أخبار عاجلة

إبراهيم الصياد يكتب.. “بلدي يحاصره التتار..!”

  ” بلدي يحاصره التتار ” هذا هو عنوان القصيدة التي إعتدت ان استمع اليها واتأمل معانيها للشاعر الكبير د. احمد تيمور كتقدمة لمحاضرة د. عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق ” رنين الوطن ” تلك التي تحرك فينا معاني حب الوطن وتجسد الانتماء شكلا وموضوعا وهذه المرة كانت القصيدة والمحاضرة من خلال الصالون البحري المصري الذي غنعقد في مسقط رأسي ” بورسعيد ” حيث حاولت النظر سواء للقصيدة او للمحاضرة برؤية مختلفة لأن بورسعيد لم تأخذ لقب ” الباسلة ” صدفة او اعتباطا انما عن جدارة واستحقاق فقبل نحو ستين عاما  تصدت بورسعيد مفتدية مصر كلها لتتار اخر مختلف عن تتار هولاكو وتيمور لنك تمثل في العدوان الثلاثي على مصر . 
وقبل نحو 49 عاما تصدت بورسعيد مع مدن القناة ومصر كلها لتتار ثان أسمه اسرائيل ألحق بنا هزيمة في عام 1967 لكننا افقنا على وقعها بعد عدوان الخامس من يونيه الغادر ولم نستسلم وقررنا ازالة اثار العدوان وبعده بعام ونيف خضنا حربا كان لها معنى جديدا في الفكر العسكري والاستراتيجي سميت ” حرب الاستنزاف ” خططنا لها ولم يكن احد يعلم انها التمهيد لنصر اكتوبر العظيم في عام 1973 على تتار العصر المتمثل في اسرائيل . 
 وفي ايامنا هذه وقبل سنوات قليلة دخلنا مرحلة جديدة هي جد مختلفة عن كل ماسبق من حقب تاريخية قديمة او حديثة حيث نجد فيها تتارا غير محدد الهوية وهل هو يأتي من الداخل ام من الخارج ؟ تتار لا نجده متمثلا في عدوان عسكري واضح المعالم يهدف الى توريطنا في حرب نظامية تقليدية لكنه يأتي الينا متخفيا محاصرا مستهدفا اسقاط الوطن ليس الوطن المصري فحسب انما هو يسعى في خبث شديد الى إسقاط  الوطن العربي ككل من خلال شن حرب تنتمي لما يسمى بحروب الجيل الرابع توظف من خلالها القوى الناعمة داخليا للعمل في إتجاه مضاد لفكرة البناء والانتماء والاحتشاد والاصطفاف ويكرس بالتدريج  فكرة تأخذنا الى الهدم وعقوق الوطن والاستقطاب وهدم الوعي العام مستخدمة الإعلام التقليدي والجديد وسيلة لتحقيق هذه الاهداف لكن اللواء بحري محمود متولي مؤسس الصالون البحري المصري يفاجأني بمعلومة جديدة – على الأقل بالنسبة لي – في ورشة عمل عقدها المنتدى المصري للإعلام مؤخرا بأن هناك نوعا آخر من الحروب تنتمي لفئة الجيل الخامس يوظف فيها العلم والتكنولوجيا الحديثة في إحداث كوارث تبدو للوهلة الاولى أنها طبيعية أو دعونا نقول إنها  ” قضاء وقدر “. 
 لكن هذه الكوارث  في الحقيقة مخططة ومدبرة وهي تتفق مع الإرهاب في الأهداف وتختلف في التكتيك والتنفيذ ومن وجهة نظري هي نوع التتار الذي يحاصرنا بخبث ودهاء في إطار مخطط يستهدف تغيير خريطة الوطن العربي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتعتمد في تحركها على فكرة التدمير الذاتي لإخفاء معالم الفاعل الحقيقي لجريمة التدمير ومن وجهة نظري نحن أمام تتار اخطر من كل انواع التتر الذي شاهدانه وتعاملنا معه على مر العصور فاذا كان د. تيمور يدق الناقوس ملفتا النظر للخطر المحدق بالامة نتيجة حصار تتار العصر لنا فإن  د. شرف ينبه الى رنين الناقوس الذي  يوقظ في داخلنا الإنتماء وحب الوطن !! 
والسؤال الذي يطرح نفسه كيف نواجه تتار العصر الذي كل يوم يتأكد لنا جدية  حصاره لنا ؟ ربما يرى البعض أن إيقاظ الوعي هو سبيل المواجهة على المستويين الوطني والقومي  حيث ان المخطط الأقرب للمؤامرة يسعى الى تفتيت الأمة خاصة أن كل الشواهد ترسخ من هذه الفكرة منذ عام 2011 بدليل التعامل الدائم معنا بنظرية الكيل بمكيالين او دعونا نقول  إتباع المعايير المزدوجة في ادارة العلاقات العربية الدولية ما يجعل البعض الاخر يعتقد ان مواجهة تتار العصر لايمكن ان يتم إلا من  خلال وجود عمل عربي مشترك . 
إن الخطر المحدق واحد والمصلحة القومية واحدة ومن ثم لا بديل عن اعادة إحياء المشروع القومي العروبي مشيرا في ذلك الى نجاح تجارب وحدوية على المستوى السياسي والاقتصادي وابرز مثال في هذا الخصوص الاتحاد الاوروبي وعلية تتفق الاراء على ضرورة تفعيل العمل العربي المشترك من خلال اعادة هيكلة التنظيم الإقليمي العربي المتمثل في جامعة الدول العربية التي انشئت منذ نحو سبعين عاما في ظروف اختلفت اليوم كلية الأمر الذي يحتاج الى رؤية جديدة توائم بين إمكانات الفعل القومي الحقيقية والمناخ الاقليمي والدولي السائد حتى لا نحرث على مياه البحر او نبني قصورا على الرمال الناعمة !! .
في حين يؤكد رأي ثالث أن التكامل الإاقتصادي أهم من التوحد السياسي بمنطق الستينات والسبيعنات من القرن الماضي لأن الكيانات القوية في عالم اليوم إنطلقت من الفعل الاقتصادي بالاساس وبعد ذلك بلورت كل عوامل القوة الأخرى .
على اي حال اعتقد اننا نحتاج إلى كل هذه الآراء مجتمعة من منطلق أن  الارادة السياسية للعمل العربي المشترك تستلزم وعيا قوميا وتفعيلا للأدوار الذي يوجب توافر عناصر القوة الاقليمية من منظور السياسة والاقتصاد وهما وجهان لعملة واحدة .
في التحليل الأخير سيظل العرب محاصرين بالتتار طالما بعثرت قواهم وهو منطق التعامل مع العصي المجمعة التي يصعب كسرها والعصي المفرقة التي يسهل ليس فقط كسرها انما إلغاؤها وتجاهل وجودها و اتصور أن الحصار لا يجدي مع القوة وانا مقتنع ان توافر عوامل القوة سيؤدي آجلا أو عاجلا الى سقوط  تتار العصر كما سقط من قبل كل من حاول حصارنا عبر التاريخ  !! 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *