أخبار عاجلة

تامر جلهوم. يكتب.. “قلوب ميتة.. قلوب قاسية”:

أحياناً نضطر أن نقول أن الحياة مليئة بالسواد….!!!!.
ليس لسوادها بل لسواد قلوب من فيها …….!!!!!.
فالقلوب آنية الله في أرضه فأحبه إليه أرقها وأصلبها وأصفاها.
فما أنبل القلب المتعب الذي لا يمنعه تعبه من أن ينشد أغنية جميلة مع القلوب الفرحةما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله.
علي الرجل أن يجعل لسانه في قلبه وعلي المرأة أن تضع قلبها في مكانه.
يقول أحد الحكماء أربعه من الشقاء : جمود العين وقسوه القلب و طول الأمل والحرص على الدنيا .
ويقول أحد الصالحين:إذا سلم القلب من أمراض الشبهات والشهوات كان أقوى على مواجه الفتن وأكثر ثباتاً على الحق .
فإذا تحدثنا عن قساوة القلوب فإنها مكروهة من الجميع إلا من القساة أنفسهم وهى منفرة ولها نتائج سيئة عديدةوهى ضد الرحمة والرأفة والرقة.
ومن مظاهر القساوة: الكلمة القاسية والنظرة القاسية والمعاملة القاسية والعقوبة القاسية والتوبيخ القاسي والعقاب القاسي وغير ذلك أي أن القلب القاسي يبسط قساوته على كل تصرفاته وقد تكون قساوته على الجسد أوعلى النفس أو كليهماوسنحاول في هذا المقال أن نطرق كل هذه الأموركما نبين أسباب القساوة ونتائجها.
غالبًا ما تكون القسوة ناتجة من إستبداد القوي بالضعيف والعمل على قهره في حين لايستطيع هذا المسكين أن يدافع عن نفسه أو أن يقاوم بطش القوي! والعجيب أن هؤلاء القساة لا يوبخهم ضميرهم بل إنهم يعتبرون بطشهم دليلًا على ما يتمتعون به من قدرة وقوة! أو أنه دليل على سلطانهم وسيطرتهم وقد تصدر القسوة في محيط الأسرة من أب يخطئ في فهم أسلوب التربية السليمة ويظن أن الحزم في تربية أبنائه يعني القسوة عليهم لكي يتأدبوا!! وهكذا يضيق عليهم في كل شيء ولا يعطي لشخصياتهم فرصة للنمو بل على العكس يجعلهم يعيشون في جو من الأوامر والنواهي وفي لون من الحصر النفسي مما يجعلهم يكرهون البيت الذي يعيش فيه هذا الأب العنيف القاسي وقد يهربون من قسوته ملتمسين صدرًا حنونًا وحضنًا دافئًا يحتويهم وربما يقودهم ذلك إلى الضياع أو الضلال.
وربما تحدث هذه القسوة من زوج ضد زوجته بإعتباره رب البيت وله سلطان على الزوجة فيهينها ولا يعاملها برفق ولا يشفق عليها في أي تقصير مهما كان غير مقصود أو ما يعتبره هو تقصير حسب وجهة نظره وبهذا الوضع يختفي الحب من بيت الزوجية وتحل محله السلطة والنفوذ وقد تتهدد الحياة الزوجية بالتفكك والزوج لا يبالي وكل مايهمه أن يحتفظ بمركزه كرجل البيت القوي الذي كل شيء في نطاق قوته وسلطانه!! وأحيانًا يقسو الأب على أولاده من زوجته الأولى بسبب من زوجته الحالية التي توغر صدره ضدهم لأنها لا تحبهم وقد تصدر القسوة منها مباشرة ضد هؤلاء الصغار ولذلك يكره الأبناء زوجة الأب ويصفونها بالقسوة.فأليك عزيزى القارىء نوع اَخر من نفس الإستبداد بالضعفاء والقسوة عليهم يحدث في مجال العمل من مدير قاسى ضد موظفيه أو مرؤوسيه وذلك بحكم سلطانه عليهم وشعوره بالقدرة على التدخل في مصائرهم وما أسهل أن يكتب تقارير شديدة ضد بعضهم تسئ إليه وتستغل بتهديده بالخصم من مرتبه بل والفصل من وظيفته ولهذا مايشكو هؤلاء الموظفون من رئيسهم القاسي أو يتملقونه في جبن حرصًا منهم على بقاء مصدر رزقهم! وخوفًا من هذا الإذلال الذي يقاسونه من هذا القاسي فيهبط مستوى نفسياتهم فأعلم أن الرجل النبيل يحاول بإستمرار أن يخضع نفسه بتداريب من ضبط النفس وبخاصة في حالة الغضب أما الشخص القاسي فى قلبه فهدفه أن يخضع غيره له إعتزازًا منه بقوته غير مبالى بالمثاليات ومسكين من يقع في يده.
فالعتاب القاسي هو الذي يكون بشدة وعنف وباتهامات تكون سبباً في ضياع العلاقة بين الأثنين. وكما قال الشاعر:
ودع العتاب فرُبَّ شرٌ كان أوله العتابا
فإن القلب القاسي هو بعيد عن الوداعة والرحمة وعن الشفقة والحنان بل أنه يتصف بالعنف أيضاً بينما يطلب منا الله أن نكون لطفاء بعضنا نحو بعض بعيدين عن القسوة.
يقول أبن قدامه:
يا غلام : لا يكن همك ما تأكل وما تشرب وما تلبس وما تنكح وما تجمع . كل هذا هم النفس والطبع فأين هم القلب ؟ همك ما أهمك فليكن همك ربك عزوجل وما عنده.
والعجيب أن الإنسان القاسي يجمع بين أمرين متناقضين: فيكون حساساً
جداً من جهة المعاملة التي يعامله بها الناس ولا إحساس له من جهة وقع معاملته القاسية علي الآخرين والقسوة قد تكون علي الجسد أو علي النفس فأبشع قسوة علي الجسد أما القسوة علي النفس فيكون ذلك بإذلالها وفي التشهير بها وفي المعاملة المهينة لها ومن أمثال ذلك معاملة العبيد ويحضرني هنا قول الشاعر:
لا تشتر العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيد
فإن القسوة تحدث أحيانًا في مجال العقوبة حينما تكون فوق الإحتمال وبعدم النظر إلى ظروف المخطئ وما أكثر ما يحدث بطريق غير مباشرة أن تصيب العقوبة أسرة المخطئ أيضًا لأنه هو عائل الأسرة ومعروف المثل “أضرب الراعي فتتشتت الرعية”. لذلك يحسن أن ينظر المجتمع في معاقبة المخطئين إلى الحالة الاجتماعية وليس إلى مجرد الفرد!
وفى النهاية أختم مقالتى حينما إجتمع إبراهيم بن أدهم بأهل البصره : فقالـوا مالنا ندعوا الله فلا يستجاب لنا ؟ فقال لأن قلـوبكم ماتت بعشره أشياء عرفتم الله فلم تؤدوا حقه وزعمتم حب النبى وتركتم سنته وقرأتم القـرأن ولم تعملوا به وأكلتم نعمـه الله ولم تؤدوا شكرها وقلتم إن الشيطان عدوكم ووافقتموه وقلتم إن الجنه حق ولم تعملوا لها وقلتم أن النار حق ولم تهربوا منها وقلتم إن الموت حق ولم تستعدوا له وأنشغلتم بعيوب الناس ونسيتم عيوبكم ودفنتم موتاكم ولم تعتبروا .
فنصيحتى لك عزيزى القارىء أن(( تصلح قلبك)).
وفى النهاية أختم مقالتى هذا بقول رسول الله صلى الله عليه و سلم
“ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله ألا و هي القلب ” متفق عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *