أخبار عاجلة

هبه عبد العزيز تكتب… العملية سيناء ٢٠١٨ (٢)

هناك من يتصورون أنهم بمعزل عن خطر الإرهاب، وأن مصاعب حياتهم اليومية هى الأهم من جهة، ومن جهة أخرى لا علاقة لها بمعركة مكافحة الإرهاب، فى حين أنها معركة واحدة وليست معركتين، لذا فقد رأيت أنه من واجبى الوطنى الآن أن أحمل سلاحى (قلمى) وأسطر تلك الكلمات حول ضرورة التأكيد والتنبيه على عدة نقاط يجب إضاءتها الآن.
بتلك الكلمات كنت قد ختمت مقالى السابق، وها أنا اليوم أستكمل معكم ما كنت قد بدأته من حديث حول العملية الشاملة «سيناء 2018»، تلك العملية التى أرى أنها تحتاج منا إلى انتباه أكبر وربما جهد أكثر، حيث من الضرورى أن ننظر إليها بوعى تام ونحن مدركين أبعادها ورسائلها المباشرة وغير المباشرة، وظنى أن تلك الأخيرة لا تقل أهمية إن لم تكن تزيد، فالعملية «سيناء 2018» لا تتوقف كما تبدو عند كونها معركة لمواجهة الإرهاب والتطرف الذى يحاصر وطننا العزيز من حدوده الشرقية للأخرى الغربية، هذا الإرهاب اللعين الذى ما زلنا نعانى ويلاته التى أثرت وتؤثر بلاشك على اقتصادنا واستثماراتنا منذ سنين وسنين -وإن كانت معركة مواجهة الإرهاب فى حد ذاتها لشىء عظيم- إلا أننى أرى أن تلك العملية تعد من أهم ضرورات و(تحديات) إعادة بناء الدولة فى المرحلة الحالية، المرحلة الانتقالية فى بناء مصر جديدة قوية متطورة قادرة على اللحاق بركب التطور والتنوير أسوة بدول العالم المتقدم، ولعلى أرى أيضاً أنه من الأهمية بالنسبة للجميع التعامل بقدسية مع فكرة الوطن ويتجسد ذلك الشعور بشكل خاص فى اللحظات الخطرة من عمر الأوطان، فالوطن ليس حفنة تراب -كما علمهم كبيرهم «سيد قطب» السحر منظر جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية- ولكن للوطن دائماً مكانة عظيمة عند كل إنسان يملك قلباً وعقلاً سليماً، وأتصور أن الوطن يحتاج لمن يؤمن به وليس فقط لمن يعيش فيه، ولعلى لا أبالغ فى شأن تصورى بأن حدود الوطن قد تبدو لى أحياناً كجلد الإنسان، بما يحمله الوصف أو التعبير من معان متعددة، وحتى لا أطيل كثيراً.. فالحديث عن حب الوطن ربما لا ينتهى، والكلام عن الإيمان به ربما تُفرد له مجلدات، لذا سأعود لأذكر نفسى وإياكم، الإرهاب الغاشم قد بلغ درجة من التعقيد والتطور حد أصبح يهدد البشر والحجر وكل شىء على أرض مصر، ولا يوجد أحد بمعزل عن خطره، ومن لا يعترف بذلك فهو إما غافل أو صاحب غرض ما، ومكافحة الإرهاب ليست شأن الجيش والشرطة وحدهما، وإنما هو شأننا جميعاً، ومواجهته ليست بالسلاح أو الإجراءات الأمنية فقط، ولكن بالمواجهة الشاملة للفكرة فى حد ذاتها، ومقاومة الأفكار لا تكون إلا بتغيير الأفكار وهنا يأتى دور التعليم والخطاب الدينى والإعلام، كما يجب أيضاً أن نعى جيداً أن الإرهاب ليس مجرد منتج محلى يدخل فى صناعته عوامل قلة الوعى والفقر والتخلف و…. وما إلى ذلك، ولكنه صناعة عالمية بالأساس، تهدف من ورائه دول عظمى لهدم دول وطنية لتحقيق مآرب ومصالح سياسية واقتصادية فى تلك المناطق، الأمر الذى يترتب عليه النقطة الأخيرة بأنه يجب أن ندرك كذلك أن فكرة انتظار من يأتى إلينا من الخارج ليساعدنا أو ينقذنا غير واردة بالمرة، فالبحر من خلفنا والعدو أمامنا، ومن المعلوم أن قوة الدولة تنبع من داخلها، لذا فوجب ضرورة الوعى بأن قيادتنا الحالية تخوض حرب وجود لتثبيت أركان الدولة المصرية فى عدة مجالات، ويمكن أن نطلق على ذلك بناء «الهارد ويير»، لتتفرغ بعده فى المرحلة المقبلة لبناء «السوفت وير» من تربية الكوادر الوطنية فى شتى المجالات من خلال صناعة الإنسان التى هى الأساس الحقيقى لأى نهضة أو إصلاح، من خلال الاهتمام بالتعليم والبحث العلمى والقوى الناعمة فى الإعلام والفن والتركيز على مؤسسات المجتمع المدنى، وستبقى إرادتنا هى أقوى مفتاح لكافة الأبواب المغلقة، ومساندتنا للعملية الشاملة سيناء ٢٠١٨ هى واجب وطنى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *