أخبار عاجلة

محمد مدحت يكتب… غياب الرؤية والخبرة في الاذاعات المصرية !

الاذاعة في مصر يجب ان تشهد الفتره القادمة نوعاً من التغيير والتطوير الجذري تقنياً وفنياً لمواكبة اخر التطورات العالمية في مجال البث الاذاعي وطريقة التناول وحتى في الشكل العام وتوزيع خريطة البرامج والأداء الاذاعي وايضاً لمعالجة الأزمة والتعثر الكبير في سوق الاعلام المسموع في مصر خصوصاً السنة الماضية في ظل تخبط معظم الاذاعات الحديثة القائمة وظهور اذاعات جديدة منها ما لم ينطلق بعد.
فمثلا لو تحدثنا عن تقنية البث فمنذ سنة 2002 تم تحديث البث الاذاعي لنظام HD (البث عالي الجودة) وهو مايتيح للاذاعات التي تبث على موجات AM  أن تبث بنفس جودة الاذاعات التي تبث علي FM  حالياً ويصل جودة الاذاعات ال FM  لجودة القرص المدمج CD quality   هذا بالاضافة الي الكثير من وسائل التواصل والتفاعل اللحظي مع المستمعين من خلال خصائص عدة, وهذا النظام يتيح البث بالنظام الحالي مع وجود امكانية البث ايضا بالنظام الحديث مما أيضا يتيح بث محتويين او اذاعتين على نفس التردد.
ولكني لا أطمح فالوقت الحالي الا لتحويل الاذاعات اللي نظام البث الرقمي Digital  حيث أن معظم الاذاعات مازالت على النظام التناظري القديم .Analog
اما بالنسبة للمحتوى والشكل والاداء الاذاعي, فهناك الكثير ممن يدعون التطوير ولا نجد غير مجرد تغيير في الانتاج الفني وعمل تباديل وتوافيق في مواعيد البرامج واسمائها ولكن بنفس المحتوي والافكار القديمة التي دائما ما تتشابه وعفى عليها الزمن, ومجرد حشو لجميع اوقات اليوم حتي ان في بعض الاذاعات نجد من المذيعيين من يخرج علينا في 3 يرامج على نفس الاذاعه. وللاسف لايوجد رقيب على الاداء المهني والاذاعي أو حتى شكل المحتوى حتى اصبح الهزل المبتذل والمواضيع التافهه والاداء البدائي هو العنصر السائد والطبيعي في معظم ما يسمونه الاذاعات المطورة والحديثة وهذا ليس بالحداثة ولا بالتطوير في شيء.
هذا فضلاً عن الكارثة الكبرى التي طرأت على السوق الاذاعي في مصر (وفي مصر فقط) وهو الاستعانة بنجوم التمثيل والغناء كمذيعيين وإعلاميين في الاذاعة,  رغم اننا رواد الاذاعات العربية ولدينا كوادر اذاعية امثال الاعلامية القديرة ايناس جوهر والاستعانة بها اضافة لاي اذاعة مصرية او شاشة فضاءية.
وهنا أتوقف للحظة لاقول أن معظم الفنانين والنجوم ليسوا مؤهلين ليكونوا اذاعيين الا من لديه الخبره والخلفيه الاذاعيه ويمكن عدهم على اصابع اليد الواحده. وهنا المشكله تكمن في عده محاور, اولا عدم اهليه النجم وعلمه بتقنيات الاذاعه واسلوب وطريقه التناول ومخارج الالفاظ والنبره والاداء الاذاعي المطلوب وللاسف مايزيد الطين بله ان القائمين على الاذاعات لايكلفوا انفسهم عناء تدريب وتعليم النجوم قبل خوضهم لهذه التجربة, مما يعود على النجم او الفنان بالفشل امام جمهوره وعدم رضى المستمعين عن مايقدم من نجمهم المفضل كما أن معظم محبي الاذاعه والمتابعين الفعليين لا يهتمون بمن يتحدث في المايكروفون بقدر من يعلم ويمتلك مقومات وموهبة جذب انتباههم وتحريك واشباع حاجتهم في التفاعل والتسليه والاستماع الي محتوى جيد من خلال صوت ونبرة واداء ومن يمتلك القدرة على ذلك.  
ثانيا تكلفة وجود النجوم على الهواء في الاذاعات تعد من أكبر الاعباء المادية على ميزانيه الاذاعات لان فالاساس الميزانيه الاعلانيه لسوق الاعلام المسموع في مصر ليست بالكبيره ولا يفعل القائمون على هذه الاذاعات على اتساع وزيادة هذه الميزانيه بجذب المعلنين بل على العكس.
وجود الفنانين والنجوم بالطبع مهم ولكن كفاكهه في وسط الوجبه الاذاعيه المقدمه كضيف مثلا أو حتى بمحتوى مسجل لا يزيد عن الدقيقه وهنا يمكن ان يخرج بالشكل المناسب وايضا التكلفه وقتها ستهبط الي الثلث تقريبا. ويوجد مثال يحتذى به لاحد اقدم هذه الاذاعات الحديثه واكثرهم نسبه استماع وتملك ايضا اكبر حصه اعلانات في السوق الاذاعي ولم يدخلوا سباق النجوم الهزلي هذا ونجوم هذه الاذاعة هم المذيعيين انفسهم.
ناهيك عن ما يحدث من التجاوز بالتهكم والردور السيئه والتى تصل الي حد السباب الضمني في المداخلات مع المتصلين من المستمعين. هذا غير الاخطاء المهنيه الفجة في النطق والتناول وفي بعض الاحيان في المعلومات المغلوطه.
واخيرا .. التطوير للاذاعات له نتائج حتميه وهي زياده عدد المستمعين وارضاء القاعده العريضه منهم و أيضاً المكسب المادي لهذه الاذاعه, ولكن للاسف مانراه الان هروب المستمعين الي الاذاعات التقليديه القديمه من كثره الصخب والهزل والتفاهه في المحتوى وهروب المعلنيين بالاضافة الى إهدار الموارد المالية في غير محلها  وفي النهايه نرى الخسائر الفادحه هي نتيجه (التخريب) وليس التطوير التى تجاوزت في أحد الكيانات الاذاعية الحديثه والمملوكه للدوله حد ال100 مليون جنية في اقل من سنة.
وهنا يجب من وجود وقفه واعاده التفكير ملياً في هذه الكبوة الاعلاميه في الاعلام المسموع في مصر ويكون بالعمل على التطوير الفعلي في المحتوى قبل الشكل والاستعانه بالكوادر الاعلاميه الجديده من ذوات الموهبه الحقيقيه وتدريبهم واخراج نجوم اذاعيه يخلقون سوق موازي اخر وايجاد انواع من برامج التفاعل اللحظي باستخدام التقنيات الحديثه مما سيزيد من الميزانيه الاعلانيه في سوق الاعلام المسموع في مصر ووجود حد السيف في ما يتعلق بالمهنيه والاداء الاذاعي الذي يحافظ على اصاله الاذاعه المصريه ويطور من الاداء ولا ينسفه.
 فضلا عن الاهتمام بالمواضيع والمعلومات المفيده التي ترقى بعقول المستمعين ولا تتفه وتزيد من السطحيه وتساعد على الوجود الدائم للغيبوبه الفكريه لدى الناس مما يساعد للاسف على تمكين الافكار الخاطئه والتوجهات السيئه والمغلوطه ونحن في ظل وضع خطير تمر به مصر والتوجه العام للدوله المصريه يشجع كل ماهو بناء وكل ماهو يفتح أفاق المصريين للبعد عن الضلال الفكري وجعل المجتمع بيئه خصبه للانتماءات الهدامه.
ويوجد بالفعل خطة للتطوير الحقيقي وخاضتاً فيما يتعلق بالاذاعات المصرية القديمة لجعلها تدخل سوق الاذاعات الحديثة وفي نفس الوقت هي بالفعل تملك الثقة من المستمعين وايضاً تلتزم بجميع المعايير الاعلاميه والاذاعيه بالطبع فهي المدرسة الاصيله لجميع الاذاعات المصريه ويتم عرضها الان على المسئوليين لتفعيلها قريباً باذن الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *