أخبار عاجلة

د.عبد الرحمن الوليلي يكتب… الشذوذ الجنسي والشذوذ الفكري !!

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد/ فإن ما حدث في الأيام الماضية من أحداث تتعلق بما يعرف بمشروع ليلى وما كان فيه من رفع لعلم الشواذ أو المثليين على اختلاف المسميات، المشكلة فيه أن القضية لم تقتصر على بعض أشخاص ينادون أو يدعون إلى الشذوذ الجنسي فحسب، وإن كان ذلك في حد ذاته مصيبة، إلا إن الأمر تجاوز ذلك إلى شذوذ فكري عند طائفة كبيرة من الناس، شذوذٌ يريد أن يجعل من المثلية مدنية، ومن الإباحية حرية، ومن التحرر تحضراً، ومن انتكاسة الفطر والمجاهرة بذلك أمراً عادياً طبيعياً بل وحقاً مكتسباً، ذلك الشذوذ الذي يدفع صاحبه إلى استباحة الشذوذ الجنسي وكل شذوذ إنساني بحجة أنه انفتاح أو حرية شخصية، بل ويملي عليه أن يكفل هذه الحرية لصاحبها، ضارباً بالدين والقيم والأخلاق والمبادئ عرض الحائط!.
فالمشكلة لا تنحصر في واقعةٍ معينةٍ أو أشخاصٍ بعينهم، وإنما تمتد إلى قضية هذا الشذوذ الفكري، والفساد الأخلاقي، والانفلات الديني، والانتكاس الفطري الذي كان من أصداء هذه الواقعة، والذي يُبيح ويُسوِّغُ ويفتح البابَ أمام كل مصيبةٍ وبليةٍ وشر، والذي لا يَنُمُّ كذلك إلا عن غياب الوعي، وانقلاب الموازين، وانعدام التمييز بين الحق والباطل، والخطأ والصواب، والمعروف والمنكر، وما يصلح أن يكون وما لا يصلح أن يكون، وهو نتاج إِلْفِ الفتنة وتعودِ الشبهة، كما قال صلى الله عليه وسلم: “تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نَكَتَتْ فِيهِ نُكْتَةً سَوْدَاءَ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَتْ لَهُ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى يَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ: أَبْيَضُ مِثْلُ الصَّفَا، فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مِرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجْخِيًّا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ”.
فجريمة اللواط هي جريمة من أعظم الجرائم، وأقبح الذنوب، وأسوأ الأفعال وقد عاقب الله فاعليها بما لم يعاقب به أمة من الأمم، وهي تدل على انتكاس الفطرة، وطمْس البصيرة، وضعف العقل، وقلة الديانة، وهي علامة الخذلان، وسلم الحرمان، نسأل الله العفو والعافية، كما أن الله عز وجل لما ذكر الزنا في القرآن قال: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) فجاءت كلمة (فاحشة) نكرة، أي هو فاحشة من الفواحش، ولما ذكر اللواط قال: (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ) فجاءت كلمة (الفاحشة) معرفة، فعرّفها في اللواط، وذلك يفيد أنه جامع لمعاني اسم الفاحشة، أي: أتأتون الخصلة التي استقر فُحْشُها عند كل أحد!، فهي لظهور فحشها وكماله غنيّة عن ذكرها، بحيث لا ينصرف الاسم إلى غيرها، وكما قال عز وجل كذلك في آية أخرى: (وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ) فكأنه كذلك كل المنكر، بل هو المنكر عينه، ولم لا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ثَلاثًا، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ, لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ”!، وليس هذا فحسب، بل أضف إلى ذلك أن من رضي عملَ قومٍ حُشِرَ معهم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -، فامرأة لوطٍ عليه السلام ما حُشِرَتْ مع قومها في العذاب إلا أنها رضيَت فعلهم ولم تنكره، فما بالك بمن يدعو ويبيح ويحرض على انتشار الفاحشة؟! (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).
فالأمر ليس بالآراء ولا بالأهواء ولا بالادعاء، وأكرر كما ذكرتُ آنفًا أن القضية ليست فقط قضيةَ شذوذٍ جنسيٍّ ولا أشخاصٍ ولا أسماء، ولكن القضية قضية مبدأّ!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *