أخبار عاجلة

محمد يوسف العزيزي يكتب…”هل تخجل الحكومة من نفسها..؟!!”

إذا كان للحكومة أن تخجل.. فلتخجل من مشروع القانون الذي قدمته مؤخرًا للبرلمان، والخاص بزيادة رواتب رئيس الوزراء والوزراء ونوابهم.. في الوقت الذي لا تمل فيه عن معايرة الشعب بالفتات الذي تقدمه في صورة دعم لبطاقات التموين، حيث يحصل الفرد على 21 جنيهًا.. بما يعني مثلًا أن الأسرة المكونة من 6 أفراد تحصل على 126 جنيهًا.. أي ما يعادل ثمن كيلو لحم أو كيلو ونصف الكيلو من اللحم السوداني، بما يسمح لكل فرد في الأسرة الحصول على 150 إلى 200 جرام من اللحم طوال الشهر، وفي الوقت الذي يحصل فيه أكبر موظف في الدولة عند خروجه للمعاش على مبلغ يقل عن الحد الأدنى ولا يتجاوزه بعد أن يكون قد قضى ما يزيد عن 36 عامًا في خدمة الدولة، خرج بعدها مصابًا بكل أمراض الدنيا، وما زال يعول أبناء في التعليم وبنات لم يتزوجن بعد.. وفي الوقت الذي تفقد فيه الحكومة– التي تطلب زيادة رواتبها – القدرة على كبح جماح ارتفاع الأسعار الذي يأكل كل ما في جيوب الناس فلا يجدون أقل الحاجات الضرورية للحياة!
بعض نواب البرلمان قالوا إن التوقيت غير مناسب، وأن مشروع القانون استفزازي خاصة أن الحكومة تماطل في زيادة مرتبات العاملين والمعاشات بما يوازي الارتفاع في نسبة التضخم التي تتزايد كل يوم، وقال البعض أيضًا مبررًا سبب عرض مشروع القانون، إنه يهدف إلى جذب الأفراد للترشح للحقائب الوزارية بعد الاعتذارات المتوالية عن عدم قبول المنصب من العديد من الشخصيات.
وإذا كان للحكومة أن تخجل.. فلتخجل من التناقض الذي تضع نفسها فيه.. فبينما تطالب الشعب بالتقشف وربط الحزام والترشيد في كل شيء حتى الهواء الذي نتنفسه بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة وعجز الموازنة الكبير.. تقدم مشروعًا لزيادة رواتبها ومعاشاتها حتى قبل أن يخرج وزراؤها إلى المعاش!
وإذا كان للحكومة أن تخجل.. فلتخجل من الرئيس الذي تنازل عن نصف راتبه وتبرع بنصف ثروته، ولتخجل من المستشار الجليل “عدلي منصور” الذي لم يتقاض راتبًا من عمله كرئيس للجمهورية خلال العام الذي تولي فيه المسئولية، ولتخجل من شيخ الأزهر الذي يعمل بلا راتب بناءًا على رغبته، ولتخجل من شكلها أمام الشعب والرأي العام الذي يطالب برحيلها لفشلها في مواجهة تداعيات برنامج الإصلاح الاقتصادي!
وإذا كان للحكومة أن تخجل.. فلتخجل من غض الطرف عن الغلابة– وهم كثر– الذين يبحثون في الأسواق عن أرجل وهياكل الدجاج، ورجول الماعز، والعصافير وعظام الذبائح ليأكلوها وليتهم يستطيعون شراءها ودفع ثمنها بعد أن ارتفعت أسعارها وصارت فوق طاقاتهم في الوقت الذي تتحدث فيه عن ضبط الأسعار والأسواق، وملاحقة التجار.. ولا حياة لمن ينادي!
وإذا كان للحكومة أن تخجل.. فلتخجل من “علاء مصطفى” ابن الصعيد الذي يعمل فني صحي بمديرية الصحة بأسوان، الذي كشف عوار المحليات وفضح سلوك محافظ أسوان الذي يرفع شعار(أنا لا أكذب.. ولكني أتجمل) أمام الرئيس لدرجة أن المحافظ لم ينكر أن النظافة تكون على أحسن ما يكون عند زيارة كبار المسئولين!
وإذا كان للحكومة أن تخجل.. فلتخجل عندما تستجيب في التو واللحظة لتوجيهات الرئيس في أمور هى من صميم عملها ووظيفتها، وكان يجب أن تلتفت إليها وتبادر إلى تحقيقها قبل أن تصل الشكوى إلى الرئيس في أي مناسبة!
وإذا كان لها أن تخجل.. فلتخجل من نفسها لأنها لا تلتقط رسائل الرئيس التي يرسلها في كل مناسبة وكل خطاب وكل زيارة لموقع، وهى تراه كيف يتعامل مع الناس بلا استعلاء ودون تحقير لآرائهم وأفكارهم، وكيف يتفاعل مع مشكلاتهم ويسعى لحلها فورًا، وإن لم يفعل يطلب الدراسة بلا تسويف أو تخدير، وكيف يتحرك لبحث شكوى يرى أهمية توضيحها قبل أن تتحول إلى كرة ثلج كبيرة وإلى مادة تلوكها الألسن ويلتقطها عواجيز الفرح، وكيف يصبر على من يتحدث عن فكرة أو رأي، وكيف يزرع بذور التواصل ويبني جسور الثقة مع المجتمع!
وإذا كان للحكومة أن تخجل.. فلتخجل من كلمة الرئيس التي قالها عامدًا متعمدًا لعلاء مصطفى (أنت آمن).. الرئيس يعرف أن مسئولًا قد يبطش به، لأنه قد خرج عن السياق في النقد رغم أنه كان مهذبًا، لذلك أصر الرئيس أن يدعوه للوقوف بجانبه وهو يلقي كلمة ختام المؤتمر، وبهدوء شديد وابتسامة لا تخلو من الجد يُعَلم الرئيس علاء الدرس الأخير.. ( يجب أن تعرف كثيرًا من المعلومات قبل الشكوى وتوجيه النقد) لتصل الرسالة واضحة للجميع..
الحكومة لا تخجل من نفسها ولا من أي شيء آخر، ولا تلقى بالًا للنقد، وترى ما لا نراه.. وتلك هى المصيبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *