أخبار عاجلة

ايمان نعمه تكتب… “بكاء على غرناطة”

عام جديد يسجل رقمه في تقويم التاريخ الميلادي .. ويبدأ ابحارنا .. تفقدوا اشرعة مراكبكم جيدا .. اصلحوا ما اصابها من تمزق وتلف .. كي تتصدى للريح والعاصفة القادمة لا محالة .. البوصلة لا تنسوها .. قد توقفت هي ايضا عن العمل واصابها عطل ما .. واضعنا في ابحارنا كل الاتجاهات .. ربما يتوجب عليكم شراء بوصلة جديدة المهم ان تتذكروا ان لا تبحروا من دونها .. ماذا ينقصكم ايضا ؟ ؟ كل ادوات النجاة في حالة الغرق .. نعم كل ما يمكنكم الحصول عليه منها .. فالبحر عميق وغدّار .. والموج اذا هاج وارتفع وهزه الاعصار ليس للمركب اي امل في النجاة من الغرق . في انتظار ان تجمعكم سفينة كبيرة ترفع راية تحمل لكم اسما وتاريخا واحدا وتبحر بكم الى جزيرة آمنة ، عليكم ان تبحروا في مراكب صغيرة متفرقة وان تواجهوا ابحاركم بقدرات وانجازات اصغر واقل قوة وامان .. ليكن الله في عونكم اذا .

وبمناسبة ذكر الراية العربية فهناك راية كبيرة طرزت عليها الاحرف العربية بخيوط من الذهب .. راية شهدت انتصارات وفتوحات وارتفعت فوق القصور والساحات شامخة عالية في ماضٍ من الزمان .. زمان كان فيه العرب اسياد العلم والمعرفة وصنّاعا للحضارة والعراقة والتاريخ .. من منكم يجهل هذا عليه ان يعود لقراءة التاريخ الذي لا مجال لحصره هنا في بضعة سطور وان يصاب بالدهشة والخيبة معا .. ! انها راية الاندلس التي سوف يرفعها الاسبان شعبا وحكومة في بداية العام الجديد يوم الخميس القادم < 2014 – 1 – 2 > كما يفعلوا في كل عام احتفالا بسقوط الاندلس في مثل هذا اليوم الثاني من يناير قبل 521 عام . نعم سقوط الاندلس وانهزام العرب التاريخي بعد ان حكموا الاندلس لفترة امتدت الى نحو ثمانية قرون من الزمن < 800 سنة > . الشيء الوحيد الذي اجده رائعا في هذا الحدث هو ان الاسبان حافظوا على هذه الراية الاندلسية التي ظفروا بها يوم موقعة حصن العُقاب ، وهو حصن اموي قديم ، او معركة – لاس فاس دي تولوسا – كما يسميها الاسبان < 16 يوليو 1212 > وما زالوا يحتفظون بها بعناية فائقة لدرجة انها تبدو في أبهى حلتها ، ولو كانت قد وقعت في احد مراكب العرب لكان مصيرها التلف والغرق .. فقد اضاعوا ما هو اثمن منها بكثير

بكاء على غرناطة هو عنوان تظاهرة سلمية نظمتها مجموعة من الغرناطيين ردا على الاحتفال العسكري الذي تقيمه بلدية مدينتهم في يوم سقوط الاندلس وواجهت هذه التظاهرة مقاطعة من الهيئات الرسمية الى ان اختفت بعد سنتين على انطلاقها . واليوم تنادي جهات عربية متعددة بالاحتجاج على هذه الاحتفالات التي يقيمها الاسبان في مدن الاندلس خاصة وانها تعيد احياء ذكرى محاكم التفتيش التي كانت تقوم بتعذيب عرب الاندلس بطريقة بشعة .. ويظهر فيها الجلاد بردائه الذي يغطي كل جسده ما عدا عيناه فقط ، وهناك من يقوم بتنظيم فعاليات تحت عنوان احياء الاندلس في ذكرى سقوطها .. وانا ارى انه من الاصح والاجدى ان يقوم العرب باحياء هذه الذكرى المؤلمة على طريقة الشيعة في ذكرى عاشوراء .. وان يكون هذا اليوم الذي يتصدر العام الجديد مخصصا للبكاء واللطم وتأنيب النفس لعله يوقظهم مما هم فيه من سبات ويعيدهم الى مراجعة تاريخهم والوقوف عنده بصمت والم وندم .. لعل سفينتهم المنتظرة تبحر من جديد .. وليكن اسمه يوم البكاء على غرناطة . ابحارا موفقا اتمناه لكم في العام الجديد .

                      راية الاندلس العربية في احتفالات سقوط الاندلس

 

              الصورة التقطت قرب باب الرملة – الحي الشهير الذي احرقت فيه آلاف الكتب الاندلسية بغرناطة – الاحتفال بذكرى سقوط الاندلس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *