أخبار عاجلة

إبراهيم الصياد يكتب.. “11 سبتمبر” تاريخ عولمة الإرهاب !!

مر خمسة عشر عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي تعد اكبر الإعتداءات الإرهابية في العالم في التاريخ الحديث من حيث النوعية والنقاط المستهدقة والنتائج المترتبة عليها وساهمت في تجسيدها الثورة في وسائل الإتصال التي نقلت الى أرجاء كوكب الأرض الحدث فور وقوعة . 
إن الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 تاريخ فاصل لأنه حول الإرهاب من ظاهرة إقليمية الى ظاهرة عالمية وبات راسخا في يقين العالم ان خطر الإرهاب أصبح يهدد كل الدول و أثبتت الأحداث ذلك خلال ال 15 عاما الأخيرة وأضحى من النادر وجود دولة في مأمن من الإرهاب حتى الدول الراعية له تظل الاكثر تعرضا لمخاطره بعد أن ” انقلب السحر على الساحر ” .
وفي هذا المقام نحاول إعادة قراءة الحدث من منظور لا يبحث في  النتائج لأنها واضحة للعيان فيما حدث ويحدث في  امريكا واوروبا والشرق الاوسط  وغيرها من مناطق العالم ولكن من منظور يبحث في الأسباب التي أوصلت العالم الى هذا الوضع وجعلت الإرهاب عدو الشعوب الأول ونسوقها  في أربعة أسباب على النحو التالي ..
أول هذه الأسباب هو اختلال التوازن الدولي لصالح الدول الرأسمالية الأمر الذي نجم عنه تنامي اتجاهات فكرية متطرفه حاول الغرب إلصاقها ” ظلما وعدوانا ” بالإسلام والمسلمين  وتغاضى عن أن وجودها جاء بتشجيع منه ولنا في تنظيم القاعدة النموذج الواضح فقد خلقته الولايات المتحدة لضرب أطماع الاتحاد السوفيتي في افغانستان ولما إنهار المعسكر الإشتراكي إستمر تنظيم القاعدة يمثل بؤرة الإرهاب في العالم وبالتالي لم يجد امامه غير حاضنه الأول ليستهدفه بعد ذلك لقد كان من أهم ميزات النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية وجود قطبين يحافظان على توازن القوى وقد حجم هذا النظام الإرهاب بمنعه من تخطي حدوده هنا او هناك .
السبب الآخر إختلال ميزان العدل في العلاقات الدولية حيث ترتب على النظام العالمي الجديد بعد سقوط الاتحاد السوفيتي نتيجة تعامل الولايات المتحدة بسياسة المعايير المزدوجة التي ساهمت في تفشي الشعور بما يمكن تسميته ” الظلم الدولي ” وخرجت من تحت عباءته الاتجاهات الفكرية التي أشرنا اليها وتميزت بالتطرف ولجأت الى العنف والارهاب وسيلة للانتقام – اذا جاز التعبير – وأوضح مثال على صحة ما نقول كانت ومازالت إسرائيل الحليف المدلل للحكومات الامريكية المتعاقبة وهوالأمر الذي كرس الواقع المر للقضية الفسطينية وحتى يومنا هذا لم يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المغتصبة من جراء سياسة الكيل بمكيالين أو دعونا نقول نتيجة عدم وجود عدالة او إنصاف في التعامل مع القضايا والمنازعات حتى في أروقة الامم المتحدة التي يفترض أنها تعبر عن مصالح الجماعة الدولية نجد الولايات المتحدة وتابعوها يسيطرون على القرارات الدولية ويقررون مصائر أزمات وشعوب وفق مصالحهم  .
السبب الثالث يرجع إلى مفارقة طريفة في العلاقات الدولية أنه رغم سيطرة دول تعتمد الديموقراطية ” نظاما سياسيا ” إلا أنها لا تعترف بالديموقراطية في تعاملها مع الدول الآخرى ونجم عن هذا التناقض نظرة آحادية حيث يدار العالم من وجهة نظر واحدة الأمر الذي فجر في تصوري الأوضاع الحالية في عدد من دول الشرق الاوسط وما تشهده دول عديدة بالمنطقة مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا ليس سوى نتاج حسابات خاطئة من هذه الدول من ناحية وتصدير العالم الغربي وعلى رأسة الولايات المتحدة الى هذه الدول وغيرها افكارا قادت الى تردي الأوضاع بها من ناحية اخرى . 
ومن بين هذه الأفكار ما يسمى نظرية ” الفوضى الخلاقة ” التي تهدف الى عصف إستقرار مجتمعات الشرق الاوسط وإعادة رسم خريطة الوطن العربي السياسية من جديد في محاولة لفرض إتفاقية ” سايكس بيكو ”  جديدة  ولم نجد منذ تسعينات القرن الماضي فكرا آخر يقارع النظريات الواردة من الفكر الغربي 
سبب رابع هو غياب التعاون الدولي حتى عام 2011 لمواجهة الارهاب عندما  كان ارهابا اقليميا او قاريا  محدودا ولم يستشعر العالم أهمية هذا التعاون إلا بعد وقوع اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر حيث ادرك ان الارهاب أضحى ظاهرة دولية واليوم وبعد مرور خمسة عشر عاما نقرر أن تعاون الدول في مكافحة الإرهاب لم ُيجد بعد بدليل إتساع نطاقه وظهور تنظيمات ارهابية جديدة مثل داعش بعد احداث سبتمبر ما يترجم الفشل الدولي في التعاطي مع الارهاب كظاهرة دولية طوال هذه السنوات ويؤكد  ذلك ما شهدته فرنسا مثلا من عمليات ارهابية كان آخرها في مدينة نيس السياحية مؤخرا سقط خلالها عشرات الضحايا  
إن عدم فاعلية المواجهة الجماعية لظاهرة الإرهاب يجعل خطره يظل قائما في المستقبل ولا توجد دولة واحدة في العالم بمنأى عنه ما يجعلنا نحذر من خطورة استمرار عولمة الإرهاب نتيجة حماية بعض الدول بصورة أو بآخرى لعناصر تتبنى إتجاهات فكرية متطرفة تحت مظلة حرية الرأي والديموقراطية لأن هذه الإتجاهات هي التي تتحول الى قنابل ارهابية موقوته تستهدف الآبرياء من بني البشر . 
فهل يمكن ان يتفق العالم المتحضر على إنشاء وكالة دولية متخصصة تابعة للأمم المتحدة تكون مهمتها التنسيق بين الدول لمكافحة وملاحقة الإرهاب أينما وجد في اي مكان من العالم  ؟! إجابة السؤال بنعم مرتبط بوجود إرادة دولية حقيقية حتى لا يحدث – لا قدر الله – 11 سبتمبر آخر !!                                                                         

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *