أخبار عاجلة

إبراهيم الصياد يكتب.. “من ذكرياتي عن يوم عرفة !!”

أكرمني الله بالحج ثلاث مرات ومن أجمل ذكرياتي عن يوم عرفة أنني كلفت في حجتى الثانية عام 2003 بتغطية المناسك للاذاعة والتليفزيون و اتذكر أن الاخوة في وزارة الاعلام السعودية طلبوا منا كتابة نص ما سنقولة اثناء النقل على الهواء  وبالفعل كتبت نصا وعندما جاء دوري وكنا نذيع من اعلى برج يطل على تجمع الحجاج بمنطقة عرفات وجدتهم كما لوكنا بيوم المحشر حارمين ملبين كان مشهدا مهيبا ما جعلني لا التفت الى النص الذي كتبته  وتحدثت الى بني وطني في مصر من قلبي مرتجلا واصفا لحظات الوقوف بعرفة وشعرت بالملائكة تدنو وتلف وتحتضن جموع الحجيج بينما تتعالى الصيحات بالدعاء والتلبية وتنهمر دموع التوبة من عيونهم متمنين ان يغفر الله لهم ويقبل توبتهم انها لحظات تعجز الكلمات عن نقل عمق دلالاتها واثرها في النفس انها ذكريات تزيد المرء شوقا للعودة من جديد الى هناك .
 تدافعت امام ناظري الذكريات وانا اترقب مرور الساعات القليلة لكي يلتقي حجاج بيت الله الحرام الذين اتوا الى مكة المكرمة من كل حدب وصوب في مشهد نوراني عظيم عند الوقوف بعرفات انه موقف لا يتكرر إلا مرة واحدة في العام ولكنه  يحمل معاني كثيرة منها  الوحدة والتضامن والالتقاء على كلمة سواء في تجمع إيماني يختلط فيه أهل الارض بأهل السماء وفي ايام معدودات  يغفر الله فيها لعباده ويطهرهم من الذنوب والخطايا حتى تعود صفحتهم بيضاء ناصعة . 
وفي الحج يتم التأسي بما فعله سيدنا ابراهيم عندما فدا ابنه سيدنا اسماعيل عليهما السلام    ” بذبح عظيم ” ولهذا يظل معنى الفداء والتضحية هو المعنى الابرز في مناسك الحج وهذا ما رسخ في عقلي وفكري  وكنت في كل مرة اذهب الى الحج  اكتشف معاني جديدة للاقتراب من الذات الالهية وكيف انك تمضي اليه سبحانه في طريق قد يبدو أنه مغلف بالمشقة لكن الاجر دائما هو على قدر المشقة . 
وتبدأ الرحلة بالتصعيد الى عرفات وهو الركن الاكبر في الحج منذ فجر يوم التاسع من ذي الحجة حتى غروب شمس  نفس اليوم ثم النفرة الى المزدلفة حيث المشعر الحرام ثم رمية العقبة الكبرى في منى ثم الانتقال الى مكة لاتمام طواف الافاضة وقبلها او بعدها حسب الوقت والاستطاعة تضحي لله وفي هذه الايام اصبحت الصكوك امرا ميسرا وسهلا على الحجاج ويمكن انجازة بمجرد الوصول الى مكة او المدينة وهو من باب التيسير على ضيوف الرحمن قبل ان يتم التحلل من الاحرام بالحلق او التقصير وكلها مناسك تقودك الى ان تكون دائما في معية الله ويبقى رمي الجمرات في ايام التشريق الثلاث ومن تعجل في يومين فلا إثم علية .
هذه رحلة الحج المقدسة حيث تجد  انه رغم الزحام الشديد في كل مكان سواء في المشاعر او الحرم فان الانسان يعيش أجمل ايام حياته ينفصل فيها عن الدنيا بكل ما فيها من دنايا ولا يفكر إلا في القرب من الله والتقرب اليه سبحانه لعله ينال مغفرته ورضاه و كل عام وانتم بخير. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *