عفواً أننا نعيش على أرض النفاق……..فلاتتعجب .!!!!:

مغلق لعدم وجود أخلاق تلك هى اللقطة الختامية لفيلم “أرض النفاق” و أسقاط فكري بديع عن حال المجتمع المصري في تلك الفترة …… ما رأيك في تلك الخاتمه ؟
هل حقاً وصل المجتمع لتلك الدرجة التي يتحدث بها هذا الإسقاط الفكري ؟ أم أننا أنحدرنا أكثر من هذا ؟ .. أم أن الفيلم يهول الأمور و أن المجتمع لم
يتردي لهذه الدرجة؟
فعندماشاهدت “أرض النفاق” لأول مرة قلت في نفسي ما الذي دفع الأديب يوسف السباعي إلى هذه الهوة السحيقة من الإحباط والسوداوية؟ ما هذه المرارة التي كان يراها في واقعه ليصورها لنا في روايته بسخرية حيث جعل من “الأخلاق” التي كانت لدى العطار بضاعة كاسدة لا تغري أحداً وفي المقابل كانت بضاعة النفاق تنفذ من السوق بسرعة لدرجة أن دفعت بالحكومة لتتدخل في عملية تنظيم بيعها على الناس!!!
فإن هذه الصراحة في السخرية اللاذعة والمثاليات المتفرقة لها ملحوظات أدبية سهل تبريرها حين يجد الإنسان نفسه أمام أنهيار للنظام الأخلاقي في مجتمعه! فاليوم فهمت كيف تتسلل إلى قلوبنا الصغيرة مشاعر الكراهية والغضب عند رؤية النفاق والمنافقين المتزلفين ..! كل المعاني الجميلة والتعابير اللطيفة حيال هذه العينات من البشر تختفي مباشرة ليحل محلها مزيج من الإحتقار والإمتهان الأبدي! فأنه يزيد في إحباط الإنسان السوي كما يقول السباعي: “إن الذي يحس بالمصاب لا يملك منعه والذي يملك منعه لا يكاد يحس بوجوده إن الذي لا يحس.. يستطيع أن يفعل ولكنه لا يفعل لأنه قرير هانيء أما الذي يحس فهو لا يفعل شيئاً لأنه أعجز من أن يفعل”!
فرواية “أرض النفاق” كتبت عام 1949م وأعتبرها النقاد واحدة من الروايات المبشرة بإنتهاء العهد الملكي حيث صدرت قبل أنقلاب يوليو بثلاث سنوات.
فكانت حواراً نفسياً قاسياً .. ومشاعر يائسة من الإصلاح يفوح منها رائحة الوجع خطها البطل لنا .. لكنه أهداها لنفسه لأنه لو لم يفعل ذلك لكان “شيخ المنافقين” كما يقول في إهدائه!!!فأراد السباعي من خلال روايته أن يتوغل في الشخصية المصرية آنذاك .. وما درى أنه اليوم ومن خلال أسطره العتيقة يتوغل فينا جميعاً.. صفات لا تحصرها جغرافياً ولا يوقفها تاريخ نحن هنا على أرضنا.. نعيش كل حروفها..!!!فأن المجتمع الذي يكثر فيه المتزلفون تختفي فيه أخلاق كثيرة ويصبح الحديث عن الإصلاح السياسي ترفاً! لأن عملية تحويل التزلف والتطبيل إلى مشروع يتكسب الإنسان من ورائه تقضي أولاً على كرامة الإنسان ثم يتحول إلى عملية “تنافسية” كما يفعل الشعراء وينتهي الحال إلى أن يصبح عادة يفعلها المرء حتى من دون مردود مشياً على قاعدة (إن لقحت وإلا ما ضرها الفحل)!!!والتزلف ينزع من الإنسان بعد الحياء وماء الوجه .. شيئاً آخروالقدرة على التفكير السوي التفكير الذي يجعله يميز بين الحسن والقبيح بين المعقول واللامعقول!!!ماذا يعني أن يرزقك الله مولوداً وتقول بفضل الله ثم جهود المسؤولين! وتسجل هدفاً في مباراة وتقول بمنة المسؤول! وينجح أبنك في المدرسة وتقول أهديه للمسؤول! بعضهم يعتقد أنها جزء من إثبات الوطنية مرافقة للبسلمة في كل مناسبة.وحتى رؤية الإنسان للأدلة الشرعية تتغير يبدأ يبرر كل شيء يفعله شرعياً كل خطوة يتقرب بها للمسؤول يظنها خطوة إلى الله ..! وإن أستطاع أن يسوق الناس تبعاً لهوى المسؤول فعل ذلك “وبالدليل” الذي يفسره ويسقطه كيفما يشاء ..!وللأسف هذه العينات من الناس موجودة في مجتمعنا ولكن بنسب متفاوتة وهي دليل أنحطاط وفساد ويجب أن يمقتها أصحاب النفوس الكريمة علانية وبإستمرار حماية للمجتمع وإعلاء من شأن الكرامة والعزة فيجب أن يتم العمل على تشويه هذه الصفة الرذيلة في عيون الناس وأن تبقى صورة المتزلف كريهة مدعاة للسخرية في كل مكان ليعرف أنه بلا وجه .. بلا قيمة .. بلا معنى لحياته.. عبداً بلا ثمن!!!
وسؤالى الاَن هل أصبحنا نعيش على ((أرض النفاق))…أم لا ؟؟؟؟.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *