات لكي تضطر الأحزاب إلي الدفع بالنساء علي رأس قوائمها الانتخابية، لأن ذلك النظام أصبح من أفضل النظم الانتخابية لما يحققه من عدالة التوزيع في التمثيل الكامل لإرادة الناخبين والتعبير عن كافة الاتجاهات الموجودة في الشارع السياسي.

نستنتج مما سبق ذكره أن زيادة نسبة مشاركة النساء وحدها لا تكفي لأنها تعكس ارتفاع في مدى جودة وكفاءة مشاركة النساء في الحياة العامة والسياسية لذا فلا بد من تنمية المهارات الأساسية التي تمكن النساء من المشاركة بالإضافة إلي المهارات الحزبية وبناء التحالفات. كما يجب تنسيق جهود الجمعيات والمؤسسات الرسمية للقضاء علي الأمية بين النساء والفتيات، كما أنه من الحتمي القضاء على الصور النمطية للنساء في المناهج والكتب المدرسية، وأيضًا محو الأمية القانونية للفتيات والنساء من خلال التوعية المستمرة وعقد الندوات والمؤتمرات التوعوية للنساء ومن الضروري أن ندعم ونشجع المبادرات الإعلامية الخاصة التي تعمل لصالح النساء وتعزز حقوقهن في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة وكافة أشكال الاتصال والتواصل والأعمال الدرامية والسينمائية فلابد من الاهتمام بتوجيه الإعلاميين للتأكيد علي تعزيز مكانة الأسرة والنسيج الاجتماعي السليم ومحاولات السعي لإبراز الصورة الإيجابية للنساء ودورهن في المشاركة في تنمية مجتمعها وكذلك عدم استغلالهن وتشويه صورهن بأي نمط من الأنماط المختلفة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *