أخبار عاجلة
ابراهيم الصياد

ابراهيم الصياد يكتب… رحم الله حكيم العرب

عشت لفترة بدولة الامارات العربية المتحدة وكان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله رئيسا لدولة الإمارات وحكيما للعرب رغم بساطته وبداوته ونجح الرجل في إنشاء أول دولة عربية فيدرالية تضم ٧ امارات هي أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان وام القيوين والفجيرة وراس الخيمة تم إعلان الدولة في ٢ ديسمبر عام ١٩٧١ .
وكانت لي ملاحظة أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يهتم بإبنه محمد من بين ( عياله ال 30 ) وكأنه يعده ليكون خلفا له على الرغم من أنه ليس ابنه الأكبر ولم يكن وليا ل
لعهد إمارة أبوظبي !
هكذا اعتقدت آنذاك ولما توفي زايد عليه رحمة الله في الثالث من نوفمبر عام ٢٠٠٤ وتولى الحكم ابنه خليفة الذي كان وليا لعهد ولاية أبوظبي باعتباره اكبر الأبناء الذكور سنا
واكتشفت خطأ اعتقادي ثم سرعان ما أصبح الحاكم الجديد الشيخ خليفة بن زايد صورة أو واجهة للدولة ووضح أن الحاكم الفعلي هو أخوه محمد خاصة بعد مرض الشيخ خليفة وتواريه عن الأنظار حتى وفاته في العام ٢٠٢٢ !
والسؤال لماذا تم اختيار خليفة ولم يتم اختيار محمد ؟
كما اوضحنا النظام السياسي لدولة الإمارات وراثيا بأن يتولى ولي عهد إمارة أبوظبي الحكم وهذا منع محمد من إعلانه حاكما ويبدو أن الشيخ زايد كان يعلم أشياء في محمد لم يفصح عنها جعلته لا يغير قبل وفاته شخص من يخلفه و بحكم سلطاته كان يمكن ان يغير آليةانتقال السلطة !

ورحل الشيخ زايد وظهر للعيان ما كان يخفيه حكيم العرب عن شخصية ابنه محمد الذي يتميز بدهاء لافت للنظر وان كان يجمع في داخله كما هائلا من المتناقضات التي لا يمكن تفسير اسبابها بسهوله !
◾ هو قومي عروبي له علاقات بكل الأشقاء من الحكام العرب وقد وصفه المحلل السياسي الإماراتي سالم الكتبي في كتابه القائد والانسان بانه فخر العروبة حيث
تناول مواقف وسياسات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وفي الوقت نفسه تراه انعزاليا يسعى إلى تعزيز سلطته وتوسيع سلطاته في دولة غنية بل تعتبر واحدة من أغنى دول العالم ومتوسط نصيب الفرد من الدخل الإجمالي يقترب من ٦ آلاف دولار امريكي شهريا اي ١٨٠ الف جنيه مصري !
◾ يدافع بحرارة عن القضية الفلسطينية ويدفع للسلطة الفلسطينية المال والعتاد والسلاح وهو القائل إن موقف الإمارات ثابت وراسخ في دعمه للموقف العربي الداعي لقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية واكثر من مرة تعهد محمد بن زايد
أن الإمارات “مستمرة في دعم القضية الفلسطينية، وهو موقف نابع من قناعة متجذرة ولا تغيره أي اعتبارات”.
وفي نفس اللحظة يُطبع بشكل غير مسبوق مع اسرائيل ويروج لما يسمى صفقة القرن ويدعو بحرارة للاتفاقات الإبراهيمية المثيرة للجدل ويسمح للصهاينة بالاقامة في الدولة ماجعل حجم التبادل التجاري بين الأمارات واسرائيل يبلغ
حتى منتصف أغسطس عام 2022 اكثر من مليار ونصف المليار دولار مقارنة بنحو 1.22 مليار في عام 2021 بالكامل، ويمكن القول إن اسرائيل وجدت في الإمارات بوابة شرقية تتسلل من خلالها الى الوطن العربي وشجع هذا الامر الدولة العبرية على الخوض في عملية التطبيع مع دول عربية اخرى مثل البحرين وسلطنة عمان والسودان!
وقد راهن نتنياهو عندما عاد الى السلطة على راس حكومة يمينية متطرفة ان العام 2023 سيشهد تطبيعا مع السعودية الدولة الخليجية الأكثر تحفظا فيما يتعلق بملف التطبيع

◾ يعشق محمد بن زايد مصر والمصريين وله علاقات وثيقة بالرئيس عبد الفتاح السيسي ويساند في عمليات إصلاح الاقتصاد المصري وتٌمثل دولة الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لمصر على المستوى العربي، فيما تٌعد مصر خامس أكبر شريك تجاري عربي للإمارات في التجارة غير النفطية وتستحوذ على 7% من إجمالي هذه التجارة مع الدول العربية
كما تعد الإمارات أكبر مستثمر في مصر على الصعيد العالمي، برصيد استثمارات تراكمي يزيد عن 55 مليار درهم، وتعمل أكثر من 1250 شركة إماراتية في مصر في مشاريع واستثمارات تشمل مختلف القطاعات. وفي نفس اللحظة تعتبر الإمارات داعماً ضخماً ومباشراً لإثيوبيا وليست مستثمراً فقط، حتى إن وزير الخارجية الإثيوبي سبق أن قال: “لا يمكن حصر الدعم الذي قدمته دولة الإمارات لإثيوبيا وخصوصاً في المجال الاقتصادي”.
وقال: ان “الإمارات دعمت اثيوبيا في التحول مالياً، وخلقت فرص العمل للإثيوبيين، كما شجّعت المستثمرين الإماراتيين على بعث مشاريعهم في إثيوبيا، فضلاً عن حرصها على متابعة نجاح عملية التحول والإصلاح الذي بدأه رئيس الوزراء آبي أحمد”.
ونذكر انه في عام 2018، أعلن أحمد شيد، رئيس مكتب شؤون الاتصالات الحكومية في إثيوبيا، أن دولة الإمارات العربية المتحدة اودعت مليار دولار في البنك المركزي الإثيوبي لتخفيف نقص العملة الأجنبية، فهل الوقوف الى جانب أديس ابابا يتجاهل الحقوق التاريخية لمصر في مياه نهر النيل بسبب مشروع سد النهضة ؟
لاشك ان المشروع بدون الاتفاق مع دولتي المصب يهدد دولتي وادي النيل مصر والسوادن بالشح المائي !
وكان هناك توقعا ان محمد بن زايد سيدعم مصر في ازمة سد النهضة بما تمتلكه أبوظبي من تأثير على اثيوبيا إلا أن موقفها يحمل قدرا كبيرا من (الضبابية) حيث تلتزم دورا حياديا يتغافل عن تهديدات السد لمصالح مصر تحديدا مادفع هذا الموقف البعض الى التساؤل: “هل المصالح الإماراتية مع إثيوبيا أكثر أهمية من مسيرة العلاقات المصرية الإماراتية؟”

◾يتصدى لجماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن بالتحالف مع السعودية للحد من نفوذ طهران ثم في لحظة ما يجمد موقفه معتقدا أن دوره قد انتهى لكنه ظل يدعم أطرافا بعينها قي الصراع اليمني اليمني ويقف لها ظهيرا ويقوم بتعزيز مجموعات انفصالية مختلفة في جنوب اليمن تتسبب بدورها في إضعاف اليمن أكثر فأكثر

◾يقف ندا لحكام الخليج من نظرائه مثل تميم ومحمد بن سلمان متقاربا معهما تاره ومختلفا تارة أخرى وتبرز هذه التقاطعات احيانا على السطح رغم العناق وارتشاف القهوة العربية في المناسبات المختلفة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *