أخبار عاجلة

د.مجدي العفيفي يكتب… الشرق الأوسط أو «الشر… الأوسط» ألف مقال ومقال ( الاخيرة)

ربنا لا تؤاخدنا بما فعل ويفعل وسيفعل السفهاء منا في المنطقة
(47)
لحظة شرق أوسطية تائهة… ضبابية.. شاردة.. ملثمة بألف قناع وقناع.. متشابكة الخيوط.. متداخلة الخطوط.. خيوطها تحركها يد واحدة تعيث فسادا.. ونيرانا.. وتمزيقا .. لكن كل شيء لديها يبدو أنه يتم بحسبان..
وسط نيران ما يحدث في هذه المنطقة المقدر عليها أن تتجاور فيها الثنائيات.. إذ تنطفيء نار ليشاعل جحيم.. تهدأ منطقة لتمور أخرى مورا.. ترفع شخصا لتسقط عشرة.. دين وديناميت.. سلام بالقوة الجبرية..سلاح يتدفق حتى لا يصدأ في مصادره، وليصدأ لدى مستورديه.. أشياء فوق حدود العقل التقليدي..
وسط هذه الركام والتراكمات .. ولحظات التدافع بين اللحظة الماضية.. والآنية…والآتية.. أشير إلى أن ذاكرة الأدبيات السياسية تحتفظ – والعهدة علىالراوي- بحادثة عن الكوبيين الذين حاول الامريكيون غوايتهم واستمالتهم ضد أبناء بلدهم وحكومتهم الثورية بزعامة فيديل كاسترو .. وتمنى الامريكيون على كاسترو ان يعطي الكوبيين المحبين لامريكا الحرية في الرحيل اليها لتستقبلهم وتعطيهم حياة كريمة لائقة وحرية لايجدونها في كوبا الشيوعية .. فما كان من الزعيم الكوبي الا ان أمر بتجهيز 600 قارب ومركب ودعا الكوبيين الراغبين بالهجرة الى اميريكا ان يذهبوا بحرية ودون عائق .. وفي الحال اندفع 125 ألف كوبي امريكي الهوى والقلب للركوب في القوارب ليغادروا كوبا وثورتها الى حيث بلاد الحرية والذهب والرفاهية ..
وتواصل الرواية سردها : فوجئ الامريكيون بذلك العدد الهائل من المحبين يقترب من شواطئهم .. فمنعوهم وتركوهم في البحر عائمين فترة طويلة مات فيها الكثيرون من الانهاك والمرض والضعف والجوع والعطش.. وعندها قررت اميريكا ان تعيدهم الى أرض كوبية فابعدتهم الى جزيرة كوبية محتلة من قبل قواتها اسمها (غوانتانامو) الشهيرة وألقت بهم هناك بعيدا عنها .. وفي ذلك العام انتعشت كوبا اقتصاديا واداريا وتغيرت أحوالها .. فقال كاسترو يومها مقولته الشهيرة: لقد كانوا ديدانا أمريكية بيننا .. تخرب وتنخر في بلدنا واقتصادنا وتجعلنا بلا قوة .. واليوم صرنا أصحاء .. !!!.
(48)
مشهد تكرر .. هل سيتكرر ؟
« تبدو لي اسرائيل مثل المجنون الذي يتحدث مع نفسه ويريد أن يقنع الحاضرين أنه يتحدث الى أشخاص يراهم هو ولانراهم .. يجلس نتنياهو على كرسي ويقول عبارة .. ثم ينتقل الى الكرسي المقابل ويقول عبارة تأييد لنفسه .. وتريد اسرائيل أن تقنعنا أنها حققت السلام لأن – بعض – العرب الخلايجة يرقصون معها..(من اطروحة الكاتب السوري نارام سرجون :اسرائيل تطبّع مع نفسها .. الخلايا النائمة في الخليج ) .
(49)
السر في مأساتنا
صراخنا أضخم من أصواتنا
وسيفنا أطول من قاماتنا
خلاصة القضية
توجز في عبارة
لقد لبسنا قشرة الحضارة
والروح جاهلية
هذه الرؤية التي أرانا إياها الشاعر نزار قباني في قصيدته المتوحشة في تقدها للذات العربية ( هوامش على دفتر النكسة) عام 1967 ثم أبدع رائعته السياسية الثانية عام 1991 ( هوامش على دفتر الهزيمة ) ومن أجوائها:
في كل عشرين سنة ..
يأتي إلينا حاكمٌ بأمره
ويأخذ الشمس إلى منصة الإعدام
في كل عشرين سنة
يأتي إلينا نرجسيٌ عاشقٌ لذاته
ليدعي بأنه المهدي ، والمنقذ ،
والواحد ، والخالد ،
والحكيم ، والعليم ،
والقديس ، والإمام
في كل عشرين سنة
يأتي إلينا رجلٌ مقامرٌ
ليرهن البلاد ، والعباد ، والتراث ،
والشروق ، والغروب ،
والذكور ، والإناث ،
والأمواج ، والبحر ،
على طاولة القمار ..
في كل عشرين سنة
يأتي إلينا رجلٌ معقدٌ
يحمل في جيوبه أصابع الألغام
(50)
اللحظة الراهنة المثيرة للأسى تستدعي لحظة شاردة لوصمة سياسية تدفع الأجيال المتوالية ثمنها ، تلك الأجيال التي تبدأ منذ بدء ( عملية السلام) بين العرب والصهاينة ، وهي (عملية) مجرد (عملية) .. لم تتم .. ولن تتم.. كما قننها ثعلب السياسة الأمريكية ( هنري كيسنجر) وخطط لها ولا تزال كل المسارات تسير عليها بدون ادنى حركة انحراف ،، أما الللحظة المستدعاة فقد صورها نزار قباني في رائعته ( المهرولون) واللاهثين الذين لا يزالون ويظهرون كل حين وآخر الى التطبيع الصهيوني القبيح:
مَنْ تُرى يسألهمْ عن سلام الجبناءْ؟
لا سلام الأقوياء القادرينْ.
من ترى يسألهم عن سلام البيع بالتقسيطِ..
و التأجير بالتقسيطِ.. و الصَفْقاتِ.. و التجارِ و المستثمرينْ؟.
من ترى يسألهُم عن سلام الميِّتين؟
أسكتوا الشارعَ و اغتالوا جميع الأسئلة..
و جميع السائلينْ…
… و تزوَّجنا بلا حبٍّ..
من الأنثى التي ذاتَ يومٍ أكلت أولادنا..
مضغتْ أكبادنا.. و أخذناها إلى شهرِ العسلْ..
و سكِرْنا.. و رقصنا..
و استعدنا كلَّ ما نحفظ من شِعر الغزَلْ..
ثم أنجبنا, لسوء الحظِّ, أولاد معاقينَ
لهم شكلُ الضفادعْ..
و تشَّردنا على أرصفةِ الحزنِ,
فلا ثمة بَلَدٍ نحضُنُهُ.. أو من وَلَدْ!!
لم يكن في العرسِ رقصٌ عربي.ٌّ
أو طعامٌ عربي.ٌّ أو غناءٌ عربي.ٌّ أو حياء عربي.ٌّ ٌ
فلقد غاب عن الزفَّةِ أولاد البَلَدْ..
كان نصفُ المَهرِ بالدولارِ..
كان الخاتمُ الماسيُّ بالدولارِ..
كانت أُجرةُ المأذون بالدولارِ..
و الكعكةُ كانتْ هبةً من أمريكا..
و غطاءُ العُرسِ, و الأزهارُ, و الشمعُ,
و موسيقى المارينزْ..
كلُّها قد صُنِعَتْ في أمريكا!!.
و انتهى العُرسُ..
و لم تحضَرْ فلسطينُ الفَرحْ.
بل رأتْ صورتها مبثوثةً عبر كلِّ الأقنية..
و رأت دمعتها تعبرُ أمواجَ المحيطْ..
نحو شيكاغو.. و جيرسي..و ميامي..
و هيَ مثلُ الطائرِ المذبوحِ تصرخْ:
ليسَ هذا الثوبُ ثوبي..
ليس هذا العارُ عاري..
أبداً..يا أمريكا..
أبداً..يا أمريكا..
،،،،،،
لا يمكن أن يغلق ملف يتناول القضايا الشرق أوسطية .. إذ سيبقى الشرق الأوسط لاسيما الشرق لعربي .. صامدا في وجوه هؤلاء السفهاء الذين يتوهمون تغييره أو السيطرة عليه أو نشر الفوضى الخلاقة والتي تعد واحدة من أكبر أكاذيب السياسة الأمريكية والصهيونية.
،،،،،،،،،
والى الملتقى مع سلسلة أخرى .. إن شاء الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *