أخبار عاجلة

دكتور أيمن رفعت المحجوب يكتب : رسالة الى أمريكا

إن الذين يبخلون علينا بالقرب من المثل الأعلي من حريتنا الواجبة الحصول، التي آتانا الله إياها من فضله، يجدون من أمثلة تقصيرنا في إظهار حرية الرأي والتعبير القومي المصري الخالص في العلم وفي السياسة العامة للسلطة ما يحتجون به في إرادتنا علي البقاء علي ما نحن عليه. فإذا أحسوا من حريتنا في الآراء العلمية والإدارية والسياسية او حتي الاقتصادية منها والاجتماعية قوة لا يقف أمامها استهزاء الجهلاء ولا غضب الكبراء منهم ولا استدرار المنافع الخسيسة، لا يجدون مندوحة من التخلية بيننا وبين طريقنا إلي المثل الأعلي لحريتنا المنشودة. فأحداث تركيا ليست بالبعيدة والمثل واضح، فهي دولة متقدمة واقتصادها قوي، ومع ذلك الحرية ناقصة، وهو ما أفضي إلي ما هي فيه الآن من اضطرابات داخلية مقلقة للجميع. ومن قصر النظر أن يظن أن هذه القوة المعنوية واتحاد قدر كبير من الرأي العام، وقوة التمسك بالحرية والتماسك علي نصرتها آجلاً أو عاجلاً، غير كافية في تقريبنا من مثلها الأعلي. أقول وأؤكد أنها هي وحدها كافية في منال طلبتنا المشروعة فلنرضي نفوسنا علي الاستمساك بها ولننتظر النتيجة. إن تقدمنا في نيل قسطنا الطبيعي من هذه الحرية التي ضحي من أجلها الكثير وما زال، يستحيل أن يوجد ولو كانت في أيدينا أكبر معدات القوة الوحشية (التي لا نريدها بديلا أبداً) وكان عددها أضعاف ما نحن عليه من قوي وطنية مصرية خالصا في حب هذا الوطن، اذا كنا لا نتخلص من وصمة عبادة الآراء والأفكار المضللة والخادعة، من غير تمحيص اعتماداً علي مكانة قائلها من أهل الذكر أو الفكر، وإذا كنا لا نقطع بأيدينا تلك السلاسل التي قيدت عقولنا والأوهام التي أفسدت علينا الانتفاع من المبادئ الجديدة التي ولدت مع الثورة. تلك هي طبيعة الفكر الحر الذي يقوم علي حوار متعادل الطرف، لا يأمر فيه أحد أحدا ولا يطيع فيه احد احدا، إلا بالحق، ليس فيه رجحان للاقوي علي الضعف ولا تفضيل لطائفة علي أخري. اما إذا انقلب الوضع وانعكس فأصبح ما نسميه فكرا هو أن يأمر آمر ليصدع بأمره مطيع، واختصر الطريق الذي كان بين المتحاورين ذهابا وإيابا، فبات طريقا في اتجاه واحد، اعني أن يكون قولا من هناك وسمعا وطاعة من هنا، فعندئذ قل علي الحرية الفكرية السلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *