أخبار عاجلة

د.حسن عماد مكاوي يكتب… تعزيز الهوية لحماية الأمن القومي (٤-٥)

أدي الانفجار المعرفي الناتج عن استخدام الإعلام الشبكي الرقمي عبر شبكة المعلومات الدولية إلي تغيراتعميقة في بيئة الإعلام المعاصر. ففي حين يعمل الإعلام التقليدي الجماهيري في إطار مجموعة من الضوابط والقوانين التي تحكم مجاله وتراقب توازنه، يتحرر الإعلام الشبكي من التقاليد المعرفية والمهنية والتنظيمية التي تسود الإعلام التقليدي، وحيث أن الإعلام التقليدي إعلامآ مؤسسيآ، إلا أن الإعلام الشيكي إعلامآ فرديآ في الغالب، فالرسائل المدققة في الإعلام التقليدي يقابلها رسائل متحررة من ضوابط التحرير والكتابة في الإعلام الشبكي، والحرية النسبية يقابلها حرية مطلقة تسري وسط فضاء كوني بلا حدود، والموضوعية النسبية في الإعلام التقليدي يقابلها إفراط في الذاتية في الإعلام الشبكي. وإذا كان الإعلام التقليدي يوصف بكونه " السلطة الرابعة" التي تراقب سلطات الدولة الثلاث، فإن الإعلام الشبكي بات بمثابة" السطلة الخامسة" التي تراقب أداء السلطات الثلاث بالإضافة إلي مراقبة أداء الإعلام التقليدي، حيث أنه يقدم الخطاب المضاد،ويتفاعل فورآ مع الأحداث دون سقف أو أجندات مسبقة، وبعيدآ عن الهياكل التنظيمية والرقابية، وبعيدآ عن التأثيرات الاقتصادية والربحية، حيث يستطيع المستخدم للإعلام الشبكي التحكم في المحتوي الذي يتعرض إليه، وأن يختار ما يلبي احتياجاته ورغباته من بدائل غير محدودة، وفي الوقت الذي يناسبه. لقد أصبح التكامل بين الثقافة والإعلام مطلبآ جوهريآ لتعزيز الأمن القومي المصري، فوسائل الثقافة تحتاج إلي الإعلام من أجل النشر والوصول إلي القطاعات المستهدفة، كما تحتاج وسائل الإعلام إلي الثقافة لتوعية الجمهور وتزويده بالمضمون المفيد. إن الثقافة السائدة اليوم هي نتاج فكر موروث ومتداول منذ قرون، وتتسم في جوانب كثيرة بتكرار الماضي دونما إبداع ثقافي جديد، مما يجعلها عاجزة أحيانآ عن متابعة التطور الذي يشهده مجتمع المعرفة. وبالرغم من توافر المقومات الأساسية للتنمية الثقافية والإعلامية في مصر من حيث رأس المال والموارد الثقافية والبشرية والتقنية، إلا أن هناك عجزآ في رسم السياسات والخطط المنسقة والمتكاملة ماديآ وبشريآ بما يحقق الهدف المنشود. لا تزال مراكز البحث العلمي في بلادنا محدودة العدد والتأثير، وتتركز في الجامعات والمراكز البحثية، وتستمد تمويلها من الحكومة، وتفتقر إلي الوسائل الحديثة، كما تعاني غياب التنسيق بين الباحثين، فضلآ عن هجرة العقول المتميزة إلي الخارج . وبالرغم من كثرة المنصات الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية الحكومية والخاصة، إلا أن اهتمامها الرئيسي لا يزال منصبآ علي المجالات السياسية والترفيهية، أما البرامج الثقافية والتعليمية فلاتزال نسبتها متدنية، وغالبآ ما يتم توظيفها لأغراض سياسية . وللحديث بقية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *